الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الأزمة الخليجية مع لبنان تتمدّد… محاولة لرأب الصدع ولا مخارج حتى الآن

المصدر: "النهار"
وقفة داعمة للسعودية أمام السفارة (تصوير حسن عسل)
وقفة داعمة للسعودية أمام السفارة (تصوير حسن عسل)
A+ A-
استمرّت الأزمة الخليجية مع لبنان باتخاذ مسار تصاعديّ مع انضمام دول أخرى إلى السعودية في الإجراءات العقابية ضدّ بيروت. فبعد الاجراءات السعودية والخطوة البحرينية المماثلة على صعيد استدعاء سفيرها وطلب مغادرة السفير اللبناني أراضيها، استدعت الخارجية الكويتية اليوم سفيرها لدى لبنان للتشاور وطلبت مغادرة القائم بأعمال السفارة اللبنانية لديها خلال 48 ساعة، "لإمعان لبنان في التصريحات السلبية".
 
وتردّدت معلومات عن قرار مماثل لدول مجلس التعاون الخليجي سيُتّخذ خلال الساعات القليلة المقبلة، في وقت قرّرت الإمارات سحب ديبلوماسييها من لبنان، اليوم، ناصحة مواطنيها بعدم السفر إليه، "تضامناً مع السعودية"، مؤكدة أنّها "لا تقبل نهج بعض المسؤولين اللبنانيين تجاه الرياض".
من جانبها، حمّلت جامعة الدول العربية لبنان "مسؤولية تأجيج الأزمة مع محيطه العربيّ والخليجيّ خصوصاً"، معربة عن قلقها "جرّاء تدهور العلاقات اللبنانية الخليجية".

ورأت الجامعة في بيان أنّ "أزمة تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي كان ينبغي أن تعالج لبنانياً بشكل مختلف وهناك فرقاء لديهم مصلحة في تفكيك علاقات لبنان بالدول العربية"، مضيفة: "نثق باتخاذ رئيسَي الجمهورية والحكومة في لبنان ميشال عون ونجيب ميقاتي إجراءات لوقف تدهور العلاقة مع دول الخليج".

إلى ذلك، ناشدت الجامعة العربية "دول الخليج إعادة النظر في إجراءاتها لتفادي التأثيرات السلبية على الاقتصاد اللبناني".
 
أمام هذا الواقع، أكّد سفير لبنان لدى السعودية فوزي كبارة لـ"النهار" أنّه سيغادر الرياض غداً، معتبراً أنّ "العلاقات الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية قُطعت بشكل كامل"، ومشدّداً على أنّ "دولاً عربية عدّة تتبع المملكة في قرارها".

واستطرد كبارة قائلاً: "يمكن إعادة المياه إلى مجاريها في حال نفذّ لبنان المطالب التي أُعلن عنها".

واعتبر السفير أنّ "المملكة قالت إنّها لن تمسّ بالجالية اللبنانية وهذه ضمانة بحدّ ذاتها"، متمنّياً أن "يتمّ ذلك لأنّ الجالية كبيرة".
 
  
خلية الأزمة 
من جهة أخرى، عُقد اجتماع خلية الأزمة في وزارة الخارجية بناء على طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لبحث الأزمة المستجدّة مع السعودية، حيث شارك في الاجتماع مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير.

وصباحاً، نقل سفير السعودية في لبنان وليد البخاري في تغريدة عن خارجية بلاده أنّ "حكومة المملكة تؤكّد حرصها الدائم على المواطنين اللبنانيين المقيمين الذين تعتبرهم جزءاً من النسيج واللحمة التي تجمع بين الشعب السعودي وأشقائه العرب المقيمين في المملكة".
 
من جهته، أكّد وزير الخارجية عبدالله بو حبيب بعد اجتماع اللجنة الوزارية "التواصل مع الأميركيين لحضور الاجتماع لأنهم قادرون على معالجة الأزمة الراهنة"، في وقت التقى بو حبيب القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان ريتشارد مايكلز.
 
بدوره، أكّد وزير التربية عباس الحلبي بعد اجتماع اللجنة الوزارية "استمرار العمل الحكوميّ"، معتبراً أنّه "لا يمكن ترك البلد من دون حكومة رغم الأعباء والأزمات التي تواجهها ومحدودية الوسائل المتوافرة بين يديها".
 
تابع رئيس الجمهورية ميشال عون المداولات التي طرحت خلال الاجتماع في وزارة الخارجية والمغتربين لخليّة الأزمة التي أنشأها ليل أمس رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بعد التشاور مع رئيس الجمهورية، لمعالجة تداعيات موقف المملكة العربية السعودية الأخير.

في هذا السياق، جدّد عون تأكيد "حرصه على إقامة أفضل وأطيب العلاقات مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومأسسة هذه العلاقات وترسيخها من خلال توقيع الاتفاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، بحيث لا تؤّثر عليها المواقف والآراء التي تصدر عن البعض، وتتسبّب بأزمة بين البلدين لا سيّما وانّ مثل هذا الأمر تكرّر أكثر من مرّة".

واعتبر عون أنّه "من الضروريّ أن يكون التواصل بين البلدين في المستوى الذي يطمح إليه لبنان في علاقاته مع المملكة ومع سائر دول الخليج".
 
وعلى خطّ الأزمة، علمت "النهار" من مصدر فرنسيّ رفيع أنّ باريس تجري اتصالات على أعلى المستويات مع الرياض في محاولة لتهدئة ردّ فعل السعودية إزاء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لمنع المزيد من التدهور في الأوضاع في لبنان.

وقبل أزمة قرداحي، كان المصدر أكّد لـ"النهار"، في قضية قاضي التحقيق طارق البيطار، أنّ باريس تحضّ الجانب اللبنانيّ على عدم استغلال القضاء في المواضيع كافة، والتركيز على تجنيب لبنان المزيد من التدهور عبر العمل على الأولويات وتنفيذ الإصلاحات.
 
 
فرنجية: للحفاظ على أطيب العلاقات
في سياق متّصل، لفت رئيس "تيار المرده" سليمان فرنجيه إلى أنّه يتمنّى "الاستمرار بأفضل العلاقات مع الدول العربية"، مشيراً إلى أنّه "خلال السنوات الـ15 الأخيرة لم يكن لدينا أيّ موقف ضدّ الدول العربية والخليجية وهذا ليس انطلاقاً من التزلف الذي يمارسه البعض بل انطلاقاً من قناعاتنا".

وقال: "شهدنا حفلة تزلّف وتبييض وجوه في اليومين الأخيرين ولا نبحث عن منصب... الله وحدو بيقرّر المستقبل ولن نورث أولادنا إلاّ كرامتنا".

وأوضح في كلمة بعد لقائه البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، أنّنا "نريد علاقات ممتازة مع الدول العربية وهذه قناعة راسخة لدينا وموقفنا واضح من السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج كافّةً"، مضيفاً: "في ناس عم تتملّق بالدفاع عنن".

كما كشف فرنجيه أنّ وزير الإعلام جورج قرداحي عرض عليه الحضور إلى قصر بعبدا والبطريركية المارونية لتقديم استقالته، إلّا أنّه رفض ذلك مؤكّداً أنّه لا يقبل أن يقدّم قرداحي فدية عن أحد، مضيفاً: "لا نتعاطى بدونيّة مع المملكة العربية السعوديّة بل بكرامتنا ولا نفتّش عن ربح وخسارة بل عن كرامة".

وأكّد التزامه ما يقرّره قرداحي سواء بالاستقالة أو عدمها، قائلاً "إذا استقال لن نسمي خلفاً له في هذه الحكومة".

وأضاف: "قرداحي يعرف مصلحة لبنان جيّداً وهو بريء وما صدر عنه نقطة بالنسبة لما صدر عن رئيس الجمهورية ميشال عون... هناك مشاريع أدّت إلى ضرب المسيحيين وخائف من الذهاب إلى حلول بالأساليب السلبيّة والرئيس ميشال عون رمز كبرَ لانهاء المارونية السياسية وضُرِب معه المسيحيون".

وأوضح أنّ قرداحي أعطى رأيه قبل أن يكون وزيراً وقبل أن يعلم بتوزيره، مضيفاً: "لا نقبل بالتعاطي بدونية من أيّ جهة كانت ونحن لا نبحث عن ربح وخسارة بل نريد الحفاظ على كرامتنا، ولا نضمر إلا الخير والإيجابية تجاه السعودية والدول العربية والعاهل السعودي كانت تربطه علاقة متينة بوالدي وجدي الرئيس فرنجيه".

وتابع: "سؤالي لماذا رأس الحربة ضد السنة والشيعة مسيحي؟ علينا كمسيحيين أن نلعب دورنا التاريخي بعيداً عن أن نكون رأس حربة. وأتخوف من حلول سلبية بدلاً من الحلول الإيجابية. حين هُزم المشروع المسيحي في الشرقية هُزمنا جميعنا وأتخوف من أن يتكرر السيناريو ذاته".

وأوضح فرنجية: "لا نريد حصول أيّ إشكال بيننا وبين المملكة العربية السعودية ونريد الحفاظ على أطيب العلاقات التاريخية معها ولكننا نريد أيضاً الحفاظ على كرامات الناس".
 
وردّاً على سؤال حول الانتخابات قال: "لديّ دائماً خوف على الانتخابات إنّما اليوم الخوف على البلد".
 
 
"لإعادة التفاوض"
أكّد رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك لـ"النهار" أنّ "القطاع الزراعي يتخوّف من أن تأخذ دول عربية أخرى قرار ممثال للمملكة العربية السعودية، فإذا انضمت مصر والأردن والدول الخليجية الأخرى إلى الموقف السعودي من الواردات اللبنانية، فإنّ تصدير المنتجات الزراعية من لبنان يكون قد انتهى".

وشرح الحويك لـ"النهار" أنّ "الخضر والفواكه التي تصدّر من لبنان معروفة وهي التفاح والبطاطا والعنب، ويأتي بعدها وفقاً لحجم التصدير، الحشائش والحمضيات والفواكه"، موضحاً أنّ "قرار وقف الواردات اللبنانية يؤدي إلى انهيار الأسعار محلياً".

وتابع الحويك أنّ "المزارع اللبناني ليس هو من يصدّر إنما التجار، لكن القطاع سيتأثر من انخفاض الأسعار بعد ارتفاع العرض في السوق المحلية".

من جانبه، قال وزير الزراعة عباس الحاج حسن لـ"النهار": "نتطلع لأن يكون التعاطي مع المملكة العربية السعودية وسوريا بأفضل حالاته في سبيل نجاح التصدير البرّي للمنتجات الزراعية".

وأضاف: "ليس بوسعنا سوى أن نتلقى قرار المملكة العربية السعودية السيادي، لكننا نتطلع إلى إعادة التفاوض مع الأخوة السعوديين بالنسبة للمنتجات الزراعية عبر اللجنة التي شكلناها معهم بعد لقاءات منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول".

بدوره، استغرب رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل في حديث لـ"النهار" "مطالبة البعض بالاتجاه شرقاً، ولكن كيف ذلك في ظلّ رسوم الترانزيت الباهظة التي تفرضها سوريا؟".

واعتبر الجميل أنّ "القرار السعوديّ مفاجئ وثمة بضائع لبنانية متوقفة في المرافئ الخليجية"، مشيراً إلى أنّ "الصادرات الصناعية السنوية إلى السعودية تقدّر بين 300 و400 مليون دولار"

وأضاف: "تشكل الصادرات إلى الخليج بين 40 و50% من مجموع الصادرات اللبنانية".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم