الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

نادين جوني مظلومة بعد مماتها... كرم بعيدٌ عن عائلتها "قطعوا صلة الرحم"

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
نادين جوني وابنها كرم.
نادين جوني وابنها كرم.
A+ A-
في تشرين الأوّل 2019 رحلت الناشطة الحقوقية نادين جوني قبل أن تنتصر على المحاكم الشرعيّة وتستعيد ابنها كرم التي ناضلت طويلاً من أجله. سرقها الموت وانخطف صوتها الذي لطالما نادى لاسترجاع حقوق كلّ الأمهات المعذّبات والمحرومات من الحضانة والأمومة. نادين التي بكاها كلّ من عرفها، حيث شكّلت حالة استثنائية في معركتها، تبكي اليوم من تحت التراب على حكم يخطف منها حقّها الذي اكتسبته في حياتها. اليوم توفيت نادين مرّة أخرى في المحاكم بعد أن توفّيت في حادث سير مؤلم.
 
عائلة نادين تبكي اليوم بحرقة، لم يسأل أحد عمّا تشعر به، عما يعنيه كرم لهم، الخلافات والكراهية أكبر من الإنسانية، النفوذ والقوّة والضغوط هي الآمر الناهي في حياة الكثيرين الذين يزعمون الحديث باسم الشريعة لكنّهم يجتهدون في أحكام خاصّة تسلب حقوقاً انسانية.
 
رحلت نادين قبل أن تحقّق حلمها في حضانة ابنها، لكنّ عائلتها ما زالت تتمسّك بكرم كقطعة منها، هو من رائحة نادين وجزء منها، كيف لهم أن يتخلّوا عنه، ألا يستحقّون بعضاً من حنيّة كرم وضحكته لتعلو في منزل جوني بعد وفاتها؟ مخيف القانون عندما يُستخدم للانتقام والكراهية والظلم، يصبح عدوّاً بدل أن يكون منبراً للدفاع عن المظلومين، كرم هو الضحية الأولى وعائلة نادين هي الضحية الثانية، فمن يُعيد لهما الحقّ في حياة طبيعية لا يشوبها الكره؟
 
ففي الأوّل من تشرين الأول 2020، أصدر القاضي في المحكمة الجعفرية علي حيدر قراراً يقضي بحقّ والد نادين برؤية حفيده، والذكرى المتبقّية له من ابنته المظلومة، برؤيته والمبيت في منزله. ولكن كما نشرت ندى جوني على صفحتها " القاضي علي حيدر قرّر التنحّي نتيجة الضغط الذي تعرّض له، وتمّ تعيين القاضي جعفر كوثراني مكانه." وهنا تبدأ الحكاية!
 
ففي تاريخ 4 نيسان 2022، أصدر قراراً يفيد بأنّ "الطفل لا يريد عائلة والدته ولا يريد الذهاب إليها"!، وكما تقول ندى جوني "يحدّثوننا عن صلة الرحم والشيخ جعفر كوثراني قطع صلة الرحم".
 
تعترف ندى شقيقة نادين أنّ "شقيقتي كانت مظلومة في حياتها بعد أن حُرمت من ابنها في المحاكم الجعفرية، وبما أنّ نادين لم يتمّ انصافها في حياتها، فمن غير المستغرب ألّا يتمّ إنصافها بعد مماتها. وبعد أن أبقى الشيخ علي حيدر على القرار الأوّل برؤية كرم والمبيت لـ24 ساعة استكمل تنفيذ القرار بعد وفاة نادين. ولكن يبدو أنّ هذا القرار أزعج عائلة والده لأنّه في القانون الجعفريّ ليس هناك حقّ رؤية مع المبيت لأهل الأم، ومع الأسف لا يوجد أيّ حقّ لأهل الأم بعد وفاة الأخيرة. وقد لعبت النفوذ والضغوط دورها في هذه القضية بشكل كبير، ولم يهتمّ أحد لا لمصير الولد ولا لعائلتنا بعد وفاة ابنتنا."
 
 
وهي المرّة الأولى التي نشهد فيها على تخيّر ولد بعد وفاة أمه، هذه سابقة قانونية، وكيف نجهتد ببعض الأمور ونغضّ النظر عن أمور أخرى، عندما كان يطلب كرم أن يعيش مع والدته وبيت جدّه. للأسف كما تقول ندى "الاتّهامات التي قيلت في المحكمة تطال والدي وتطالني شخصياً، نحن لم نتغيّر ونحن نحبّه كثيراً، إنّه أول حفيد لعائلتنا وبات كلّ شيء بعد وفاة نادين، ولكنّنا عاجزون عن فهم كمية الحقد والتجبّر والكراهية من ناحية عائلة والده، ومن الناحية الثانية المحكمة الجعفرية التي لا تقرّ قانوناً ينصف الأم بعد وفاتها".
 
وبدموعها التي خذلتها، تبكي ندى بحرقة خالة موجوعة على شقيقتها التي توفّيت ولم تنصفها الحياة في استرجاع ابنها، وعلى ابنها كرم الذي حُرمت منه بعد إلغاء قرار رؤيته والمبيت لمدة 24 ساعة. ولا ذنب لكرم ممّا صدر منه لأنّه شُرّب الحقد والكراهية لأشهر، وكلّ همّنا أن يكون خارج نطاق المعركة والخلاف، إلّا أنّهم وضعوه في وجهنا. لقد كان يتلو ما تمّ تلقينه به وتمّ تخييره حيث اختار والده وبيت جدّه."

تستغرب منسقة حملة رفع سنّ الحضانة لدى الطائفة الشيعية زينة إبراهيم قرار القاضي في تخيير الولد، وهو اجتهاد شخصي منه وغير قانونيّ، خصوصاً في حالة وفاة الأم. وعليه، ألغى القاضي الشيخ جعفر كوثراني حقّ الرؤية والمبيت لمدة 24 ساعة. ويبدو واضحاً أنّ كرم تعرّض لضغوط كبيرة وقد شهد في المحكمة وألقى ما لقّنوه إيّاه من دون الاستعانة بأيّ طبيب نفسيّ أو مرشد اجتماعيّ للتأكّد من صحّة أقواله."
 
 
 
 
 
وترى إبراهيم أنّ "ما جرى هو قطع لصلة الرحم، القرار غير مفاجئ لأنّنا اعتدنا على الاستنسابية، إلّا أنّ الصادم كان حرمان عائلة نادين من رؤية حفيدها حتى ليوم واحد. لا يمكن غضّ النظر عمّا جرى، فحتّى قانونيّاً ليس هناك تخيير في حقّ الرؤية وإنّما تخيير في الحضانة."
 
وبعد حفاظ عائلة نادين على رؤية كرم لـ24 ساعة، جاء قرار جديد ليلغي حتى هذه الفرحة الصغيرة ويحرم عائلة نادين من حفيدها ومن شمّ رائحتها وإشباع عيونهم بكرم الذي يكبر يوماً بعد يوم. وعلى الرغم من اعتزام المحامي تقديم طلب استئناف إلّا أنّ الخوف من أن تدفع عائلتها خسارة أكبر بعدم رؤية كرم من جديد.
 
لا أحد يعرف حقيقة ما يشعر به ابن الأحد عشر عاماً، هو الذي وقف أمام القاضي، يتيم الأمّ، يحاول المضيّ قدماً في حياته. لكنّ هذا القرار قطع آخر صلة رحم مع عائلة أمّه التي توفّيت قبل أن تنتصر على الظلم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم