السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

فؤاد سليمان صوتُ "النهار" الصارخ قبل 70 سنة

المصدر: النهار
فؤاد سليمان صوتُ "النهار" الصارخ قبل 70 سنة
فؤاد سليمان صوتُ "النهار" الصارخ قبل 70 سنة
A+ A-
 
فيما لبنان اليوم عاجزٌ بين حكومة غائبة عن إِنقاذ اللبنانيين، ومجلس نواب عاجز عن التشريع إِجماعًا لإِراحة اللبنانيين، وعشية انتخابات نيابية قريبة يتمطَّى لأَجلها تشكيلُ الحكومة لحساباتٍ بوانتاجيَّة أَنانية في مواقف السياسيين ولو هلكَ معظم الشعب اللبناني، يعود إِلينا صوتُه قبل 70 عامًا كأَنه بيننا اليوم، يكتُب لــ"النهار" اليوم، ويُرعِد صوتُه ضد الحكومة ومجلس النواب كأَنه يكتب عن حكومة اليوم ومجلس اليوم.
إِنه فؤَاد سليمان (1912-1951) الأَديب العاصف الذي كانت زاويته "صباح الخير" تتصدَّر الصفحة الأُولى من "النهار"، يطلُّ منها على قرَّائه بتوقيع "تموز"، فينطُق عنهم بقلمه الذي من زنبق ونار.
في العام السبعين لغيابه القاهر (1951-2021)، نتذكَّره اليوم بمقال كتبَه لـ"النهار" قبل 70 عامًا، وما زال اليوم نابضًا في صَبِّ سخطه على الحكومة ومجلس النواب. وهنا مقاله. 
نوَّاب لزيادة العدد
عجِبتُ لمجلس النواب في لبنان: كلُّ ما فيه دلال. يَحرسُه الله كم دلَّل نفسَه بين الأُمم. كأَنه وحدَه في الأُمم. وحدَه. وكم غنَّجَتْهُ أُمه. وحيد أُمه يَحرسُه الله، فما هزَّت قضيبًا في وجهه لتقول له: "أُسْكُت يا ولد، اسْكُت".
البارحة، عجيبةَ العجائب كانت: حَردَ الطفل المدلَّل. هدَّدَ وتَوَعَّد، فكانت حكومةٌ في لبنان من تسعة وزراء، رُبْع مجلس النواب اللبناني إِلَّا قليلًا. عجيبة العجائب في العالم. وفي أَلْسِنة الناس شائعةُ أَن يَنضَمَّ إِلى الحكومة وزيران.
ويتحدَّث الناس كذلك عن زيادةٍ في مجلس النواب العتيد، فينعم الناس بالخير والعافية ويَشبَعون.
يا ويلَنا من التاريخ يومَ يُسجِّل التاريخُ علينا جميع حكاياتنا.
يا ويلَنا من أَولادنا يومَ يقفون معنا وجهًا إِلى وجه ويسأَلونَنا: "لماذا هَزَلْتُم بينما الناس يَجُدُّون؟ أَهكذا تَبْنُون الأُمَم"؟
يا ويلَنا من التاريخ! أَلا يكفي ما عندنا من الرُؤُوس حتى تَجيئُونا برُؤُوسٍ جديدة؟
لو كانت للخير تَجيْءُ لَقُلْنا "اللهُمَّ زِدْ وبارِكْ". لكنها لِغَير الخير تَجيْء. هي تَجيْءُ للدَلال والاستغلال، لأَكْل المال من الحرام والحلال.
يكفينا الذين جاؤُوا فَنَهَبُوا وَوَهَبُوا وناموا وعاموا.
إِذا أَردتُم خيرًا فَرُدُّوا هؤُلاء إِلى بيوتهم، وأَنتم تعرفونهم. رُدُّوهم إِلى حيث يجب أَن يكونوا في زوايا بيوتهم يُقَفْقِفُون على المواقد. مِثْل هؤُلاء يجب أَلَّا يكونوا في مجلس لبنان.
الخيرُ هنا أَولًا: في رَدِّ هؤُلاء إِلى قَرَانيهم. أَنْزِلوهم عن صُدُور الشعب. مات الشعب منهم، وهُم جاؤُوا غَصبًا وقهرًا. 
هؤُلاء، أَيها السادة، عارٌ على الشعب. 
 وبعد، فَكِّروا بالوُجوه الجديدة، وجوه خيِّرة كريمة نافعة مُـخْلصة مُؤْمنة نبيلة تَحلُّ مكان الوجوه العتيقة البالية.
مدُّوا أَيديكم إِلى الشباب ولا تحاربوه، ففيه وحدَه وجْهُ الحق والكرامة.
فؤَاد سليمان
"يا أُمَّتي إِلى أَين"؟ - "الشركة العالمية للكِتَاب" و "دار فؤَاد سليمان للطباعة والنشْر" 
الطبعة الأُولى، 2001 ، ص 163-164
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم