الأربعاء - 17 نيسان 2024

إعلان

قرار الإقفال ضربة موجعة للمياومين... "من يُطعم أبناءنا ويدفع بدلات الإيجار؟"

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
إقفال مع استثناءات "والعترة عالفقير" (تعبيرية- مارك فياض).
إقفال مع استثناءات "والعترة عالفقير" (تعبيرية- مارك فياض).
A+ A-
 
بين الموت مرضاً أو الموت جوعاً بالتزام المنزل لتحاشي الإصابة بفيروس كورونا، عاشت الغالبية العظمى من اللبنانيين الذين وجدوا أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر، إلى أن صدر قرار وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي بشأن الإقفال العام، كخطوة في مواجهة الفيروس المستجد الذي خرج عن السيطرة وبدأ بالانتشار في كل مكان.

"ضربة موجعة"
 
كأنه لا يكفي اللبناني الأزمة الاقتصادية التي يعيشها وارتفاع سعر صرف الدولار وما ترافق معه من ارتفاع الاسعار وتسريح عدد كبير من الموظفين لينضموا إلى قائمة البطالة التي تطول كل يوم، حتى وصل كورونا إلى لبنان ليزيد الطين بلّة. وعلى الرغم من إقفال البلد سابقاً في محاولة لوقف انتشار الفيروس إلا أن الأمر لم يفلح واستمر عدّاد الاصابات بالارتفاع، ما دفع المسؤولين إلى السير في الطريق الصعب على المواطنين، ليبدأ الاقفال الثاني الذي لم يطاول كل القطاعات حيث استثني منه المطار ومراكز تحويل الاموال والمصارف، السوبرماركت والافران والمطاحن وبائعو الخضار والفاكهة وغيرها، لتكون "الضربة الموجعة" على المياومين الذين لا يمكنهم تأمين قوت يومهم من دون ممارسة عملهم.

محاولات الالتفاف على القرار

التشدد هذه المرة من قبل القوى الامنية بناء على قرار وزير الداخلية أكبر من المرة السابقة، حيث تجرأ عدد من أصحاب المحال خلال الاقفال الاول على الاستمرار في العمل مع إغلاق الباب الرئيسي، إلا أن عدداً قليلاً منهم يقوم بذلك الآن، فالخوف من تسطير محضر ضبط بحق المخالف الذي بالكاد يجني ما يمكنه من تأمين طعام لعائلته يحول دون ذلك، ما دفع البعض إلى ابتكار وسائل "التفاف جديدة" منها محل لبيع التبغ والتنباك والأراكيل الذي بات يوصل بضاعته دليفيري إلى المنازل، وكذلك بعض الحلاقين الذين واصلوا عملهم من خلال قصد منازل زبائنهم، والميكانيكي الذي يقصد الزبون لإصلاح ما تعطل عنده.

إقفال "كارثي"
بعض المواطنين يمكنهم تسيير أمورهم، لكن يوجد من يخشى مخالفة القانون، فجلس في بيته وليس أمامه سوى الدعاء كي لا يجوع وعائلته، منهم هيثم صاحب محل لتصليح السيارات في بيروت الذي أكد لـ"النهار" أن "ارتفاع سعر صرف الدولار وحده كان كارثياً علينا، فكيف مع الاغلاق"؟! وأضاف: "لا أتجرأ على مخالفة القرار، فأنا لا أملك المال لدفع قيمة المحضر، لذلك أفضّل أن أبقى في البيت وأن أطعم أولادي الاربعة العدس والارز، فحتى استدانة المال عند الحاجة باتت من الماضي فكل معارفي في ذات الحال، وكما كان الاقفال الاول كارثياً علينا هو كذلك الآن، إذ أفكر في الليل والنهار في كيفية تأمين بدل إيجار المنزل والمحل، وبالنسبة لي، كورونا أرحم مما نعيشه، فليتراجعوا عن الاقفال الذي لن يغير شيئاً على الارض سوى زيادة فقرنا وحاجتنا".

"نصف" إقفال
إذا كان هيثم يخشى فتح محله، فإن طارق الذي يعمل في كهرباء السيارات في إحدى بلدات الضنية يغلق كما قال لـ"النهار"، "نصف واجهة المحل وأكمل عملي كالمعتاد، وكذلك حال جيراني، وأؤكد أنه لم تمر أي دورية من القوى الأمنية حتى الآن، وقد اتفقت مع أبناء الحي على التواصل عبر مجموعات الواتساب لإبلاغ بعضنا البعض في حال فكر عناصر من الامن فرض القرار على الارض". أضاف: "ليس أمامنا حل آخر، فبين الفقر والموت يخيروننا وأنا افضل أن أفارق الحياة بكرامة على أن يجوع أولادي وأنا على قيد الحياة، فهل سيدفع المسؤولون لي؟! في الدول الاوروبية يطلبون من الناس التزام بيوتهم إلا انه في المقابل تلتزم الدولة بواجباتها وتقدم لهم المال والمأكل والمشرب".

قرار "عشوائي"
وفي طرابلس، أغلقت "أم طلال" محل بيع ملابس الاطفال حيث شرحت لـ"النهار": "ما إن بدأت أشعر بحركة بيع منذ حوالي الاسبوعين واشتريت بضاعة لتنشيط العمل حتى صدر قرار وزير الداخلية، نعم أتفهم حال المستشفيات وعدم قدرتها على استيعاب المزيد من المصابين بالفيروس المستجد إلا ان ما يسبب انتشاره ليس المحال التي يكاد يدخلها في اليوم بضعة زبائن، فلننظر إلى القطاعات التي استثنيت من القرار كالسوبرماركت التي يقصدها في اليوم المئات، وأؤكد ان هذا القرار غير مدروس وعشوائي، طاول الطبقات الفقيرة فقط، وأنا لدي إيجار منزل ومحل ومصاريف: كيف لي أن أعيش إذا جلست في البيت؟!".

نفق مظلم

مروحة المتضررين من قرار الاقفال لا تقتصر على اللبنانيين، فياسر (فلسطيني الجنسية) يسكن في عكار ويعمل في طلاء المنازل توقف عمله ليجد نفسه بين أربعة جدران، وقال: "أنا والد لثمانية أبناء، بسبب الازمة الاقتصادية تراجع عملي إلى النصف ومع كورونا إلى 75 بالمئة ليأتي قرار الاقفال ويكون الضربة القاضية"، وشرح: "ما إن باشرت العمل في مشروع سكني حتى توقفنا لأجد نفسي أنازع في التفكير بكيفية إطعام أبنائي، أنتظر أن تمر الايام ويطرق بابي الفرج، الحالة صعبة جداً، نحن نعيش في نفق مظلم تزداد عتمته مع الأيام".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم