الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

المرأة اللبنانية "سيدة الموقف" والمنقذة غير المنتظرة

المصدر: "النهار"
مديحة رسلان.
مديحة رسلان.
A+ A-
مديحة رسلان*


اكتسبت عمالة المرأة ومشاركتها في المناصب العليا زخماً مهماً في الأعوام العشرة الماضية بفضل المبادرات المتنوّعة، التي قام بها القطاع الخاص، والتي أتاحت الفرصة للنساء كي تثبت نفسها وتتفوّق في المراكز التي تشغلها.

واستطاعت المرأة في لبنان أن تتميّز في قطاعات شتّى مثل التكنولوجيا والصناعة والتجارة والزراعة، فتخطّت صعاباً ضاعفت من مقدراتها وصقلت من مهاراتها. ولعلّ أبرز تلك المهارات التي تملكها بالفطرة الحوار البنّاء والفعّال مع مقوّمات غير متجانسة، سواء أكان ذلك في القطاع الخاص أو العام. فإن قمنا بدراسة سريعة للواقع اللبناني لوجدنا أن المرأة اللبنانية شغلت مناصب عليا، مثل الوزارة والإدارة العامة في وزارة أساسية، أو رئاسة مجلس إدارة لشركة ذات حضور بارز، وكانت مفكّرة ومثقفة وسياسيّة قديرة، وجميع ذلك مناصب تتطلّب التواصل والحوار بطريقة فطنة وحكيمة.

حاولت جمعية السيدات القياديات في لبنان دعم صاحبات الأعمال، والمسؤولات في الشركات، من خلال الورشات التدريبية المتعدّدة، والاجتماعات الواعدة مع سيّدات مثلها، تساعدها على خلق شبكات تواصل جديدة والتعاون مع رجال ونساء أعمال لسدّ فجوات ما في أسلوب عملهن، تمخضت عن نتائج واعدة.

لذلك، تؤمن الجمعية بضرورة تحسين مشاركة المرأة، التي تشكّل نصف المجتمع، وتربّي نصفه الآخر بالحوارات الوطنية لقدرتها على بناء وتشكيل مستقبل إيجابي ومنتج وآمن في لبنان، وفي صناعة وطن يحتضن جميع أبنائه، ويشجّعهم على الاستثمار فيه عوضاً من الهروب منه.

تشير بعض الإحصاءات الحديثة إلى أن مشاركة المرأة في حوارات بناء السلام تضمن استمراريّة تلك الاتفاقات لأكثر من سنتين بنسبة تفوق الـ20%، كما يتحسّن تنفيذ تلك الاتفاقات. وتلفت الإحصاءات نفسها إلى أن الحوارات التي تشارك فيها النساء هي أقلّ عرضة للفشل بنسبة 64 في المئة، بخاصة عندما تشارك فيها المنظمات النسائيّة وهيئات المجتمع المدني. وتنخفض نسبة الفساد بشكل ملحوظ في البرلمانات التي تضم نساءً.

أما على الصعيد المحلّي، فبالرغم من المشاركة الضيقة للنساء في المحافل الرسمية، بيد أنها استطاعت أن تحفر لنفسها مكانة متميزة في عدة قطاعات خاصّة، منها قطاع السياحة، حيث يبدو دورها واضحاً في دور الضيافة المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة، فضلاً عن قطاع البيع بالتجزئة، لنجد أنّ هناك العديد من المتاجر والأفكار الفريدة التي أطلقتها النساء اللبنانيات، فكانت نموذجاً يحتذى به في المنطقة العربية. ولم تقتصر معرفتها بالبيع على التجزئة، بل تخطتها لتشمل آخر التقنيات وأحدثها للترويج لمنتجاتها. ويتمتع الكثير منها بوجود موقع إلكتروني يسمح بالتسوّق أونلاين لزيادة مصادر دخلها بطريقة ذكيّة.

من هذا المنطلق، تطلق جمعية السيدات القياديات مؤتمر ومعرض "أنا لبنانية عربية" في 27 كانون الثاني 2022 في إكسبو- دبي لتسليط الضوء على الإنجازات التي تقوم بها النساء اللبنانيات والعربيات في عالم الأعمال والاستثمارات، ولإتاحة الفرص لتشبيك اقتصاداتنا العربية من خلال التبادل التجاري بين شركات تترأسها نساء، علّ ذلك يخلق ديناميكيّة إيجابية تمهّد لاقتصاد تشاركيّ مدمج، يجعل من عالمنا العربي قوة اقتصادية ضمن الخريطة العالمية.

تتميّز المرأة في لبنان بريادة الأعمال، وبالقدرة على تأسيس شركات خاصة بها، تمكّنها من كسر الحواجز المجتمعيّة. لكن نسبة امتلاكها للشركات لا تزال محدودة جداً، ولا تتخطّى نسبة الخمسة في المئة. من هنا تكمن أهمية ريادة الأعمال باعتبارها وسيلة بديلة لتكبير حجم الاقتصاد، وتالياً وجب التأكيد أن المرأة لم تكن قط حرفاً ناقصاً، بل إنها فرد متساوٍ، ولم تسنح لها الفرصة باكتساب مكانتها الفعلية في المجتمع والاقتصاد والسياسة.

نقول هذا ونحن على أبواب الانتخابات البرلمانية التي نتمنّى للمرأة أوسع مشاركة فيها، إن كان على صعيد الترشّح أو الانتخاب. فبالإضافة إلى أنها شريكة في صنع القرار، تستطيع المرأة قلب الطاولة وتصحيح المسار الاقتصادي والعودة عن الانهيار الحاصل لما تمتلكه من قدرة على تدوير الزوايا والدبلوماسية والعمل تحت الضغوط.

* رئيسة جمعية السيدات القياديات
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم