الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

الأزمات في لبنان تضرب دور الرعاية... مصير مهدَّد ومصارعة للبقاء

المصدر: النهار
أسرار شبارو
أسرار شبارو
أطفال في الشهر المبارك. (تعبيرية. الصورة عن "أ.ف.ب").
أطفال في الشهر المبارك. (تعبيرية. الصورة عن "أ.ف.ب").
A+ A-
رمضان هذا العام في لبنان ليس ككل الأعوام، فعلى الرغم من الأزمات التي لا تنتهي في هذا البلد، إلا أن الشهر الفضيل حلّ أخيراً وسط "كارثة" أزمات، على رأسها ارتفاع سعر صرف الدولار وما نتج عنه من ارتفاع خيالي للأسعار، كبّل قدرة اللبنانيين على تأمين قوت إفطارهم.
 
جمعيات عدة ومبادرات فردية انطلقت في مختلف المناطق، علّها تتمكن من سدّ ولو جزء بسيط من حاجات عائلات تئن من الجوع، ومع هذا يتعفف معظمها عن طلب المساعدة، محاولة حصر مأساتها داخل جدران منزلها، لكن في الوقت عينه هناك دور رعاية اتخذت على عاتقها منذ زمن تحمّل مسؤولية المئات من الأشخاص، وتقديم كل ما يحتاجونه من طعام وشراب وكساء، فكيف وضعها اليوم بعد كل الذي يمر به لبنان؟ هل ما زال بإمكانها الصمود أم أنها تصارع للسير في طريق الخير الذي اختارته؟
 
معاناة من مشكلات كبرى
 
رئيسة المجلس الوطني للخدمة الاجتماعية، نائبة المدير العام في دار الأيتام الإسلامية، سلوى الزعتري أكدت لـ"النهار" أن كل المؤسسات الاجتماعية في لبنان التي تهتم بالأيتام وكبار السن والمعوقين تعاني مشكلات كبرى لسببين، أولاً: الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد، لا سيما ارتفاع سعر صرف الدولار وانعكاسه على القدرة الشرائية، وتالياً خسارة المؤسسات من إمكانياتها لتأمين أو توفير حاجيات من ترعاهم، ثانياً: معظم المؤسسات الاجتماعية التي تنضوي تحت المجلس الوطني للخدمة الاجتماعية هي مؤسسات لديها عقود مع وزارة الشؤون الاجتماعية، حيث تساهم الدولة بنحو 30 في المئة من موازنة هذه المؤسسات، لكن للأسف مرّ عام 2020 وإلى الآن لم تحصل على مستحقاتها مقابل الخدمات التي قدمتها، لذلك تعاني المؤسسات مشكلات كبرى مالية وصعوبات وتحديات كبرى كي تتمكن من متابعة مسيرتها الإنسانية، سواء كان ذلك في رمضان او باقي أشهر السنة".
 
اللائحة تطول
 
أكثر ما أثر على "دار الايتام الإسلامية" كما قالت الزعتري: "الكلفة المرتفعة على تشغيل الخدمات، كل شيء ارتفع سعره، الطعام، الشراب، مستلزمات القرطاسية، الطباعة، التصوير، المازوت، الكهرباء، أي عطل في المؤسسة يكلف مبلغاً ضخماً، فلدينا على سبيل المثال محطات تكرير المياه، ومولدات كهرباء ومولدات للانارة، كما أن كلفة الطبابة والاستشفاء أصبحت لا توصف، ونواجه صعوبات كبيرة في ما يتعلق بالدواء، لا سيما الادوية المزمنة لاصحاب ذوي الإعاقة التي يصعب تأمينها، وهناك من يحاول المساعدة الا ان عوائق المساعدة كبيرة، فالناس لا يمكنها الحصول على أموالها من المصارف، كما ان المبالغ المستحقة للمؤسسات من الدولة فقدت قيمتها الشرائية، مع العلم ان الدولة تدفع مصاريف عن كل ولد 6000 ليرة يومياً وعن المعوق 20 الف ليرة، فما الذي يمكن تقديمه لهم بمبلغ كهذا؟ وهل يكفي للرعاية الشاملة من الملبس والدراسة والتعليم وتنمية المواهب والطبابة وغيرها"؟
 
أعباء إضافية
 
وأشارت الزعتري إلى أنه "في ظل جائحة كورونا أضيفت أعباء على المؤسسات، متعلقة بالوقاية والتعقيم، وكلفتها مرتفعة، كما هناك موضوع التلقيح، نحن كجهاز عامل يعنى بالعمل الاجتماعي ويعمل مع المعوقين والايتام الذين يفترض ان يكون لهم أولوية لكن الدولة لم تراع هذا الامر، والى الآن لم نستطع وضع اولادنا المعوقين من ضمن الأولويات لتلقي اللقاح، وما زلنا في مرحلة التفاوض مع وزارة الصحة من دون ان نصل الى نتيجة، كما ان الجهاز العامل في هذه المؤسسات بحاجة الى مناعة عبر اخذ اللقاح".
 
منظومة اجتماعية
 
لدى دار الايتام الإسلامية 54 مركزاً، في بيروت، عكار، الضنية، بعلبك، البقاع الغربي، العرقوب، شملان، عرمون، خلدة، الضاحية وغيرها، فهي كما قالت الزعتري "منظومة اجتماعية، طوعية وإنسانية منتشرة على مساحة الوطن وخدماتها متنوعة ومتعددة، وهي تهتم بالايتام والحالات الاجتماعية الصعبة والابناء اللقطاء او الذين لا عائل لهم، إضافة إلى اهتمامها بالاعاقات الحسية والحركية والذهنية، وبكبار السن من غير العجزة والأطفال المتسربين دراسياً من خلال البرامج الموجهة لهم عبر التعليم غير النظامي، كما تهتم بالأشخاص الذين لديهم صعوبات تعليميه ولديها برامج لتمكين المرأة والمعوقين الكبار".
 
مصير مهدد
 
ولفتت الزعتري إلى أن "المجتمع هو من كان يدعم المؤسسات الاجتماعية، أما الآن أفراد المجتمع بحاجة لمن يدعمهم، لذلك تراجعت قيمة التبرعات، فأهل الخير في لبنان قدرتهم على الدعم مستمرة لكن ليس بنفس القيمة المالية التي كانت في السابق، ولولا دعمهم لما كنا استطعنا الاستمرار بتقديم الخدمات"، مشددة على أن "هذه المؤسسات أصبح مصيرها مهدداً، فالى أي مدى ستتمكن من التحمّل لمتابعة رسالتها ودورها الاجتماعي، وفي شهر رمضان المبارك نبذل جهوداً كبرى كما باقي المؤسسات الاجتماعية للتواصل مع الجاليات اللبنانية في الخارج واصدقائنا ومعارفنا لاستمرار الدعم، فالغلاء فاحش جداً، وعدد الأشخاص الذين ترعاهم المؤسسات كبير، ولا يمكن تقليص حاجاتهم الأساسية بخاصة الغذائية منها التي أصبحت مكلفة جداً".
 
مطالب محقة
 
وطالبت الزعتري ان تنصف الدولة المؤسسات الاجتماعية إن كان يوجد دولة، وان تنظر الى موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية "فلا يمكن ان تبقى 1 في المئة من موازنة الدولة، فهذه المؤسسات التي تتحمل عبئاً عن الدولة تستحق أن يعاد النظر بسعر الكلفة التي يعطى لها"، متسائلة "كيف يمكن المؤسسات ان تضطلع بدورها إن لم تتلق الدعم والمساندة وأقله أن تدفع مستحقاتها في وقتها"؟
 
الأمور تسير جيداً
 
من جانبها أكدت عناية العبد، مسؤولة العلاقات العامة في مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية، انهم يعتنون بالأطفال الذين يعانون من شلل دماغي وعددهم 75 طفلاً، وبـ400 طفل بين أيتام ومن لديهم عائلات، من عمر 4 سنوات إلى 17 سنة، "كما لدينا مستشفى التأهيل الطبي التخصصي تضم الآن 23 مريضاً يتلقون العلاج".
وعن الاختلاف الذي لمسوه في رمضان هذا العام عن الأعوام السابقة، قالت: "انخفض عدد المتبرعين، وهناك من لم يعد باستطاعتها التكفل بيتيم، لكن نحمد الله انه لدينا متبرعون لا يتوانون عن التبرع، والأمور بفضل الله تسير بشكل جيد وما زال باستطاعتنا تأمين كل ما يحتاجه أولادنا الذين لم يشعروا بفرق، وان كانوا في رمضان الماضي يتلقون دعوات من متبرعين للافطار خارج المؤسسة، لكن بسبب جائحة كورونا توقف ذلك، وقد استعيض عنه بجلب الطعام من قبلهم لهم".
 
تقديمات تخطت العام الماضي
 
ومن المؤسسات والجمعيات التي أخذت على عاتقها تأمين الطعام للمحتاجين في رمضان، جمعية "المقاصد" وبحسب ما قاله رئيسها فيصل سنو لـ"النهار": " يومياً نسلّم 1200 عائلة بين شخص و 3 اشخاص و5 اشخاص وجبات إفطار 3 مرات في الأسبوع، والأمر يتعلق بمجموعتين أي 3 مرات في الأسبوع لمجموعة، ومثلها للمجموعة الثانية" وشرح "لدينا مطابخ في الجمعية تعد الطعام والحلويات".
وفي ظل ارتفاع الأسعار تجد الجمعية كما قال سنو: "صعوبة كبيرة، وفارقاً كبيراً في الأسعار لكن في الوقت عينه المتبرعون في لبنان يتجاوبون ويقدمون لنا المساعدة، وبعدما كنا نقدم السنة الماضية وجبات افطار لنحو 800 عائلة ارتفع العدد في رمضان الحالي، وبعد ان وزعنا رمضان الماضي 4500 حصة غذائية تكفي 5 اشخاص على مدة شهر، هذه السنة سيصل العدد إلى 7 آلاف حصة غذائية".
وأشار سنو إلى أن "مجلس الأمناء اتخذ قراراً باعطاء مكافآت لموظفي المقاصد عبارة عن 50 في المئة من الراتب الشهري".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم