الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

عاصفة عزوف الحريري تضرب في البقاع... ضياع وصراعات وحسابات فتحت!

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
تجمّع لمناصري "المستقبل" في البقاع الأوسط.
تجمّع لمناصري "المستقبل" في البقاع الأوسط.
A+ A-
يعيش أنصار "تيار المستقبل" كما الشارع السنّي في محافظة البقاع، كما غيره، حالة من الضياع، بعد قرار عزوف الرئيس سعد الحريري.

لطالما  اعتُبر البقاع خزان "المستقبل" مثله مثل محافظة عكار، وكان  لقرار الرئيس سعد الحريري اتخاذ البقاع الغربي مقرّاً صيفياً له دلالة بالغة على حضور هذه المنطقة القويّ في التيّار.

في البقاع ثلاث دوائر انتخابية، ففي البقاع الغربي-راشيا يُعدّ "المستقبل" القوة الرئيسية من دون منازع، وهو سيطر على مقاعده النيابية مع حليفه الحزب التقدّمي منذ سنة 2005 حتى سنة 2018، باستثناء دورة 2005 حيث فاز ممثل حركة "أمل" النائب ناصر نصر الله، المتحالف مع المستقبل ضمن إطار الحلف الرباعي الذي عُقد آنذاك، أما في زحلة فأيضاً ظهر "المستقبل" كقوة كبيرة بعد انتخابات 2005، ليعود في انتخابات 2009 حاصداً عدداً كبيراً من الأصوات جعلته في المرتبة الأولى تجييراً وانتخاباً، أما في بعلبك الهرمل فهو قوة مهمة لكن تأثيره ليس كبيراً كما في زحلة والبقاع الغربي، وتُعدّ منطقة عرسال معقلاً للتيار بالإضافة الى حضور في مدينة بعلبك وبعض القرى.

في الدورة الانتخابية السابقة ومع اعتماد نظام الانتخاب النسبي، بالإضافة الى التطورات السياسية ومن ضمنها التسوية الرئاسية، شهد "المستقبل" تراجعاً في البقاع البقاع الغربي، ولم يستطع مع حليفة الاشتراكي سوى حصد 3 من 6 نواب فيما ذهب الباقون الى منافسه الرئيسي عبد الرحيم مراد، ومرشح الثنائي محمد نصرالله، إضافة الى إيلي الفرزلي الذي كان في موقع المناوئ قبل أن ينتقل الى ضفة الحليف لاحقاً.

أما في البقاع الأوسط فجدّد المستقبل زعامته، من دون منافسة، ورغم أن سوء إدارة المعركة الانتخابية لم يؤمّن له سوى نائب واحد، حافظ على رقم مرتفع من الأصوات وأقفل ساحته الانتخابية، ولم يستطع أحد الاقتراب منها سوى الحليف المفترض ميشال ضاهر الذي نال نسبة عالية من أصوات هذا الجمهور.

ولكن كان لدورة 2018 امتيازاتها في منطقة بعلبك الهرمل، فتمكن من إيصال نائب ممثل عن هذه المنطقة وهو النائب بكر الحجيري من عرسال، وأيضاً لولا سوء إدارة المعركة لحظي بنائب آخر يمثّل مدينة الشمس.

أما في دورة 2022 المرتقبة فاختلطت الأوراق جميعها، فنائبا المستقبل في البقاع الغربي (محمد القرعاوي وهنري شديد) حسما عدم ترشّحهما، ما جعل القاعدة الكبيرة في حال ضياع، وهذا ما دفع المرشح حسن مراد الذي سيخلف والده ترشّحاً إلى تكثيف حركته ومحاولة التوسّع ضمن الشارع السنّي، مستنداً إلى التقدّم الذي حققه والده في دورة 2018 حيث نال أكثر من 15000 صوت تفضيلي وحلّ أولَ بين جميع المرشحين، بالإضافة الى إمبراطورية خدماتية هائلة من جامعات ومدارس ومستوصفات ودور أيتام ومراكز مساعدات اجتماعية.

ولكن دراسات عدة أجريت في المنطقة أظهرت أن التقدّم الذي حققه مراد في الانتخابات السابقة هو الأقصى الذي يمكنه تحقيقه، إذ إن عدد الأصوات التي نالها لم تكن فقط من الشارع السني بل إنه نال نسبة جيدة من الأصوات الشيعية والأصوات الدرزية والمسيحية، كما أن حضور عبد الرحيم مراد يختلف عن حضور نجله بين الناس، وأكثر من 65 بالمئة من الشارع السني في المنطقة سيبقون ينتخبون على أساس سياسي، ومهما ساءت به الظروف لن يذهب الى الاقتراع لـ"حزب الله" وحلفائه ولا للنظام السوري الذي يمثّله حسن مراد في البقاع الغربي، وبالتالي يمكن لمراد أن يفوز بمقعده نتيجة خدماته وتوظيفاته لكن لن يتمكن من تسلّم زعامة الشارع السنّي مطلقاً.

وفي المقابل تبقى الأنظار شاخصة إلى من يمكن أن يعبّئ هذا الفراغ، وهو لا يمكن إلّا أن يكون نفس الجوّ السياسي ويحمل نفس الخطاب السيادي الواضح، مع تخوّف أوسط بقاعية من كثرة المرشحين التي تدور في فلك المستقبل أو مقرّبة منه أو تحمل خطابه، ستؤدّي في النهاية الى تشتيت هذه الأصوات نظراً لغياب الضبط والقيادة.

وإن كان في البقاع الغربي شخصية واضحة يمكن أن تنافس "المستقبل" فهذا غير موجود في قضاء زحلة حيث يطبق "المستقبل" بنسبة كبيرة على القاعدة السنّية، مستفيداً من علاقته مع العائلات الكبيرة والبيوت السياسية التقليدية (عراجي والميس)، إضافة الى حضور نائبه عاصم عراجي الخدماتي الكبير، وما يتمتّع به من احترام على مستوى قاعدته كما على مستوى القواعد الأخرى، حتى ذهب أحد الخبراء الإحصائيين الى التأكيد أنه في زحلة حتى الساعة لا أحد ضامن للحاصل الانتخابي سوى عاصم عراجي، بغضّ النظر عمّا إن ترشّح على اسم "المستقبل" أو على اسمه الشخصي، مؤكداً أنه إذا أحسن إدارة معركته الانتخابية فإن عراجي بخلفيته الحريرية يمكنه تكوين كتلة في زحلة من أكثر من نائب.

وفي هذا الإطار يؤكد عراجي أنه لم يتخذ قراراً بشأن الترشح من عدمه حتى الساعة. ويقول لـ"النهار": "الأمور حالياً قيد الدرس، ونحتاج الى وقت للتواصل مع ناسنا، كما لمعرفة ما ستؤول إليه الأوضاع السياسية عموماً وبعدها نعلن موقفنا بوضوح".
 
ويشدّد على أنه ملتزم نهج الرئيس سعد الحريري ومعه في خطواته كافة، لافتاً الى موقف "نبيل أبلغنا إيّاه، أنه لا يريد إقفال بيوت سياسية في المناطق، وخصوصاً تلك التي لديها حضور، وأنهم كنواب يعرفون مناطقهم وشارعهم ولهم الحرّية في التعاطي معه".
 
ويؤكد أنه إذا قرّر الترشّح فسيبني تحالفاته مع من ينسجم معه سياسياً أي مع خطّه "المستقبلي"، ولن تكون هناك تحالفات انتخابية أو آنية مع شخصيات لا تشبهنا، لافتاً الى أن حضوره الشخصي في المنطقة مبنيّ على 30 عاماً من الخدمات وخصوصاً في مجال الطبّ وحضوره في منطقته وبين ناسه".
 
وانتقالاً إلى بعلبك الهرمل، فإن ممثل "المستقبل" المنطقة النائب بكر الحجيري، سيلتزم قرار الحريري ولن يترشّح، ما يجعل الساحة السنّية في هذه المنطقة  الحسّاسة مفتوحة بالكامل، وهناك من يشير الى تحوّلها الى مسرح كباش جدّي بين "حزب الله" الذي يعطي أهمّية فائقة لمنطقة بعلبك الهرمل ومن أولى اهتماماته إعادة مقاعدها العشرة الى حضنه، وبين "القوات اللبنانية" التي تسعى الى الحفاظ على مقعدها، وربما ضمّ مقعد آخر إذا استطاعت استمالة الجزء الناقم على "حزب الله" إليها.
 
وفي هذا السياق تؤكد مصادر من أبناء المنطقة أن هناك عملاً لعدد من الشخصيات التي تؤيّد سياسات المستقبل وتدور في فلكه، لعدم ترك الساحة، بل لضبطها، وخوض الانتخابات في لائحة منفصلة عن الثنائي وعن القوات، وهي حتماً بإمكانها تأمين الفوز بأكثر من نائب.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم