الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

اللاجئون الفلسطينيون تائهون بين الأرقام والوكالات... الراعي لإعادةِ انتشارِهم في دولٍ قادرةٍ على استيعابِهم

المصدر: "النهار"
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
للمرة الاولى، يطرح البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي مشروعَ إعادة انتشارِ اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان على دولٍ قادرة على تأمين حياةٍ إنسانيّة كريمة لهم، وذلك بعدما تنصّل الجميع من قانون "حقّ العودة".

وطالب في كلمة له السبت "الأسرة الدوليّة بالتخفيف عن كاهل لبنان المرهق إقتصاديًّا ومعيشيًّا، من خلال إيجاد حلٌّ نهائيٌّ لوجودِ اللاجئين الفلسطينيّين والنازحين السوريّين على أرض لبنان. فالمشاعرُ الإنسانيّةُ والأخويّةُ التي نَكُـــنُّــها لهذين الشعبين الشقيقين، لا تُلغي التفكيرَ الوطنيَّ بمصلحةِ لبنان. لا يمكن القبول بأنّ أطرفًا عديدةً، لاسيّما على الصعيدِ الدُوليِّ، تَعتبر اللاجئين والنازحين واقعًا لا بُدَّ من التكيّفِ معه إلى حدِّ الدمجِ والتوطينِ والتجنيس. فكيف تدّعي هذه الدولُ حرصها على استقلال لبنان واستقراره، وتعمل على ضرب وحدته؟ هذا منطقٌ تدميريٌّ يؤدّي حتمًا إلى تقويضِ وِحدةِ لبنان، ويَفرِضُ علينا التصدّي له إنقاذا لكيانِ لبنان ودستورِه الحاليّ وصيغتِه الميثاقية.

واردف "صحيحٌ إنَّ التجديدَ اخيرا لوكالةِ اللاجئين الفلسطينيّين "الأونروا" وتمويلَها أمران ضروريّان لكنهما غيرُ كافيَين. لم يَعُد المطلوبُ إدارةَ وجودِ اللاجئين الفِلسطينيّين في لبنان بل السعي الجِدّيِ إلى حلِّ هذه المسألة، خصوصًا بعد أن تَنصَّلَ الجميعُ من قرارِ "حقِّ العودة". فإسرائيل لا تَرفض فقط عودةَ اللاجئين بل تُشرِّدُ يوميًّا الفِلسطينيّين المقيمين في الضِفّةِ الغربيّةِ وقطاع غزّة. لذلك وَجَبَ على الدولةِ اللبنانيّةِ أن تقومَ بجُهدٍ استثنائيٍّ من خلالِ التفاوضِ مع السلطةِ الفِلسطينيّةِ والجامعةِ العربيّةِ والأممِ المتّحدةِ والدولِ الكبرى حولَ مشروعِ إعادةِ انتشارِ اللاجئين في دولٍ قادرةٍ على استيعابِـهم ديموغرافيًّا وتأمينِ حياةٍ إنسانيّةٍ واجتماعيّةٍ كريمةٍ لهم.

وكلام الراعي جاء ربطاً بتجدد الكلام عن التوطين كلما اثير موضوع التنقي عن الغاز والنفط، واعتبار المضي به وانقاذ الاقتصاد اللبناني مربوطا بقبول توطين الفلسطينيين اولا، وربما السوريين تاليا.

وكان سجال احتدم في شأن مصير "الأونروا" منذ كلام للمفوض العام للمنظمة فيليب لازاريني في نيسان قال فيه إن أحد الخيارات التي يجري استكشافها حالياً لتخفيف الاعباء المتراكمة على الوكالة نتيجة أزمة التمويل، هو زيادة الشراكات داخل منظومة لأمم المتحدة إلى أقصى حد، "ليكون ممكناً تقديم الخدمات نيابة عن الأونروا وتحت توجيهها".

مذذاك، اتخذ التصريح أبعاداً سياسية وأثار تكهنات، وذهب البعض الى الحديث عن احتمال نقل صلاحيات "الاونروا" الى الدول المضيفة، خصوصا ان الوكالة تعاني نقصا في التمويل يتخوف البعض من ان يكون مقصوداً لتصفيتها.

لكن لازاريني نفى نفياً قاطعاً كلاماً منسوباً اليه عن اقتراح لتكليف الدول المضيفة بعض مهمات الوكالة. وقال لـ"النهار العربي" إنه وجه رسالة الى الفلسطينيين في نيسان وصف فيها الوضع الذي تواجهه الوكالة وعدم استدامة التمويل، وخصوصاً أن الأزمة التي تتراكم منذ 10 سنوات قوضت قدراتهاعلى توفير الخدمات. وجدد اقتراحه تحقيق شراكات، لحماية حقوق الفلسطينيين.

وأضاف: " ذكرت في رسالتي، أن وكالات الأمم المتحدة الأخرى يمكن أن تقدم الخدمات نيابة عن الأونروا ، لم أكن أعني بدلاً من الأونروا، ولكني كنت أشير باستمرار إلى الشراكة مع وكالات الأمم المتحدة، تماشيا مع المادة 18 من القرار 302".

وتحدث لازاريني عن فترة صعبة للغاية بالنسبة للأونروا وهي فترة مؤلمة للغاية بالنسبة للاجئي فلسطين. وقال: " أزمة التمويل للمنظمة ليست جديدة، إلا أنها في السنوات القليلة الماضية، وعلى الرغم من جهود التوعية وجمع التبرعات الهائلة، فإن الموارد المتاحة قد أصيبت بالركود، فيما الاحتياجات وكلفة العمليات في ازدياد "، مما اضطر الوكالة الى العمل بفجوة تمويلية مالية قيمتها 100 مليون دولار.

وفي وقت تتناقض الارقام عن اعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بين رقم "رسمي" اطلقته لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني برئاسة الوزير السابق حسن منيمنة قبل سنوات قليلة وهو 175 الفا، وبين رقم يراوح ما بين 450 الفا و500 الف تؤكده منظمات الامم المتحدة ومعها الامن العام اللبناني الذي لا يقدم ارقاما دقيقة لكنه يشكك في الرقم الرسمي، يبقى ان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يكابدون البؤس وآلام اللجوء وحالات القهر وارتفاع نسبة الفقر والبطالة ويتوهون ما بين الارقام والاعداد والحاجات والحسابات السياسية.

وفي تقرير لوكالة "الاناضول"، يشكو لاجئون فلسطينيون في مخيم برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية، عدم استطاعتهم تحمل تكلفة أكثر من وجبة واحدة يوميا، وسط أوضاع اقتصادية صعبة يمرون بها جراء ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية.

اللاجئون الفلسطينيون، الذين يمنعهم القانون اللبناني من ممارسة أغلب المهن، هم من بين الفئات الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية المستمرة في لبنان.

ويوجد 12 مخيما للاجئين الفلسطينيين في لبنان، يعيش فيها ما يقرب من 200 ألف نسمة، تحت رعاية الأمم المتحدة في مناطق متفرقة من البلاد.

وعلى الرغم من أن معظم اللاجئين الذين يعيشون في المخيمات ولدوا وتعلموا في لبنان، فإنهم لا يستطيعون العمل في أي نقابة مهنية خارج المخيم، لعدم تمتعهم بحقوق المواطنة.
وقال أحد الفلسطينيين في لبنان إنه حاول الهجرة إلى أوروبا مرات عدة، إذ استدان 7 آلاف دولار، ولكنه لم ينجح.

طبيبة الأسنان إميليا حبيب، وُلدت ونشأت في مخيم برج البراجنة وتعمل منذ 30 سنة في مركز صحي داخل المخيم، أفادت أنها رغم تلقيها تعليمها في لبنان، إلا أنها لا تستطيع العمل في اختصاصها أو فتح عيادة خارج المخيم، مثل زملائها اللبنانيين.

وأوضحت أنه بحسب القانون اللبناني، لا يُسمح للأطباء الفلسطينيين اللاجئين بالعمل خارج المخيمات، مشيرة إلى أن "أجرة الطبيب داخل المخيم تختلف عنها خارجه، بسبب الفقر في جميع مخيماتنا".

وتابعت: "الأطباء الفلسطينيون يغرقون حاليا في بحر إيجه (غرب تركيا)، وهم يحاولون الهجرة إلى أوروبا من أجل حياة أفضل".

وقال إيهاب توتنجي، رئيس "مؤسسة غوث للتنمية البشرية" التي تقدم المساعدات للاجئين في المخيم بدعم من دول مختلفة، وخاصة تركيا، إن وضع اللاجئين مؤسف في جميع مجالات الحياة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم