الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

التقرير السنوي لمؤسسة قصير لعام ٢٠٢١: تداعي الهياكل الأساسية لحرية التعبير

المصدر: "النهار"
مؤسسة سمير قصير.
مؤسسة سمير قصير.
A+ A-
أفاض التقرير السنوي لمؤسسة سمير قصير لعام 2021 في استخدام الاستعارات لوصف الهياكل الأساسية والبنى التحتية لوصف واقع حرية التعبير، غير أنه لم يلجأ إلى المواربة ولا إلى إخفاء الحقائق. ففي سياق معالجته لحرية التعبير بشكل أساسي، جاءت التلميحات إلى الطُّرق، والأعمدة، والأنفاق، والمسارات توصيفاً لواقع ملموس وقائم على أسس متينة. في الحقيقة، لربّما ليس من وصف أكثر ملاءمةً للعام 2021 من عنوان تداعي الهياكل. فالعالم برمّته يرزح اليوم تحت آثار جائحة كوفيد-19، وتفاعلات حركة "حياة السود مهمّة"، والتمرّد في مبنى الكابيتول الأميركي، والجرائم الإسرائيلية ضدّ الحرّيات المدنية الفلسطينية. في هذا الإطار، يبدو أنّ النظام العالمي في ترنّح، في ظلّ اهتزاز أُسس الأنظمة الديمقراطية التي كانت تنعم يوماً بالاستقرار، وتهاوي الحقائق الراسخة تحت ثقل سنة أخرى مليئة بالاضطرابات.

في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سُجّلت أحداث عدة سيكون لها تبعات دائمة على الحرّيات الفردية والمدنية. فمن المحتمل أن تؤدّي قرارات رأس السلطة في تونس، بعد تعليق الرئيس قيس سعيّد لعمل البرلمان وصرفه رئيس الوزراء هشام المشيشي، إلى عكس مسار التقدّم الديمقراطي الذي كان قد انطلق عام 2011. وفي الأردن، تمّ توقيف ثمانية عشر شخصاً نتيجة ما سُمّي محاولة انقلاب فاشلة ضد الملك عبد الله. أما في فلسطين، فقد فضحت الانتفاضة التي اندلعت في حيّ الشيخ جرّاح في القدس حجم تأثير وحشية الاستعمار الإسرائيلي والعدوان العسكري الممنهج على سلامة الصحافيين، والناشطين، والمحتجّين الفلسطينيين، وعامة السكان في المنطقة.

في لبنان، طغت الاشتباكات بين مناصري القوى الطائفية على المشهد العام، كذلك عودة ظاهرتي الاغتيال الجسدي والاغتيال المعنوي لشخصيات عامة بارزة، والانهيار الاقتصادي الجسيم، والجمود السياسي. ففي خضمّ التحقيقات حول انفجار مرفأ بيروت، ساهمت اشتباكات الطيّونة في 14 تشرين الأول 2021 في تأجيج الخطاب الطائفي، ممّا غذّى بدوره أجندة حزب الله الرامية إلى عسكرة الخطاب العام. جديرٌ بالذكر أنّ اشتباكات 14 تشرين الأول المسلّحة كانت قد جرت بين مقاتلين مؤيّدين لحزب الله وآخرين معارضين له في منطقة الطيّونة في بيروت، بعد سعي حزب الله إلى نزع الطابع الشرعي عن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. إلى جانب ذلك، تمّ اغتيال المفكّر والناشط لقمان سليم، أحد منتقدي حزب الله المعروفين منذ سنوات، في الثالث من شباط.

في هذا السياق، أجرت مؤسسة سمير قصير تحليلاً شاملاً لخطاب الكراهية الذي استهدف معارضين سياسيين ومجموعات أو أقلّيات مهمّشة في لبنان، كما دقّقت بعناية في المحاولات الخبيثة المبذولة من أجل تشويه سمعة شخصيات إعلامية وعامة وتجريدها من شرعيتها. ترافق هذا الأمر مع نشاطات المؤسسة في مجال رصد الانتهاكات ضدّ الصحافيين، وبناء قدرات وسائل الإعلام البديلة، وتمكينها، وتعزيز نطاق تغطيتها، وتقييم تغطية الحرّيات الدينية في المنطقة، ودراسة نظرة الشباب إلى الإعلام المستقلّ في تونس، والمغرب، والأردن، وفلسطين.

على الرغم من كل الأوضاع الضاغطة، أكدت مؤسسة سمير قصير مجدداً التزامها لغة الثقافة والفنون، فأقامت النسخة الثالثة عشرة من "مهرجان ربيع بيروت" السنوي. شكّل المهرجان عام 2021 فرصة لتكريم فنانين لبنانيين مميّزين من جيل الشباب. كما توّج المهرجان مجهود المؤسسة في مجال تصميم السياسات الثقافية، علّها تساهم في بناء – بالعودة لاستعارة الهياكل – جسور تتخطى المطبات والحفر التي طبعت مسار العمل العام في لبنان.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم