الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

"النهار" تحتفي بكلّ امرأة تواجه الصعاب... التحدّي خيارنا

المصدر: "النهار"
جودي الأسمر
جودي الأسمر
"ستعبرين كلّ الصعاب".
"ستعبرين كلّ الصعاب".
A+ A-

هذا العام، أطلقت الأمم المتحدة على اليوم العالمي للمرأة (8 آذار) شعار "النساء ودورهنّ القيادي: تحقيق مستقبل متساوٍ في عالم تسوده جائحة كوفيد 19". ويحتفي بالجهود الهائلة التي تبذلها المرأة في صنع عالم تسوده المساواة على نحو أكبر، وعملها على التصدّي للجائحة والتعافي منها، مع تركيز أهمّ على التقاسم المتساوي للرعاية غير المدفوعة الأجر والعمل المنزلي.

 

وإذ تواكب الحملة العالمية هذا اليوم، بهاشتاغ #خيارنا_التحدّي، تحتفي "النهار" بالمرأة والأمّ العاملة، التي تجسّد مثالاً ساطعاً لهذا الشعار، وتواصل مسارها نحو وطن وأسرة وذات أفضل. تتجاوز بطاقة وإرادة مذهلتين، جلجلات صحّية واقتصادية ومالية وأمنية واجتماعية تكتّلت في عام واحد مأزوم وحزين. قد تقع، لكنها تنهض مجدداً، ثم تنجح أخيراً في الوصول لأهداف أسمى. تعطي هذه المرأة مَن يعرفها ويعيش يومياتها أملاً وإثباتاً كجزء من رسالة، عن جدوى التمسّك بالمرونة وتخطّي الذات، كأنّها بصمة جينيّة، تبرهن أنّ الجهد الصادق، برغم إجهاداته، لا يضيع سدى.

 

نحتفي بهذا اليوم مع نايلة، المرأة والأم ورئيسة تحرير "النهار"، في رسالة مفعمة بالتأمل والأمل. ونعرض قصص إسراء، وسارة، وعتاب، وسعاد. كلّ واحدة من هؤلاء، أمّ لبنانية عاملة، وقائدة في حياتها، تحاول إمساك زمامها بنور وحكمة، وتسير بها ومن يرافقها نحو الأمام. وفي ضوء مسارهنّ المضني والفعّال في آن واحد، ينطلق سؤال: ما أهمّ تحولات الواقع الاقتصادي الذي تعيشه المرأة العاملة في لبنان؟

 

نايلة تويني: لسنا بخير لكن لن نستسلم

  نايلة تويني
 

توجّه رئيسة تحرير "النهار" نايلة تويني، للمرأة تحية خاصّة في يومها الدولي. وتقول: "يمكنني القول إننا في السنة الأخيرة، عشنا أياماً عصيبة جداً نتيجة الكارثة الصحّية والأزمات السياسية والاقتصادية. في الزمن الصعب، كانت المرأة الطرف الذي شعر بضغوط هائلة. فهي المرأة العاملة التي عليها التأقلم مع تحديات العمل عن بعد، وهي الأم التي يجب عليها البقاء ساعات إلى جانب أولادها وهم يتلقّون التعليم عن بعد، وهي مَن يقع عليها الحمل الأكبر في تدبّر شؤون المنزل بتفاصيله كافّة".

 

 

وإذ "تكبر المسؤولية والضغوط كلّ ساعة، ومع تغيّر الكثير من المفاهيم نتيجة عام الوباء، تتاح لنا فترة للتفكّر في جوهر الحياة والتأمّل في أهمية العودة إلى بساطة الأمور ونمط العيش. فما همّني كأمّ أن أسجّل أبنائي في عشرات النشاطات الخارجية، بينما أذكر علاقتنا بالضيعة والمخيّم والحياة الكشفية والزراعة كأطفال كم كانت غنية وهامّة وكافية. ما نعيش يعيد الاعتبار لمعنى التماسك وقيم العائلة والمساندة، والدعم وإعطاء القوّة للنفس والآخرين. أعرف أنّ القلق يأسرنا، فكثيرون يفكّرون بتخزين كميات طعام لأطفالهم. ويشغلنا وضع الليرة وتربية الأولاد في بلد غير مستقر، من دون أن نعلم ما الذي ينتظرنا غداً".

 

تضيف: "مهما كان السواد الذي نعيشه اليوم، لا بدّ أن تشرق الشمس من جديد. وكلّ ما نمرّ به يعلّمنا القوّة والصبر والإيجابية. لسنا بخير لكننا لن نستسلم، وليس من العيب أن نقول إننا لسنا بخير بسبب ما نعيشه. ولكن علينا أن نقوّي أنفسنا وأن نبحث عن فسحات، ولو لوقت قليل كلّ يوم، عبر إيجاد متنفّس كالمشي في الطبيعة أو الرسم أو أيّ فسحة تعطينا طاقة لنكمل. في أسوأ أيام الحياة، نعلم أنّ الله سيرسل لنا يوماً أفضل".

 

 

ولكلّ نساء العالم، تقول: "أنتنّ بطلات بما تفعلنه اليوم. مع الاحترام التامّ للرجل ولدوره، لكنّ المرأة يقع عليها العبء الأكبر في الاهتمام بكلّ التفاصيل التي تعني بيتها".

وتوّجه تويني "تحيّة لكلّ امرأة لبنانية جبّارة، ولكل نساء العرب والعالم، اللواتي يواجهن كلّ الصعاب بشجاعة. وفي لبنان، نطلق صرخة نحن النساء من عمق الوجع الذي نعيشه، وندرك أنّ تكاتفنا كنساء في هذه المرحلة ضروري، وأنّ دورنا أساسي من أجل خلاص بلدنا".

 

إسراء حسن: طاقتي من أحبّتي


منذ عام 2013، وضعت إسراء حسن "القلب والروح" خلال عملها الصحافي في "النهار" الورقية. ثم قدّمت تجربة مكثّفة في المحتوى الرقمي، إلى جانب مسؤولياتها في القسم الفني، ومقابلات "لايف" مع الفنانين، تشرق من خلال "فايسبوك" "النهار" بطلّتها المُحبّة والأنيقة.

تقول: "النهار بيتي. كثيراً ما تركت الجريدة بعد منتصف الليل، أو دخلتها بحلول ساعات الفجر، لتغطية أحداث أوسكار، ثم أظهر مباشرة على "اللايف". كان نمطاً مجنوناً لكنّني كنت في غاية السعادة. لم أشعر بتعبي إطلاقاً. منذ بدء الأزمة الصحّية في آذار 2020، بدأ العدّ التنازلي يستنفدني. لزمنا البيوت، واضطررت للاستغناء عن عاملة المنزل الأجنبية بسبب تضخّم الدولار، وانغمست في تدريس الأونلاين مع ابنتيّ مها وورد. كانت الأمور لا تزال منطقيّة، إلى حين وقوع انفجار 4 آب، الذي ضاعف مسؤولياتي المهنية، وبالأخصّ إثر الضرر الفادح الذي ألمّ بمبنى "النهار" وإصابة عدد من الزملاء، فيما لازمتني مسؤولياتي داخل المنزل. مع الوقت، صرت إنسانة منعدمة الطاقة. تهبّطت في داخلي سقوف طموحي. كان القرار موجعاً لكن لا بدّ منه: قدّمت استقالتي مرّتين للجريدة، وفي المرّتين، قابلت الإدارة قراري برفض قاطع".

وتضيف: "لقد توافرت لي فرصة للعمل مع صحيفة خليجيّة مع حوافز مادّية وتعب أقل، لكنّني لم أستطع الاستمرار. الشعور بأنّك موجودة وسط أسرة، هو ما يضمن استمراري في رسالتي أكثر من الاعتبارات الأخرى. هذا ما تيقّنته أخيراً".

والسبب: "إنسانة أعدّها أختاً ومثالاً مهنياً وصديقة وسنداً، رئيسة التحرير نايلة تويني، فهي التي دفعتني للعدول عن قراري. لا أنسى كلماتها: "ليس من الخطأ الاعتراف بالتعب، وقد نشعر بالاستسلام، لكن لا خيار لنا سوى إعادة النهوض". وقد مثّل الأمر مثالاً لمساندة النساء إحداهنّ الأخرى.
 ولا تنسى إسراء دور زوجها الزميل محمد نمر المساند لها في الحياة والهموم. تقول "رفض زوجي أن يقف مكتوف اليدين. هومثلي يعيش متاعب المهنة. وضاعف مساندته لي بداخل البيت وفي وظيفتي، لأقوى على لملمة نفسي مجددًا." 

وتستمدّ إسراء قوّتها أيضاً من شقيقتها سارة، التي صارعت السرطان طوال أربع سنوات، ثمّ استسلمت له. "موتها لا يزال يفطر قلبي. لكنني أذكر أنه في اليوم الرابع بعد وفاتها، كابرت على انهياري وظهرت "لايف" في برنامج رمضاني. بعد أيام عمل مضنٍ، أركن سيارتي جانباً وأخاطبها لأحدّثها عن إنجازاتي، فتنسلّ روحها القويّة بداخلي".

في يقين إسراء، أن "سرّي في أمومتي. نعم أنا أتخبّط، لكن حين تأتيني ورد ومها إلى سريري في الليل لتقولا: "ماما نحن نعتذر إن أتعبناك اليوم"، يتلاشى كل التعب. أنا أستمر لأجل ابنتيّ أيضاً. ستفهمان بعد سنوات أنّ أمّهما لم تستسلم". 




 

سعاد نحيلي: ثلاثة "أونلاين"!


 

يصدح صوت عالٍ: إنها سعاد نحيلي، مدرّسة اللغة الفرنسية. تشرح درس "التعبير الكتابي" لتلامذتها "أونلاين"، من ركن اتخذته في صالون المنزل. في الوقت نفسه، يتابع ابنها خليل حصّة علم الأحياء في غرفة الجلوس، وابنها رواد يشارك في حصّة الرياضيات من غرفة نومه. روتين يومي قلب حياة سعاد وأسرتها منذ أكثر من سنة. لا مفرّ من التأقلم.

تقول: "اشتدّت ضغوط التعليم خلال العام الماضي، وكان النمط جديداً علينا جميعاً. أجّجت هذه الظروف الخلافات بيني وبين زوجي، ووصلت بنا الأمور للانفصال. ثمّ عدنا تحت سقف واحد منذ بضعة أشهر، نحاول التعاون لتأمين حياة لائقة لولدينا. ثم تعطلت موارد زوجي المادّية، الذي يعمل متعهداً في مطاعم ومنتجعات."

تتأمّل سعاد يومياتها، ويغزوها شعور بالغرابة: "أنا معلّمة، أستنفد جلّ طاقتي في تدريس طلّابي خمس ساعات يومياً على "الأونلاين". حين أنتقل لتدريس أولادي، أكون على شفير الاستسلام للتعب، لكنني أصرّ على المتابعة. أضيفي أنّني أواجه مشاكل في ضبط التزامهما خلال حصص الأونلاين. وكثيراً ما تحوّل المنزل إلى غرف للّعب والتصارع بين ابنيّ؛ أسمع الأصوات وأنا أعطي الدروس لطلّابي. الأمر بالغ الصعوبة، لي ولكلّ الأمّهات".  

تحاول سعاد قدر المستطاع تجنّب الاستماع إلى أخبار البلاد والسياسة: "لن أعيش سوى مرة واحدة، ولن تمدّني هذه الأخبار سوى بمزيد من الطاقة السلبية. أحاول الحفاظ على توازني بنشاطات في الطبيعة. بالقراءة والأفلام أيضاً".

وتعيد سعاد اليوم النظر بمفهوم "تحقيق الذات"، فهو يرتبط بممارستها "ما هو راضية عنه وينسجم مع إرادتها، وما يحققه بالمجمل إنشاء عمل خاصّ".




 

سارة الشريف: ركّزي على النتيجة


 

كثيرون لقّبوا سارة الشريف  بـ"المرأة الحديدية"، وخاصّة مئات الشابات والشبان الذين انخرطوا في جمعية "روّاد" التنمية الإقليمية، التي تدير سارة فرعها منذ تأسيسها في لبنان، مع زميلات تجمعهنّ الثقة والمهنية والالتزام. المفارقة أنّ المركز يقع في شارع سوريا، على الحدّ الفاصل بين منطقتي النزاع، جبل محسن وباب التبانة، حيث شهد على نزاعات دامية في 2012. لكنها أصرّت على خوض التحدي برغم اشتداد المعارك وتضرر المركز عدة مرات. قيل لها "خطوة مجنونة"، ثم ما لبثت أن شكّلت "رواد" حالة استثنائية في الصدقية وتحقيق الأثر، لجهة تعليم الشباب في الجامعات وتمكينهم ومساعدتهم في الانخراط في سوق العمل.

تقول لـ"النهار" : "أنا في تحدّ دائم لذاتي. وأتعلّم باستمرار"، بعد انتهاء اجتماع افتراضي، ضمن برنامج يطرح زمالة دولية لاحقة في كندا، تشارك فيه الجامعة الأميركية في بيروت، إذ تتابع سارة ماستر إدارة الأعمال.

سارة هي أيضاً أمّ لثلاثة أطفال: سعيد، ياسمينة، وعمر. وناشطة في عصب ثورة تشرين. ورأست عام 2015، مجموعة global shapers العالمية في طرابلس، التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، وشاركت في مؤتمر دافوس.

"ربّما يساعدني تفويض المهام التي أستطيع الاستغناء عنها بشكل كبير في التوفيق بين أدواري"، وتضيف: "في دوري كأمّ، فهمت أنّ لغيابي فراغاً لا يستطيع ملأه أحد. فقررت تثبيت وقتي الصباحي مع أولادي، وفي المساء، ينهون نهارهم مع قصّة أقرأها. كما أجد من الضرورة أن أراجع مع ابني سعيد (10 سنوات) دروسه "الأونلاين"، وأتابع مع ياسمينة (5 سنوات) ما تعلمته في معهد خاصّ إلى جانب المدرسة، لأنها في مرحلة تأسيسية و"الأونلاين" وحده غير كافٍ. أمّا عمر، فيرافقني لمكان عملي، حيث تعتني به خلال الدوام حاضنة في غرفة بنفس المبنى. في "رواد" أيضاً، أسسنا مطبخ "أطايب طرابلس" لسيدات متضررات من المعارك، ومن خلاله أستطيع أيضاً توفير طبخ صحّي لعائلتي ولنفسي، إلى جانب مثابرتي على رياضة السكواش".

الكلمة السرّ في قدرتها على الإنجاز هي "التركيز على الهدف، ما يخوّلنا إيجاد حل".

وترى أنّ نمط حياتها كامرأة عاملة "نجح في إكساب أطفالي مهارات في التواصل، وثقة بالنفس، وانفتاحاً على الآخرين. لأنهم يختلطون مع دائرة خارج نطاق الأسرة. كورونا جعلنا نعتمد أكثر على ذواتنا، كأبوين وأطفال. كان أهلنا يساعدوننا في رعاية الأطفال، لكن الوضع اختلف بعد الحجر". 

ولا تنكر أنّ "العامل المادّي مساعد في التخفيف من ضغوطات الحياة، لكن حسن التدبير أساس للحفاظ على مواردنا مهما كانت قليلة".

رسالة سارة الشريف لكلّ امرأة، "احلمي، حققي أهدافك، ولا تكتفي بالقليل. ضعي حاجاتك الإنسانية في أعلى "هرم ماسلو"، وكوني أنتِ الأمان".





عتاب شمس الدين: "بيتي عالمي الجميل"


 

منذ زواجها، حوّلت عتاب شمس الدين منزلها إلى عالم صغير غنيّ بالجمال والراحة، تعتني بأدقّ تفاصيله. الزوجة الشابة هي أيضاً أمّ لطفلين، كريم وجود، وموظفة في "أوجيرو"، وخبيرة في موضة الأعراس في "هي" الإلكترونية، بعد تجربتها في موقع "العربي الجديد".

تقول: "اليوم فهمت حقاً قيمة التعليم وتعب المعلمين. يضنيني الحفاظ على تركيز ابني على دروس "الأونلاين". لا نستطيع استبدال المدرسة، ولا المعلم، ولا الرفاق الذين يشكّلون حياة اجتماعية لأبنائنا. لا ينتهي يومي قبل الثانية صباحاً. قد أبكي من تعبي، لكنّه قراري. أريد الحفاظ على طموحي وبيتي ومستقبل أبنائي".

وتضيف: "هوايتي في الطبخ والعناية بالديكور، حوّلت أعباء العمل المنزلي إلى متعة خالصة، لازمتني في حياة ما بعد كورونا. كما أنّ زوجي، الصحافي محمد بركات، ظلّ يمدّني بالطاقة والسند غير المشروط منذ سنوات الدراسة الأولى. وحين فكّرت في التخلّي عن وظيفتي، عمّق لديّ الإرادة بمواصلة الطريق".

هذه الأزمة "جعلتني أعايش تعب الأمهات لأجلنا. المرأة هي نواة البيت. تعطي من قلبها وطاقتها وصحّتها، لكنني ضدّ الاعتقاد القائل بأنّ الأم عليها التضحية بذاتها لأجل الغير. هذا موروث غير متوازن، وعلينا نحن النساء الاعتناء بأنفسنا أولاً، لأنّ صحتنا الجسدية والنفسية هي ضمان لسعادتنا بقدر ما تضمن سعادة أسرتنا. هذه رسالتي للمرأة في عيدها".

ولم يحُل الحجر المنزلي وإغلاق النوادي والعيادات دون أن تتمسك عتاب بهذه الأولوية؛ "أتابع فيديوات رياضة على "يوتيوب" وأطبقها، وأتواصل مع اختصاصية تغذية على "واتساب". من يرد يستطع. وأثق بأنّني سأستكمل قريباً مشروعي المهني الخاص، في قناة للموضة سأطلقها قريباً في "يوتيوب". لقد وضعتنا هذه المحن على المحكّ، ونحن النساء نمتلك كل الأدوات لتحويلها لواقع جميل لنا ولمن نحب".

 


 

 

عبير شبارو: أعمال منزلية واتساع الفجوة

 

تلفت الخبيرة في الشؤون الجنسية عبير شبارو، إلى دورٍ حيوي اضطلعت به المرأة العاملة، عالمياً ومحلياً، في التصدي لمتطلبات الأزمة الصحّية.

تقول: "وفق أحدث الإحصاءات التي نشرتها نقابة الممرضات والممرضين في لبنان لعام 2019، تمثل النساء 79.52% من فريق التمريض في لبنان مقابل نسبة 20.48% للذكور، ما يضع الممرضات في مقدمة القوى العاملة التي تتصدى للجائحة. وهنّ أكثر عُرضة للمخاطر المهنية الصحّية في المستشفيات. قد يتعدّى ذلك إصابتهنّ بالعدوى، فقد تتعرض عائلاتهنّ أيضاً لمخاطر إصابة أكبر."

على صعيد لبنان، تضيف: "قبل أزمة كورونا، قدرت دراسة لـ"منظمة العمل الدولية" أنّ النساء في لبنان يمضين معدّل 303 دقائق (5 ساعات و3 دقائق) يومياً في أداء أعمال الرعاية غير المدفوعة، فيما يمضي الرجال 111 دقيقة في الأعمال غير المدفوعة. وقبل انهيار قيمة الليرة اللبنانية، تساهم هذه الأعمال غير المدفوعة، بما يعادل الحدّ الأدنى للأجور، وتبلغ قيمته 5400 دولار سنوياً."

وتتطرّف هذه المعادلة خلال الحجر المنزلي، الذي ضاعف الأعمال المنزلية، فضلاً عن صعوبة الاستعانة بالعاملات الأجنبيات بسبب تدهور العملة الوطنية، واستحداث مهامّ الرعاية الصحّية، وتعليم "الأونلاين" الذي تعترضه شوائب كبيرة في لبنان.

وفي ظل "إغلاق المدارس والجامعات، تقدر "اليونيسكو" أن 1363393 طالباً من مختلف المراحل التعليمية في لبنان سيلزمون منازلهم"، فزداد أعباء التدريس الملقاة على كاهل الأمّ.

وأحرزت دول عديدة خطوات متقدمة في تقدير أعمال المرأة المنزلية، مثل "فرنسا والصين، وماليزيا إحدى كبرى الدول الإسلامية". وتشرح: "إن وقع الطلاق، يلزم القانون الزوج بدفع أموال لزوجته تعويضاً عن الأعمال المنزلية التي أدّتها خلال سنوات الزواج، لأنها تحمل "قيمة ممتلكات غير ملموسة"، ويجب عدّها من موارد الأسرة ومن العوامل التي ساعدت الزوج على مزاولة عمله المأجور خارج المنزل".

بيد أنّ "هذه الأزمة تحمل جوانب إيجابية بالنسبة إلى المرأة اللبنانية، التي طوّرت مهارات صلبة في إدارة المهام المنزلية ومهام الوظيفة المدفوعة في فضاء واحد. ما يفتح في المستقبل القريب فرص عمل جديدة للمرأة من داخل المنزل". وعززت هذه التجربة "تمكين المرأة في كيفية تصميم وتطبيق نشاطات الوقاية وطرائق التفاعل المجتمعي، ويجب أن يمنحن أدواراً أكبر في صناعة القرار."

من ناحية أخرى، "قد تجد النساء أنفسهنّ غير قادرات على الاستمرار في أعمالهنّ الرسمية، وقد يخسرن رواتبهنّ ومصادر دخلهنّ. ما يزيد من اتساع الهوّة الجندرية التي بلغت في لبنان حدّاً، جعله في المركز 145 من بين 153 دولة، في التقرير العالمي عن الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي."

وتكرّس هذه المعضلة أزمات الاقتصاد اللبناني وخسائر الإغلاق، لأنّ "91.8% من اليد العاملة النسائية يضمها قطاع الخدمات الذي يعتمد على المؤسسات الخاصّة، التي نحت إلى تسريح النساء ففقدن مصادر الدخل أكثر من الرجال، باعتبار هذا الأخير المعيل الأول في منظور مكان العمل والأسرة ."

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم