الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

رسائل جدتي اليهودية فيوليت في العراق

المصدر: النهار
Bookmark
A+ A-
 علي شاكر عندما قصد البابا فرنسيس مدينة اور الاثرية مسقط النبي ابرهيم ابي الديانات السموية كما تقول بعض كتب التاريخ الديني، وعندما التقى مختلف اديان وطوائف العراق، لم يحضر اي ممثل للطائفة اليهودية على ما تم تداوله، اما لخوفهم من الظهور والاعلان عن انفسهم كما في بلدان عربية عدة، او لاندثارهم وهجرتهم وطنهم الام. هذا النص عن تجربة سيدة عراقية يهودية حملت كما غيرها امتعتها الى امكنة اخرى، لكن عراقها ظل يسكنها.  رسائل فيوليت شمّاش لم تكن خياري الأول عندما عقدت العزم على ترجمة أحد النصوص المنشورة باللغة الانكليزية عن يهود العراق وما مروا به من أهوال الى العربية، فلم أكن أبحث عن سيرة تنقل ملامح الحياة اليومية للناس خلال بدايات القرن العشرين، ولا كانت غايتي أن أطلعهم على وصفات الأطعمة التقليدية، أو تفاصيل الملابس الشائعة وقتها، أو النوادر والنكات التي تناقلها روّاد المقاهي وسيدات المنازل، والمقالب التي حاكها تلامذة المدارس بمعلميهم ... أردت وثيقة تختزل أوجاع الانسلاخ عن الوطن الأم ومرارته، والاضطرار الى الفرار بحثاً عن سلام وطمأنينة هما في معظم الأحيان سراب يحسبه الظمآن ماء.  كانت عيني على نص حارق كي أرميه في وجه الطغيان الذي ما فتئ يفترس الأبرياء منذ ولادة العراق المعاصر في أوائل القرن العشرين من آشوريين وأكراد وايزيديين وسواهم من شتى الأعراق والأديان والملل، وما زال مستمرا حتى اليوم ... تلك كانت خُطّتي، لكن دفء رسائل فيوليت وسحر بوحها الرافديني تسللا اليّ من ثغرة في جدار غضبي المتأجّج، هي هاجس بغداد الذي يلازمني، والفصام الذي أعاني منه بين عشقي لها، وزعلي منها.  لعلّها مفارقة أن صديقتي الفلسطينية/ الأردنية "غادة" كانت مَن أوصتني بقراءة مذكّرات شمّاش خلال احد لقاءاتنا في عمّان. ما ان بدأت بتقليب الصفحات الأولى، حتى وجدتني أجول مع صاحبة الرسائل في أرجاء "قصر" أسرتها المطل على دجلة، ودهاليز الحي اليهودي في بغداد، وأتذوّق طعم الفواكه الطازجة التي قطفتها من أشجار حديقتهم، وأشم عبق الغاردينيا والياسمين والقرنفل والورد الجوري الممزوج بالروائح الشهية للمعجّنات الخارجة توّاً من الفرن، وأسمع جلجلة ضحكاتها الطفولية، وأدخل معها صفوف مدرسة "الأليانس"، وأطرب لعزف الجوقات الموسيقية وغنائها. شعرت بعدها...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم