الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ضيف النهار - موقف مؤسسة فؤاد شهاب من الأزمة اللبنانية الراهنة

المصدر: النهار
Bookmark
الأزمة اللبنانية
الأزمة اللبنانية
A+ A-
 شارل رزق  السِمة الأولى التي تتميز بها الدول المتخلّفة، وقد احتل لبنان مركز الصدارة بينها في السنوات الأخيرة، هي الطلاق بين مصالح الشعب من جهة، وبين سياسات السلطة من جهة أخرى. والوسيلة التي تلجأ إليها هذه السلطة لضمان استمرار حكمها رغم فقدانها الشرعية الديموقراطية، هي تقسيم شعبها وجعله شعوباً تُحرّض بعضها على البعض الآخر لتُحكم قبضتها على الجميع. وقد شهدنا نموذجاً عن ذلك أثناء الاستشارات النيابية الاخيرة التي أدت الى تكليف سعد الحريري مهمة تأليف الحكومة، فاستبق رئيس الجمهورية نتيجة الاستشارات ووجّه كلمة الى اللبنانيين لم يخفِ فيها معارضته الحريري محمّلاً إياه سلفاً وزر الإخفاقات التي وقع فيها العهد في السنوات الأخيرة. يجري تقسيم الشعب بالعنف أحياناً. وقد حصل ذلك أخيراً عندما حاول أحد أركان هذه السلطة التصدي لثوار تشرين المسالمين، فأفلَت عليهم أتباعه مسلحين بالعصي هاتفين اسم طائفتهم ومحاولين إظهار الحراك الشعبي كأنه غزوة بين قبائل متوحشة. يمكن نشر التفرقة بالوعود المتناقضة، كأن يَعِد رئيس الجمهورية بتأسيس دولة مدنية، في وقت يَتَبَخْتَر صهره طارحاً نفسه حامياً للمسيحيين. أو أن يصرّح رئيس المجلس النيابي بأن الطائفية هي رأس البلية، ليؤكد بعد ذلك أن تسجيل وزارة المال ملكاً لطائفته هو شرط تأليف الحكومة وإلا فلا حكومة ولا مَن يحزنون. نصَّ الدستورعلى ان نظامنا السياسي هو النظام التمثيلي البرلماني، أي أن البرلمان هو صورة مصغرة عن الشعب ينوب عنه في جميع الحالات. لكن وضعنا اليوم ينقض هذه المقولة كلّياً. فالشعب ثائر على السلطة، أما البرلمان فقد حصّن نفسه بالحواجز الحديدية وانعزل عن الشعب وراء الأسلاك الشائكة وعرّى بالتالي نفسه من صفة تمثيل المواطنين. هَمُّ اللبنانيين اليوم هو تفادي الافلاس الاقتصادى وإبعاد شبح المجاعة. أما البرلمان فلم يكلّف نفسه عناء تنظيم جلسة علنية واحدة للبحث في هذه المواضيع. وما ضاعف ابتعاده عن الناس هو عدم قيام معارضة نيابية منظمة تكون بمثابة صلة وصل مع الناس، وتراقب السلطة الحاكمة التي انفضح تعفّنها. والسبب في غياب المعارضة هو أن بعض أركانها المحتملين لا يقِلّون فساداً عن السلطة التي يُفترض فيهم محاسبتها. فابتَدَعوا، متضامنين مع السلطة، نهجاً حكومياً هجيناً سمّوه زوراً نهج حكومات "الوحدة الوطنية" وهي مبنية على نقيض النهج المعتمد في الدول البرلمانية الراقية...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم