الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

انتخابات المهندسين في بيروت الأحد... "النقابة تنتفض" زخّمت توحيد المستقلّين

المصدر: "النهار"
جودي الأسمر
جودي الأسمر
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-

أقلّ من 24 ساعة تفصلنا عن موعد إجراء انتخابات نقابة المهندسين في بيروت للمندوبين وأربعة فروع، دون أن تعلن قوى السلطة السياسية تشكيل لوائحها، في مقابل ترشّح المستقلّين في لائحة "النقابة تنتفض"، ضمن آلية منتظمة، وبعد جهود دؤوبة ترقى لأكثر من سنة.

 

الملاحظ في هذه المجريات، أنّها آية معكوسة لانتخابات نقابة المهندسين في طرابلس، التي سطّرت فوزاً ساحقاً لتحالف الأحزاب التقليدية، في وقت انكفأ المستقلّون عن خوض الانتخابات، باستثناء ترشيحهم ثلاثة مهندسين أعلنوا تحالفهم عشيّة الاستحقاق.

وإذ عمدت أحزاب السلطة إلى تأخير تحالفاتها، تشير معلومات "النهار" إلى تنافس بين لائحتين، إحداهما تضمّ "المستقبل" و"حركة أمل"، واللائحة الثانية تجمع "التيار الوطني الحرّ" إلى "حزب الله"، فيما لا يزال موقع "الحزب الاشتراكي" ضبابيّاً، وتموضع "القوات" بشكل منفرد عن الانخراط مع باقي الأحزاب، كما يفيد مندوبوه. 

 في ضوء هذه التركيبات، يصوّب خصوم المستقلين على جملة انتقادات وأسئلة مشكّكة، بناءً على تجربة النقيب الحالي المستقلّ جاد تابت غير المزدهرة، والتي يستخدمها حزبيّون للترويج ضدّ المستقلّين ومشروعهم النقابيّ.


هذه الصورة، تُحيط بها الأسئلة الآتية: ما التحالفات المعلَنة؟ وكيف استعدّ تحالف المستقلّين لخوض الانتخابات؟ وبماذا يفسّر تأخّر أحزاب السلطة في إعلان لوائحها؟ وهل انعكاس ديناميّة التحالفات بين بيروت وطرابلس سيعكس أيضاً الخواتيم؟

لوائح معلنة وحضور نسائيّ


عمليّاً، يستغرب كثيرون أن يعلن "تيّار المستقبل" منذ أسبوع ترشيحه المهندس باسم عويني لمنصب نقيب المهندسين للانتخابات المقرّرة في 18 تموز، فيما لم يكشف عن تحالفاته لانتخابات ستُجرى غداً. ويُفسّر موقف "المستقبل" بأسلوب كلاسيكيّ لأحزاب المنظومة السياسية الحاكمة في إعلان تحالفات اللحظة الأخيرة، وبعضها يبدو متناقضاً خارج مصالح الانتخابات.
من جهة أخرى، تعكس لائحة "النقابة تنتفض" المستقلّة أقوى مقوّمات التجربة الانتخابية، إذ برهنت عن جهود صبورة نجحت في توحيد الرؤية وتشكيل اللائحة وتطوير البرنامج الانتخابي منذ شباط 2020، إلى جانب حملتها الترويجية النشطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.


 وتشكّل "النقابة تنتفض" كتلة من 23 مجموعة بحلول مساء الخميس، بعد انضمام "جبهة المعارضة اللبنانية" إلى مظلّتها. وترشّح ممثلو الائتلاف لانتخابات هيئة المندوبين (283 مقعداً) التي تعلن لائحتها اليوم، بالإضافة إلى لائحة كاملة (20 مقعداً) لانتخابات الفروع الأول والثاني والسادس والرابع، ضمّت كلّاً من:
- الفرع الأول (مدني): جوزف مشيلح، أسامة حوحو، عاطف ميري، كوزيت جبره، إلياس بجّاني.
- الفرع الثاني (معماريّ): ناهدة خليل، روي داغر، عماد بعاصيري، ديفينا أبو جودة، تريسي نصر.
- الفرع السادس (موظفو الدولة): هانية الزعتري، رانيا عبد الصمد، ماي مزهر، جورج رعد، جرجس عون.
- الفرع السابع (زراعة): علي درويش، هالة الشميطلي، مصطفى حيدر، هنا أبي طربيه، علاء شاذبك.
واستوحت لائحة "النقابة تنتفض" مشروعها من روحيّة ثورة 17 تشرين في مواجهة جميع أحزاب السلطة.


إلى ذلك، يقول مؤيدون لـ"النقابة تنتفض" لـ"النهار" إنّ "اللائحة حرصت على ضمّ أكبر عدد من السيّدات ذوات الكفاءة (9 من أصل 20 مرشّحاً) لإعطائهن الصوت النقابيّ الفعّال، الذي يعكس دور المرأة في مجال مهنيّ تطغى عليه مفاهيم منمّطة، فيما تعكس الأعداد والكفاءات حجماً ودوراً فارقين للمرأة المهندسة".

وبانقضاء ليل الخميس، فشلت محاولات التقريب بين "النقابة تنتفض" وتحالف "المهندس أولاً- الثورة النقابية المستقلّة" الذي يضمّ "مهندسون مستقلّون"، و"لنا النقابة المستقلّة"، و"المجموعة المهنية - الخيار المهنيّ".

في الإطار، أصدر تحالف "المهندس أوّلاً" بيانًا يوم أمس، أعلن فيه تشكيل لائحة "المهندس أوّلًا- الثورة النقابية المستقلة"، على خلفية اعتباره بأن "الكارتل الحزبي" يهيمن على تجمع "النقابة تنتفض" وأنه "أجهض جميع الجهود والمفاوضات الهادفة إلى توحيد لوائح المعارضة عبر الإعلان نهار الثلاثاء 22 حزيران عن لوائح مقفلة ومعلبة وحصرية"، داعيًا التحالف "جميع المهندسين المستقلين فعلًا والطاقات المهنية والأكاديمية" إلى الإقتراع للّائحة.


كذلك، ترشحت ست مهندسات ينتمين إلى "لجنة المهندسات اللبنانيات" لعضوية هيئة المندوبين، فرفعن شعار "لنقابة مستقلّة وبعيدة عن المصالح والتجاذبات السياسية"، هنّ: سحر شبارو، ندى طفيلي، تغريد الزين، دينا المصري، منى سري الدين، رلى فداوي.

نقاط قوّة "النقابة تنتفض"

 

المرشّح لانتخابات الفرع الأول في "النقابة تنتفض" المهندس جوزف مشيلح يرى أنّ أهمّ ميزات الائتلاف هو جدّية التحضير للانتخابات منذ شباط 2020، قبل تأجيل انعقادها منذ آذار 2020، واصفاً الكتلة بـ"العمود الفقري للمرشّحين المستقلّين". لذلك فإنّ "النقابة تنتفض" ليست وليدة ظرف انتخابيّ.

ويشرح المرشّح: "عكفنا على تطوير وهيكلة الائتلاف، من خلال تأسيس جمعية عامّة تضمّ كلّ المجموعات الهندسية، ومنها تتفرّع لجان العمل، وعلى رأس هذه اللجان شكّلنا هيكليّة عامّة، تضمّ الهيئة الإدارية التي تتّخذ القرارات المركزية". 

ووفق مشيلح "ائتلاف "النقابة تنتفض" بمثابة "نقابة رديفة" تدرس كلّ الاختصاصات، وتضع أوراق عمل في المجالات الانتخابية النقابية، وكذلك الوطنية، في ملفات المياه والطاقة والموارد، لأنّ هدفنا استعادة دور نقابة المهندسين في الإطارين المهني والوطني".

ويلفت إلى أنّ بعض مرشّحيهم يحظون بسجلّ في القرار النقابي، إذ كانوا يتموضعون في كفّة المعارضة الشرسة ضدّ الأحزاب التقليدية المهيمنة على النقابة.

وحول مخاوف تكرار هزيمة "الثورة"، يُشير إلى فوارق مع تجربة طرابلس، أهمّها "أنّ طرابلس أجرت انتخابات الفروع في آذار 2020، بينما نحن سنخوضها غداً. يضاف أنّ التأجيلات أحبطت الحماسة، وكثيرون لم يصدّقوا بأنّ انتخابات النقيب ستجري، وهي الأهمّ. وغنيّ عن القول بأنّ مجلس النقابة غَدَر بتحديد تاريخ الانتخابات، لأنّ الجميع توقّع إجراء انتخابات طرابلس بالتوازي مع بيروت".

من جهتها، تؤكّد المرشّحة عن الفرع الثاني في "النقابة تنتفض" المهندسة ناهدة خليل أنّ الائتلاف وضع ثقته بالمهندسات السيّدات لأنه يستمدّ روحيته من انتفاضة 17 تشرين، التي صنعها النساء والشباب، ناقلة تفاؤلها بقدرات مهندسين شباب وبقوة حماستهم للتغيير في مواجهة محادل السلطة، فتقول: "أولينا ثقتنا المطلقة لهذه الطاقات الشابّة العظيمة في مجلس المندوبين لتولّي دراسة الملفات المهنيّة وفرصة الاستفادة من التجربة النقابية وإنضاجها".

وعن شرخ الأيام الأخيرة، تؤكّد أنّ "النقابة تنتفض" اتفقت مع المجموعة المنشقّة في أيار الماضي على تشارك المرشّحين، وفق المعايير المتبنّاة التي أرسيت جماعيّاً منذ سنة وأربعة أشهر، وأهمّها أن يكون المرشّح غير مؤيّد أو منتمٍ إلى حزب سياسيّ تقليديّ منذ ما لا يقلّ عن ثلاث سنوات.

ثم اضطرت "النقابة تنتفض" إلى إعلان اللائحة بعد تسويف ومماطلات المنشقّين، إنقاذاً لهذه الفرصة في أيامها الأخيرة.

وتأسف خليل لما لا يشبه مبادئ الثورة، متسائلة: "مَن وراء الشرذمة؟".

تأخّر لوائح السّلطة

في واحدة من أهمّ النقابات، يُعدّ تأخّر قوى السلطة في إعلان لوائحها سابقة تاريخيّة، وفق العضو الناشط في "النقابة تنتفض" في بيروت ضمن لجنة المعايير المهندس جورج طوق.

ويحلّل طوق انعكاس اللعبة السياسية بين طرابلس وبيروت لسبب أساس هو "عدم  وجود للتيّار الوطني الحرّ ولا حركة أمل أو حزب الله في طرابلس، ما خفّف من حدّة الارتباك بين أحزاب السلطة الذي عادة ما يحدثه ترشّح هذه القوى".

أمّا في طرابلس والشمال، فـ"الأحزاب التقليدية الأكثر تأثيراً هي المستقبل والقوات والمردة. وكان من السّهل التقاؤهم لأنه يجمعهم ما أسميه "مصيبة جبران باسيل"، ولا خلافات جذريّة بينهم، خصوصاً أنّ موضوع العلاقة بسوريا أصبح ثانوياً في اللعبة السياسيّة"، كما أنّه ليس جديداً أن تعلن الأحزاب التقليدية تحالفات اللحظة الأخيرة، "خصوصاً أنّ قانون النقابة لم يلحظ مهلة لإعلان اللوائح، لذلك يمكن إعلانها صبيحة الأحد".

ويشير طوق إلى أن "النقابة تنتفض" تعتمد آليات تنظيم وحوكمة وعملية ديموقراطيّة في اتخاذ القرارات"، مبرزاً معايير علميّة وموجبة لانضمام المرشّح، حدّها الفاصل هو علاقته بالأحزاب أو تورّطه بملفات فساد، إلى جانب تقييم خمسة محاور: الإلمام بشؤون النقابة، التجربة في الشأن العام، البورتفوليو المهنيّ والأكاديميّ، والقدرة على استقطاب الأصوات.

ويستنتج: "اللوائح التي رشّحتها "النقابة تنتفض" خضعت لما يشبه الانتخابات. هذه الممارسات كسرت نهج أحزاب السلطة في ترشيح الزعيم الواحد، وكسرت ثقافة "الأنا" الدخيلة على الثورة".

حتى اللحظة، تغتني هذه التجربة النقابية بعلامات فارقة بنظر المستقلّين، فـ"للمرة الأولى، يكون تجمّع غير حزبي معادياً للسلطة، وجاهزاً قبل السلطة بشوط طويل. ثانياً، تشهد هيئة المندوبين المنوطة بها السلطة التقريرية انتخابات بعدما كانت لعقود متتالية صورة طبق الأصل عن مجلس النقابة الذي تسيطر عليه الأحزاب، وينجح بالتزكية".

وأياً كانت نتائج الانتخابات، ترفض "النقابة تنتفض" إنهاء دورها: "نخوض المعركة وفق آليّة وعمليّة متكاملة كالتي ترعى الانتخابات الديموقراطية. وفي أسوأ الاحتمالات لا خسارة، لأنّ الكتلة معدّة لتكون "نقابة بديلة" داخل نقابة المهندسين".
 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم