الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

حيواناتك الأليفة تُحسّن صحّتك العقليّة... وتساعدك في محاربة الأمراض (فيديو)

المصدر: "النهار"
ايسامار لطيف
ايسامار لطيف
كلب في ملجأ للحيوانات الأليفة (تعبيرية).
كلب في ملجأ للحيوانات الأليفة (تعبيرية).
A+ A-
قد يستغرب البعض ممّن ينشر صورة لحيوانه الأليف الذي فقده، أو يكتب "بوستاً" عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ مُعرباً عن تألّمه لرحيله أو غيابه، ومناشداً المساعدة في عودته. فكثيرون لا يقدّرون قيمة هذا الحيوان، وكمّية الفرح والطمأنينة التي يبعثها في قلب صديقه.
 
في أجواء اليوم العالميّ للصحّة النفسيّة، أردتُ الابتعاد قليلاً عن الأوضاع الراهنة التي نعاني منها في لبنان، وتسليط الضوء على الجانب الإيجابيّ في حياتنا اليوميّة، وتحديداً على الأمور التي تجعلنا سعداء وفي حال أفضل. لذلك، قرّرت التحدّث عن مخلوقات ضعيفة تدخل القلب بحركة بريئة وعفويّة من المداعبة الأولى!
 
محاربة الاكتئاب والأمراض المزمنة
من منّا يستطيع أن ينكر أنّه يشعر بالسعادة عندما يأتي صديقه الصغير المشعّر مسرعاً كالسهم، عندما يسمعنا نصل ونفتح باب المنزل؟ هذا هو شعور امتلاك حيوان أليف في المنزل، وكأنّه حافز آخر لإخماد وحدتنا.
 
أظهرت دراسات أن "اقتناء الحيوانات الأليفة يمكنه أن يخفّض مستويات هرمون الكورتيزول المسؤول عن مستويات التوتّر في الجسم، وينظّم ضغط الدم ويساعد على التحكّم بمعدلات السكّر في الدم أيضاً؛ أي بعيداً عن التفسير العلميّ، ويُساعد اقتناء الحيوان الإنسان على الشعور بالسعادة والاسترخاء. وبالتالي، فإنّ قضاء الوقت برفقة حيوان أليف يمكنه رفع مستويات فيتامين "د" في الجسم، الذي يحمي من الأمراض المزمنة.
 
بالموازاة، أشارت الدراسات الأخيرة التي أُجريت في الولايات المتّحدة، إلى أنّ "كبار السنّ ممّن يقتنون حيوانات أليفة يتراجع لديهم الشعور بالوحدة بنسبة 36 في المئة، ونسبة طلب المساعدة الطبّية بنحو 30 في المئة، وهناك دراسة استمرّت 20 عاماً، تُفيد بأنّ من يقتنون الهررة أو الكلاب في مرحلة ما من حياتهم تقلّ لديهم مخاطر الوفاة بالأزمات القلبيّة والاكتئاب".
 
وأظهرت دراسات مختلفة لعلماء تابعوا قضايا الحيوان منذ العام 2005 حتّى اليوم، أنّ تلك المخلوقات تساعد أصحابها على عيش اللحظة والاستمتاع بها عوضاً عن المبالغة في التفكير في الأمور، إذ إنّ الوقت الذي يقضيه أصحاب هذه الحيوانات وهم يهتمّون بشؤونها واللعب معها، يساعدهم على قضاء وقت ممتع بدلاً من التفكير المستمرّ في أمور الحياة المثيرة للتعب والقلق، الذي من شأنه التأثير على الصحّة النفسيّة والجسديّة للإنسان.
 
الحيوانات الأليفة: علاج للاكتئاب ومصدر للسعادة
فيما يرى البعض أنّ الهررة أو الكلاب نجسة، وتُدخل "النحس" إلى البيت، تُفيد الدراسات العلمية المبنيّة على تجارب عدّة أنّ تلك النظريّات خاطئة ولا أساس لها، فمثلاً تُساعد تلك المخلوقات الضعيفة على معالجة اضطراب فرط الحركة، ونقص التركيز الذي يُعانيه الكثير من الأطفال، وهو ما ينجم عنه اضطراب في قدرته على التعلّم، ويُعرّضه للكثير من المشاكل. وأحد الاضطرابات الأكثر خطورة التي تستطيع الحيوانات الأليفة مساعدة الأطفال الذين يعانون منها هو التوحّد، إلّا أنّ هذه الحيوانات تساعد هؤلاء الأطفال من خلال التغلّب على المشاكل الحسّية، ومساعدتهم على تقبّل لمس الأشياء كي يصبح بإمكانهم التفاعل مع البشر.
 
المساواة في الإنسانيّة عدلٌ
يحاول البعض تهميش الحيوان على سطح الكرة الأرضيّة، واستبعاده عنها، وكأنّ الكوكب حكر لنا فقط ولا يتّسع للمخلوقات الأخرى التي أوصانا الخالق بحمايتها والتعايش معها. لطالما استحوذ موضوع الرفق بالحيوان على اهتمامي، وكيف لا؟ فأنا ربّيت العديد من الحيوانات، وأستطيع أن أجزم لكم بأنّها كانت مصدر ابتسامتي في أوقاتي الصعبة.
 
في العام 2013، انفصلتُ عن حبيبي بعد 7 سنوات من علاقة كان من المفترض أن تُتوّج بالزواج، ودخلت في نفق اكتئاب ظننتُ أنّه لن ينتهي، فابتعدت عن الجميع وجالست كلبتي "بابلي" داخل غرفتي. الأمر المثير الذي صدم الجميع آنذاك هو تفاعلها الكبير معي، حيث كانت تبكي لحزني وتحاول إضحاكي بحركاتها العفويّة وكأنّها تقول بلغتها الخاصّة: "أرجوكِ لا تحزني".
 
كلّ صباح، كنتُ أراها تنظر إليّ في انتظار أن أستيقظ، لتجلس إلى جانبي بهدوء، هذا الشعور الرهيب الذي يجتاح القلب عندما تُدرك أنّك ذو أهمّية بالنسبة إلى "أحدهم" حتّى لو كان كلبة! كنتُ أبحث عمّا فقدته في البشر داخل كلبتي، وكأنّ وفاء الدنيا كلّه اجتمع في مخلوقات صغيرة لا ندرك قيمتها إلّا إذا عاشرناها.
 
 
"وايت" يُحارب السرطان مع صديقته!
تقول لينا الحاج، 33 عاماً، المصابة بمرض السرطان في حديث لـ"النهار"، إنّها "لم تكن تستطيع النوم من دون هرّها وايت".
وتضيف: "عندما علمتُ أنّني مصابة بالسرطان، مرّ شريط حياتي أمامي في دقائق، فحاولتُ التواصل مع أصدقائي لأخبرهم عن حزني وهمّي، فأنا كنت أحتضر... ولكن للأسف لم يستمعوا إليّ، عندها قرّرت شراء حيوان أليف، مع أنّني كنت أعاني رهاب الحيوانات، لكنّني اتّخذت قراراً بكسر حاجز الخوف هذا".
 
وتابعت: "اقتنيتُ وايت عندما كان عمره أسبوعين، ربّيته وكأنّه طفل صغير بحاجة إلى عنايتي واهتمامي، حتّى انّني كنت ألغي مواعيدي لأبقى في المنزل معه".
 
العلاج النفسي عبر الحيوانات الأليفة
من جهتها، أوضحت الاختصاصيّة النفسيّة ليا حرب في حديث لـ"النهار" أنّ "الحيوان يساعد الإنسان من نواحٍ عدّة".
 
وأشارت إلى أنّ "الحيوانات تمنع الإنسان من الشعور بالوحدة والقلق والحزن، وبالتالي يشعر بأنّه ذو قيمة ومرغوب فيه على الأقلّ بالنسبة إليه"، مؤكّدةً أنّ "هذا الأمر يؤثّر على الإنسان تأثيراً إيجابيّاً ويجعله متشوّقاً لرؤيته ومداعبته".
 
وشدّدت حرب على أنّ "الكلاب والهررة خاصّةً، قادرة على تحسين مزاج الإنسان واستمالته، لذا ينصح الأطبّاء عادةً باقتناء حيوان أليف أو تمضية وقت مع الحيوانات، إن كان الفرد يعاني من اكتئاب أو يمرّ بحزن".
 
إلى ذلك، لفتت الاختصاصيّة النفسيّة إلى أنّ "اقتناء حيوان أليف في المنزل يُساعد الأطفال على تحمّل المسؤولية وتنمية حسّ المساعدة والعطاء لديهم".
 
 
ملجأ "السعادة"
في مبادرة فريدة من نوعها، قامت الشابة فاتن سماحة (26 عاماً)، في افتتاح ملجأ ومتجر لرعاية الكلاب والقطط والحيوانات الأخرى الأليفة في عكار، التي شهدت فيها الحيوانات سلسلة تعدّيات سلّطت الدولة وجمعيّات الرفق الضوء عليها خلال السنوات الأخيرة.
 
وتقول سماحة لـ"النهار"، إنّ "اختيارها هذا المشروع نابع عن قناعة وحبّ للحيوانات التي برأيها، تحتاج إلى اهتمام أكثر من أيّ وقت سابق، لاسيّما خلال جائحة كورونا، حيث قامت بعض العائلات اللبنانية بالتخلّص من حيواناتها الأليفة ظنّاً منها أنّها تحمي نفسها بهذه الطريقة من نقل الجراثيم والعدوى".
 
وتابعت: "كان حلمي حماية تلك المخلوقات والعيش معها، فأنا أفضّل التعامل مع الحيوانات على البشر لأنّها وفيّة ولا تغدر، على الأقل إذا أطعمت كلباً لـ3 أيّام سيُدافع عني طوال حياته وسيبقى إلى جانبي، أمّا الإنسان فحدّث ولا حرج، لا نذكر بعضنا إلّا أمام أبواب المستشفيات والقبور".
 
من جهتها، أوضحت سماحة أنّها "أرادت أنّ يشعر الآخرون أيضاً بالسعادة التي توفرّها الحيوانات للإنسان، لذا قامت بتخصيص أوقات محدّدة للراغبين بقضاء يوم في الملجأ الخاص بها في أحضان الطبيعة، وبرفقة الكلاب والقطط والأرانب والأحصنة بهدف الاسترخاء والتمويه عن النفس"، حسبما أوردت.
 
وأشارت إلى أنّ "حوالى 65 في المئة من المواطنين يقصدون الملجأ لأسباب صحيّة ونفسيّة، خصوصاً خلال فترة كوفيد والحجر الصحّيّ".
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم