الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

"Medonations" مبادرة شبابية لتوفير الأدوية للمتضرّرين... مارينا الخوند ابنة الـ19 عاماً تختزل عزيمة طلاب لبنان

المصدر: "النهار"
مجموعة من الشابات من فريق "Medonations".
مجموعة من الشابات من فريق "Medonations".
A+ A-
 
كتبت: ترايسي دعيج
 
 
بعد مرور أكثر من 40 يوماً على انفجار بيروت المدوّي، لم يلتحم الجرح، ولم تختفِ من الأذهان الصورة الموجعة. وعلى أثر مسح الأضرار واتضاح حجم الكارثة، تأكّدت أكثر فأكثر ضرورة المساعدة، وعدم التوقّف عن مدّ اليد. توزّعت المهمات على المجتمع المدني، وغيره من المنظّمات والجمعيات، فتولّى جزء الاهتمام بالكشف عن الأضرار في الأبنية، وقسم آخر كرّس وقته لجمع المساعدات الغذائية وتوزيعها.
 
في هذا السياق، تبنّت مبادرة "Medonations" الاهتمام بالأدوية ومعاينة أهل البيوت المتضرّرة، بخاصة في ظل شحّ المواد الطبية في لبنان جرّاء الوضع الاقتصادي المترهّل. وتحدثت صاحبة المبادرة، الطالبة في كلية الحقوق في جامعة الحكمة، البالغة من العمر 19 عاماً، مارينا الخوند لـ"النهار" عنها، فقالت: "انطلقنا بشكل عفوي مع 6 صبايا في البداية لإزالة الركام. فالحاجة على الأرض لم تكن تقتصر فقط على إزلة الزجاج أو تنظيف البيوت. أعطيت رقمي في سياق النهار لسيدة عجوز واتصلت بي طالبةً دواء للربو، فسرعان ما تذكرت والدتي التي تعاني هذه المشكلة الصحية نفسها، ولم أستطع التغاضي عن طلبها، بخاصة بسبب كثافة الغازات السامة والملوثة في الهواء، فرحت أبحث عن هذا الدواء في الصيدليات، وهنا وقعت المشكلة".
 
 
 
تتابع الشابة النابضة بالحياة: "فالأزمة الاقتصادية أدّت إلى التضييق على التجار مما أعاق تحويل الأموال إلى الخارج، ونتج عنه شح في الأدوية المزمنة، وانقطاع قسم كبير من المستلزمات الطبية الأساسية في المستشفيات". 
 
استعانت خوند بمواقع التواصل الإجتماعي ولاقت تفاعلاً كبيراً. ففي يومٍ واحد تبرّع أحد الصيادلة بمخزون الأدوية عنده لمساعدة العائلات والأشخاص المشرّدين. انطلقت المبادرة في زيارتها المنازل ورصد الحاجات، بخاصة الطبية منها: "كنّا نقرع بيوت الناس ونستمع إلى حكاياتهم، نتشارك معم همومهم. وفي نهاية النهار نعود إلى منازلنا منهمكين، متعبين".
 
وتتابع: "نحن جيل لم يتعوّد على هذا الكم من الوجع، الجميع فقد كلّ شيء، كنّا نفرح في داخلنا عندما يردد أغلب الناس على مسمعنا "لو ما انتو الشباب لكنّا فقدنا الأمل".
 
يبقى الأمل عند هؤلاء المتضررين بالشباب اللبنانيين المندفعين، لبقائهم وصمودهم أمام إجرام السلطة وإهمالها. لم يكن سهلاً على فريق "Medonations" مواكبة حاجات الناس على الأرض وتلبيتها. تروي مارينا إحدى أكثر الحالات المؤثرة التي صادفتها: "زرنا امرأة تقطن في منزلٍ تراثي مدمّر، واللافت أنّه عند مجيئنا، لم ترحّب بنا بداية، رافضةً أي وعود كاذبة"، وفق قولها. "ولكن في اليوم الثاني بعد عودتنا إليها وتقديمنا مساعدة مالية، راحت تصرّخ معبرةً عن غضبها طالبةً منّا نحن الشباب مغادرة البلد، وقالت "مش حرام يعملو هيك فيكن؟ انتو ولادي وأنا خايفي عليكن وما بقا تبقوا بهل بلد".
 
 
تعاونت هذه المبادرة مع الجاليات اللبنانية في الخارج، ما أثمر تقديم المساعدات الطبية إليها، فكان الخوف يسيطر على الفريق في بداية الأمر من الوقت الممكن أن يستغرق العمل لإيجاد الأدوية لـ22 عائلة في المرحلة الأولى.
 
انهالت التبرعات من مختلف البلدان، بحيث قدّم أحد المغتربين في فرنسا 20 كيلغ من الأدوية، وتطوّعت إحدى الطبيبات الموجودات في البرتغال بجمع المساعدات والأدوية المقطوعة واستطاعت تأمين 13 كيلغ من الأدوية حيث زارت للمرة الأول في لبنان وعاينت المرضى وتفقّدت الجرحى. وأشارت خوند إلى أنّ "هذه الطبيبة لمست معنا الألم، كما الدموع وامتنان الناس من المبادرات الصغيرة ووقفة الخاطر ".
 
تكلّفت جهات من البحرين بتغطية نفقات مصاريف عائلات لا تملك أي مدخول لمدة سنة، كما استطاعت مبادرة "ميد دوناشن" تغطية تكاليف عمليتين جراحيتين لمرضى جرّاء الانفجار.
 
 
وتتيح صفحات "فايسبوك" و"انستغرام" التابعة لـ"Medonations" الفرصة أمام كل شخصٍ يرغب في التبرع، كما يمكن الاتصال على الرقم التالي: 76072936 
في بلدٍ يتنازع حكّامه على الحصص والكراسي، يندفع الشباب التواقون إلى أرض الميدان متسلحين بإبتسامتهم العريضة، التي تتلطى خلفها هموم وأسئلة كثيرة تجعلهم يبحثون عن سبيل للنجاة من سفينة الموت. 
 
قسم من هؤلاء الشباب قرّر الهجرة بحثاً عن مستقبلٍ ومكان أكثر أمان. أما قسم آخر فقرر البقاء والصمود آملاً بإحداث تغيير ضئيل. ولكن يبقى السؤال، هل نحارب طواحين الهواء؟ وهل "غداً يوم أفضل" جملة رنّانة نردّدها للمضي برغم الجرح والتأقلم مع الواقع؟ 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم