الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"شو بدنا نعمل؟!"... البقاعيون أمام معاناة التدفئة

المصدر: "النهار"
معاناة التدفئة في البقاع (مراسل "النهار").
معاناة التدفئة في البقاع (مراسل "النهار").
A+ A-
بعلبك- وسام إسماعيل

أخذ المسنّ أبو أحمد يضرب كفّاً بكفّ مع تكرار زوجته سؤالها الدائم "شو بدنا نعمل بالتدفئة؟ بلّش البرد". يلتزم الصمت، وفي صمته وجع، فحاله حال معظم أهالي منطقة بعلبك - الهرمل.

أيّ كارثة بدأت فصولها مع بدء تدنّي درجات الحرارة، وعلى بُعد أيّام قليلة من بداية فصل الشتاء، الذي سيكون كارثياً حتماً على المواطنين بسبب استمرار الارتفاع الجنونيّ لمادّتي المازوت والحطب، وهما المادتان الأساسيّتان للتدفئة، إضافة إلى احتياجات أخرى من مونة ولوازم مدرسيّة، وسط ظروف اقتصاديّة صعبة وخانقة، تزامناً مع ارتفاع جنونيّ في أسعار السلع بمختلف أنواعها.
 
القلّة القليلة من الأهالي تمكّنت من ملء خزاناتها أو بعضها بمادّة المازوت، بعدما كان من المعتاد تأمينها وتخزينها قبل أشهر من بدء فصل الشتاء خلال الأعوام المنصرمة. لكن الوضع بات مختلفاً هذا العام مع وصول سعر برميل المازوت إلى أكثر من 10 أضعاف، وسعره 140$ أي ما يعادل 2870000 ليرة لبنانية؛ وهو ما يكفي لتدفئة شهر واحد فقط، في الوقت الذي لا تتجاوز رواتب معظم الموظّفين الـ2000000 ليرة لبنانية.
 
كذلك انعكس الأمر أيضاً على سعر الحطب الذي كان بديلاً للفقراء، والذي لم يعد متيسّراً، وارتفع بنسبة 10 أضعاف الأسعار السابقة (بلغ سعر الطن الواحد 3000000 ليرة لبنانية، وحاجة العائلة في العام الواحد لا تقلّ عن أربعة أطنان)، باستثناء اصحاب الأشجار المثمرة الذين ضحّوا بمواسمهم ليلجأ البعض منهم إلى تقطيعها بهدف تأمين التدفئة لأشهر قليلة، أو قطع شجرة حرجيّة كانت تظلّل منازلهم، إذ لم يعد أمامهم من خيارات أخرى فيما الطبقة الفقيرة، التي ارتفعت نسبتها، وبلغت 80 في المئة من سكّان المنطقة، باتت عاجزة عن إيجاد حلّ، ولم يعد أمامها سوى تفويض أمرهم للأيام المقبلة.
وفي الإطار، يعلّق البعض آماله على المازوت الإيراني، الذي استقدمه "حزب الله"، بعد أن تلقّوا وعوداً بتوزيعها بالمجان على الطبقة الأكثر فقراً، وبيعها بسعر أقلّ بنسبة 10 في المئة من سعرها الرسمي لباقي المواطنين، وهو ما يساهم في تخفيف القليل من المعاناة من دون حلها؛ فحاجة الأسرة الصغيرة في اليوم الواحد محدّدة بنصف تنكة بالرغم من التقشّف والاقتصاد، واقتصار التدفئة على غرفة منزليّة واحدة، أي ما يُعادل 135000 ليرة لبنانيّة، في الوقت الذي لا يتعدّى أجر العامل اليوميّ الـ70000 ألف ليرة كحال المواطن علي عثمان، الذي لجأ إلى بيع آخر ما يملك من ذهب يعود لزوجته لشراء برميل واحد من المازوت، فيما شقيقه حسين استغنى عن بندقيتَي صيد لشراء مادة المازوت التي تكفيه لشهرين فقط، خصوصاً أنه رزق بمولود حديث إلى جانب أطفاله الثلاثة.
 
المسِنّة منى برهان لا تتوقّف معاناتها على عدم تأمينها المادة، فهي لن تتمكّن من شراء مدفأة بعد أن بلغ سعرها مليونَي ليرة، وهو المبلغ الذي لا تملكه، فيما مدفأتها الكهربائيّة مركونة في زاوية المنزل، لأن الكهرباء ما بتطلّ إلا طلّة، وتغيب. أمّا اشتراك الكهرباء فلا عمل لها به سوى إنارتها لمبة واحدة، كان جيرانها قد عمدوا إلى إمدادها بخطّ.
 
البقاعيّون أمام معاناة التدفئة، وهم بين انقطاع المازوت وغلاء الحطب وتردّي الأوضاع المعيشية، وتراجع القدرة الشرائية للأسرة، يتطلّعون إلى دولة تضع حدّاً لمعاناتهم، في وقت لا يملكون خياراً يقيهم الجوع والبرد.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم