الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

مع الناس في الطوابير... "لم يتركوا لنا خياراً سوى الذلّ" (صور وفيديو)

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
طوابير الذل أمام محطات المحروقات (تصوير مارك فياض وحسام شبارو).
طوابير الذل أمام محطات المحروقات (تصوير مارك فياض وحسام شبارو).
A+ A-
مشهد "جنوني" تشهده طرق لبنان منذ الصباح. فطوابير السيارات أمام محطات المحروقات أدّت إلى زحمة سير خانقة في مختلف المناطق. أعداد لا يصدّقها عقل من المركبات المنتظرة في عزّ الحرّ من أجل الحصول على بنزين، بعد الحديث عن انقطاعه من السوق خلال أيام، طالما أن مصرف لبنان لم يفتح اعتمادات للبواخر المنتظرة تفريغ حمولتها.
 
 
عرض متواصل من الإذلال

إذلال المواطنين للحصول على البنزين مستمر منذ فترة، ويزيد يوماً بعد يوم، فمِن رفض التعبئة بأكثر من عشرين ألف ليرة، إلى محطات مغلقة، وتلك التي تبقّى لديها الوقود تكتب على المواطنين انتظار دورهم أمامها لساعات، مع ما يترافق ذلك من إشكالات، بعضها دموي. فدماء ابن منطقة ببنين، غيث المصري، على يد شابين من آل سليم بسبب إشكال على تعبئة البنزين لم تجف بعد.
 
(تصوير مارك فياض وحسام شبارو)

أزمة المحروقات لا تتعلق فقط بحاجة اللبنانيين للتنقل، وأصحاب المولدات لضمان استمرار مدّ المشتركين بالكهرباء، بل تطال أيضاً قطاع السياحة الذي بات على آخر نفس، فأي سيّاح سيقصدون البلد إذا لم يتوافر البنزين ليتنقلوا من منطقة إلى أخرى؟


توفر المال والسلعة صعبة المنال

"النهار" جالت على المحطات، التي أغلق بعضها منذ الصباح، لعدم توفر المحروقات، لاسيما في الغبيري، عين الرمانة وطريق صيدا القديمة، في حين كانت زحمة السير خانقة على البربير، وتسبب بها طابور البنزين الممتد حتى كورنيش المزرعة حيث المحطة.
 
تحت الشمس الحارقة، اصطفّ الناس منتظرين دورهم، منهم بشار الذي عبّر عن غضبه من دولة لم تقدّم لشعبها سوى المهانة، قائلاً، والعرق يتصبب منه: "حتّى المكيّف أصبحنا نخشى تشغيله كونه يحتاج بنزين"، مضيفاً: "بعدما سمعت أنّ انقطاع البنزين بات وشيكاً، لم يعد أمامي سوى أن أنتظر دوري لتعبئة خزان سيارتي، ولو كنت أعلم أين يباع بغالونات في السوق السوداء لاشتريته ووفرت على نفسي هذا العناء، فقد وصلنا إلى زمن نملك فيه المال فيما بات الحصول على السلعة صعب المنال".
 
(تصوير مارك فياض وحسام شبارو)

هدف الذل واضح

جالسة، تتحدث على الهاتف علّ الوقت يمرّ بسرعة، قالت سوزي: "لا أعلم لماذا نقبل أن نقف في الطوابير، في وقت ينعم المسؤولون بالبنزين والكهرباء والمال. لماذا انطفأت ثورة 17 تشرين؟". وتابعت: "أنا مع إسقاط كل الطبقة الحاكمة بالتوجه الى بيت كلّ السياسيين، وإفراغ غضبنا عليهم"، مضيفة: "كلّ هذا الذل من أجل رفع الدعم عن البنزين، حيث أصبحت أقصى أمنياتنا أن نحصل عليه ولو كلفتنا الصفيحة 200 ألف ليرة، هذا ما يريده السياسيون وبهذه الطريقة (يروّضوننا)".
 
 
ليس في اليد حيلة

ولدى سؤال "النهار"، سامر، إذا كان سيشتري البنزين في حال رفع الدعم عنه، أجاب: "وهل في يدي حلّ آخر، كيف أصل إلى وظيفتي من دونه؟ سيقتصر استخدام البنزين على التنقل الضروري، أما عن النزهات، فيبدو أن البلد أصبح من الماضي، أمام الحال الذي وصلنا إليه".
 
وأضاف: "الوضع مقزّز بكل ما للكلمة من معنى، وأخشى أن يكون البنزين قد نفد عندما يحين دوري، عندها سأتمنى الموت، فمنذ نحو ساعة وأنا أنتظر".
 
(تصوير مارك فياض وحسام شبارو)
 
تحسّر على أيام الماضي

لم يتوقّع محمد أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه البنزين سلعة يحلم الإنسان بالحصول عليها، قائلاً: "رزق الله عندما كانت المحطات تتنافس لجذب الزبائن، حيث كان كل منها يبتكر عرضاً من زجاجيات إلى عازل للشمس وأكسسوارات للسيارة وغيرها، أما اليوم أصبح علينا أن نرشي العامل علّه يشفق علينا ويزيد الكمية المسموح بها". وعمّا إذا كان سيشتري البنزين في حال رفع الدعم، أجاب: "بالتأكيد لا، فالآن بالكاد أملك المال لتعبئته، عندها أفضل أن أقود دراجة هوائية"، ويضيف ساخراً: "ألا نريد التشبّه بالغرب"؟!!
 
(تصوير مارك فياض وحسام شبارو)
 
يتّحد اللبنانيون على اعتقاد أن كلّ الذل الذي يذيقهم إياه المسؤولون من أجل رفع سعر صفيحة البنزين من دون حصول بلبلة في الشارع، وبدأوا يتقبلون الفكرة، وينتظرون الخلاص من طوابير تذكرهم بالحرب الأهلية، في حين يعيشون حرباً أصعب، العدو يستخدم فيها أسلحة فتاكة تقضي ببطء على الخصم.
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم