بعد كهرباء الدولة التقنين يصل إلى المولّدات... كيف سيواجه اللبنانيون الوضع المستجدّ؟

تنهال الأزمات على اللبنانيّين من كلّ حدب وصوب. فبعد ارتفاع سعر صرف الدولار وما رافقه من ارتفاع الأسعار، وحجز أموالهم في المصارف، بدأت أزمة البنزين والمازوت، ليعود ويقف المواطنون بالطوابير أمام محطّات المحروقات، ما أعادهم بالذاكرة إلى صور الحرب الأهلية.
 
وليزداد التقنين في الكهرباء إلى حدّ إعلان الشركة قرب توقّف معامل إنتاج الطاقة، بسبب النقص الحادّ في مادّتي الفيول أويل (Grade B) والغاز أويل. وقد أشارت في بيان الى أنّ جميع المناطق اللبنانية، بما فيها منطقة بيروت الإدارية، ستشهد ارتفاعاً ملحوظاً جداً في عدد ساعات التقنين.
 
(حسام شبارو)
 
وبات هذا التدنّي في القدرة الإنتاجية يؤثر سلباً على ثبات واستقرار الشبكة الكهربائية، فأيّ صدمة كهربائية تتعرّض لها الشبكة، قد تؤدي إلى انقطاع عامّ وخروج كافة المعامل عن العمل.
 
كلّ هذه الأزمات وغيرها الكثير، أضيفت إليها أزمة جديدة تمثّلت في إعلان أصحاب المولّدات الخاصّة اتجاههم الى التقنين. فقد صرّح رئيس تجمّع المولّدات الخاصّة عبدو سعادة أنّه "لا خيار أمامهم سوى التقنين"، لافتاً الى أنْ لا قدرة لهم على التحمّل بعدما وصلت ساعات القطع الى عشرين ساعة في اليوم. الأمر الذي يؤثّر عليهم من ناحية تأمين قطع الغيار والصيانة المُسعّرة بحسب السوق السوداء، فضلاً عن شحّ مادّة المازوت واضطرارهم الى شرائها أيضاً من السوق السوداء بـ38 ألف ليرة، ومشيراً إلى أنّ برنامج التقنين سيبدأ هذا الأسبوع بعد انتهاء الاتصالات، مذكّراً بأنه سيشمل 5 ساعات في الـ 24 ساعة، 3 في الليل وساعتان في النهار. أمام هذه الأزمة الجديدة كيف سيتصرّف اللبنانيون؟ 
 
(حسام شبارو)

حرب نفسية
 
"لم نعد نحتمل كلّ هذا العناء، فما نعيشه حرب نفسية بكل ما للكلمة من معنى. كلّ يوم نصحو على مأساة جديدة، فبعد أن تقبلنا ارتفاع اشتراك المولّد، حيث بتنا ندفع 300 ألف ليرة بدل 5 أمبير، أطلعنا صاحب المولّد أنّ السعر سيرتفع في المرحلة المقبلة ليصل إلى 500 ألف وربما مليون ليرة إذا رُفع الدعم عن المحروقات. والله وحده يعلم كيف يمكننا تأمين المبلغ الآن، فكيف إذا ازداد؟". هذا ما قالته آية من طرابلس، مضيفة: "لديّ 5 أولاد، لهذا أضع في الثلاجة كمّية من الدجاج والخضار، وإذا بدأ التقنين فليس أمامي سوى اللجوء إلى شراء ألواح ثلج كي لا أخسر ما دفعته"، مضيفة: "ربما لو أنّ ما نعيشه الآن يتزامن مع وقوع حرب لكان الأمر أخفّ وطأة علينا".
 
(حسام شبارو)

من يعوّض علينا؟
 
في منزلها في الضاحية الجنوبية تعيش أم علي مع ولديها. اعتادت، كما قالت لـ"النهار"، أن تتموّن اللحوم والخضر، شارحة: "صُدمت عندما سمعت بالخطوة التي سيقدم عليها أصحاب المولّدات. فمَن يعوّض علينا ما دفعناه ثمن ما اشتريناه، وماذا عن تعبي في تحضير الخضر للتفريز، ألا يكفي عتمة الدرب التي وضعونا فيها"؟! ومضيفة: "دفعت هذا الشهر 340 ألف ليرة اشتراك مولد، هذا من دون تشغيل المكيّف والمروحة. ما يحصل يجعلنا نتمنى الموت، إذ لا أشغال ولا أموال، وأسعار خيالية لا يصدّقها عقل".
 
(حسام شبارو)

الخشية من القادم
 
ارتفاع أسعار اللحوم حال دون تموينها في الثلاجة كما قالت منال من بيروت، لافتةً إلى أنه "عندما لاحت أزمة المازوت في الأفق خشيتُ من أن يطاول قرار التقنين المولدات الكهربائية، لذلك طبخت ما لديّ في الثلاجة كي لا أصعق بخسارته".
 
وقالت: "وصلت فاتورة المولّد هذا الشهر إلى 470 ألف ليرة، والقادم أقل ما يقال عنه نكبة مع الانقطاع الطويل لكهرباء الدولة. أذكر بحسرة كيف كان التيّار لا ينقطع في العاصمة، بعدها أصبح يُقنن 3 ساعات، إلى أن وصلنا إلى يتم وصله 3 ساعات يومياً". وختمت: "لا نعلم أين سيصل بنا الحال، وأخشى ألّا يعود باستطاعتنا حتى شراء شموع لمواجهة الظلام".
 
(حسام شبارو)

"العتمة" في القلب
 
ليس لدى كلّ اللبنانيين القدرة على دفع بدل اشتراك المولّد، ومنهم حنان ابنة الطريق الجديدة؛ أم ثلاثة أولاد، وزوجة رجل عاطل من العمل، قالت: "بماذا وماذا سأفكر؟ بقوت أولادي الذي أعجز عن تأمينه، أم بأدوية زوجي ووالدته التي فُقدت من السوق، أم بالكهرباء التي اعتدنا غيابها، فالعتمة أصبحت في القلب. لن يختلف الأمر إذا لم نرَ أمامنا، وما بيدي حيلة إلّا أن أدعوَ الله أن يعتّم قلب كلّ مسؤول أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم".