الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

سيّدات لبنانيّات يكسرن الصورة النمطيّة ويتحدّين الظروف: لأجل بيروت (صور)

المصدر: "النهار"
ايسامار لطيف
ايسامار لطيف
من أعمال سيلين وتاتيانا اسطفان في بيروت.
من أعمال سيلين وتاتيانا اسطفان في بيروت.
A+ A-
"حتّى ما ننسى وما ينسوا نحنا عم نعمل المستحيل"، بهذه الكلمات عبّرت المهندستان سيلين وتاتيانا اسطفان عن مشروعهما الذي ولد من قلب معاناة العاصمة وأهلها، بعدما فتكت يد الفساد وحبّ السلطة بهما، فمزّقت بيروت التي باتت جريحة ومنسيّة.

بعد أيّام من انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020، قرّرت الأختان تاتيانا وسيلين توثيق صرخات الأهالي والمواطنين، عن طريق جمع كتابات أناس عبّروا عن مشاعرهم وخوفهم من الكارثة، وتعليقها على مبانٍ تهدّمت طامرةً الحجر والبشر، الذي رقدوا تحت الحطام لساعات وأيّام أمثال الشاب جو عقيقي.
 


"البنايات عم تحكي"
بعد الانفجار تغيّرت بيروت ولبست ثوب الحداد القاتم، فمهما كثرت فيها الأفراح تبقى جراح الألم والندبات التي خلّفها الانفجار ظاهرة، مهما حاولنا "ترقيع" الواقع المرير.

تقول تاتيانا اسطفان، وهي مهندسة معمارية: إنّ "المباني في العاصمة وضواحيها كانت تتكلّم وكأنّها تطلب منها أن تفعل شيئاً لإيصال الصرخة، في الوقت الذي كان غضب الأهالي بأوجّه، وكلماتهم علقت في أذهان الناس الذين راحوا يردّدونها باستمرار".

وأضافت: "لذا، فكّرنا في تجسيد وتخليد هذه الكلمات على أرض الواقع من خلال قطعة قماش نعلّقها بأيدينا على المباني المهدّمة، أمام نقاط استراتيجية كمركز الدفاع المدنيّ، ومنازل الضحايا والمتضرّرين، كنوع من الرجاء أو طلب من المواطنين ألّا ينسوا ما حصل، وكأنّه لم يكن، وكأنّنا لم نعش كلّ هذا الخوف والفقدان، إن كان على الصعيد الماديّ أو المعنويّ".
 


"كلّ يوم 4 آب"
"من فقد غالياً، أو عاش لحظة الانفجار، لا يمكنه متابعة حياته كالمعتاد، فهذا مستحيل... الدماء وتطاير الزجاج وانهيار المباني وأصوات سيارات الإسعاف وبكاء الأطفال، لا تزال عالقةً في ذهني حتّى اليوم، لذا كلّ يوم هو 4 آب ولا يجب أن ننسى"، بحرقة ولوعة عبّرت سيلين وكأنّها تسترجع الرابع من آب بحذافيره.

وتابعت: "عم يسكّتوا الناس بس الحكي المكتوب ما فيُن يسكّتوه"، مشيرةً إلى أنّ "المحاولات الراهنة بتسييس التحقيق أو تغيير مجراه لأسباب معيّنة، ومحاولة إسكات الأهالي أو إلهائهم عن قضيّتهم الأساسيّة بكلمات ووعود باطلة ستُمحى، ولكن ما كُتب على الجدران التي لا تزال تنزف دماً لا يمكن حذفه، فإذا أسكتونا لن يستطيعوا إسكات كلماتنا وصداها الذي سيبقى ساطعاً".

من جهة ثانية، أكّدت سيلين وتاتيانا أنّ "الناس في البداية لم يتجرّأوا على التحدّث أو التعبير عن معاناتهم بسبب الخوف أو عدم الثقة، إنّما اليوم يُطلب منهم في المعارض والشوارع إحياء الذكرى وكتابة جملة من أقوالهم".
 

البعض يتساءل عن كيفية اختيار الكتابات والأفكار، فتُجيب تاتيانا، قائلةً: "قسّمنا العمل وفقاً لـ3 فئات: ماذا حدث؟ المشاعر الطاغية وردّات فعل المواطنين التي كانت إجمالاً نابعة من حزن وغضب"، لافتةً إلى أنّ "الألوان التي تمّ اختيارها ترمز إلى معانٍ معيّنة، فمثلاً الأسود يرمز إلى الحداد، والأحمر إلى دماء الضحايا، والأبيض إلى الأمل ببيروت التي ستعود وتنهض من تحت الردم، كما اعتادت وعوّدتنا".
 
مع العلم أنّ الأختين لا تملكان تمويل المشروع، إلّا أنّ الشقّ الماديّ لم يمنعهما من تحقيق هدفهما ومناصرة قضيّة بيروت، التي أخذت حيّزاً كبيراً من اهتمامهما، فكانت أكياس "الخيش" خياراً مقبولاً للتوفير وتنفيذ الفكرة.
 


"بيروت معرضنا الكبير"
عند رؤية العمل الفنّي الذي تقوم به الأختان اسطفان، نشعر وكأنّه يستحقّ أنّ يجسَّد في معرض ما كسائر الأعمال المشابهة، إلّا أنّ "الأختين قرّرتا اتّخاذ بيروت عاصمة الفنّ والثقافة معرضاً لأعمالهما".

بالموازاة، أكّدت الأختان اسطفان أنّهما بدأتا من الجمّيزة والآن تغطّي أعمالهما بيروت بضواحيها كافّة، ومن المتوقّع أن تتوسّع هذه الأعمال لتطال المناطق اللبنانيّة، لأنّ "من حقّ كلّ فرد منّا التعبير عن رأيه بصراحة وحرّية".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم