الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"إحباطٌ" في طريق الجديدة... مخاتير يفضفضون بعد قرار الحريري

المصدر: النهار
تجمعات مؤيدة لسعد الحريري. (أرشيف "النهار").
تجمعات مؤيدة لسعد الحريري. (أرشيف "النهار").
A+ A-

مهدي كريّم

 

في طريق الجديدة، معقل "تيار المستقبل" في العاصمة، كان خبر تعليق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عمله السياسي والانتخابي حديث الناس وشغلهم الشاغل. فالمنطقة التي اعتادت ارتفاع الأعلام الزرقاء بين أحيائها قبل الانتخابات، باتت شبه خالية من أيّ إشارة الى تيّار المستقبل باستثناء بعض الصور القديمة للحريري الأب والابن، وكما غابت الصور واللافتات، غاب شعار "زي ما هي" وبات الإحساس بغياب الزعامة يطغى على كل ما عداه من شعارات.

 

صدمة من قرار الحريري 

 

في منتصف المنطقة، وتحديداً في شارع أبو سهل، يجول المختار محمد السمّاك أمام مكتبه، يفاجئه أحد المارّة بالقول "مختار، أنا أستاذ رياضيات وما بعرف بالسياسة، بدّي استفسر منك، الرئيس الحريري اعتزل السياسة على الآخر أو بس لفترة؟ طيب لو ترشح وقعد بالمعارضة مش كان أفضل". ففي هذه المنطقة التي يؤيد معظم قاطنيها تيار المستقبل، ثمة صدمة ظاهرة على وجوه الجميع، وكأن الزمان قد توقف عند إعلان الحريري. 

 

داخل مكتب المختار صورتان للرئيس الشهيد رفيق الحريري وأخرى للرئيس سعد الحريري، يؤكد السماك أن "علاقة أهالي المنطقة وآل الحريري تعود لعام 1996 حيث تُعدّ الحصن للحريرية السياسية". ويفاخر بأن "الحريري الأب والابن كانا يعتبران أن طريق الجديدة هي أساسية لهما سواء بالنسبة للخدمات أو المساعدات أو باقي التقديمات". ويلفت السماك إلى أن "الأشهر المنصرمة شهدت تمهيداً لقرار الحريري، ولكن كان الحديث عن إمكانية دعمه للوائح أو تسمية مرشحين دون دعمهم بطريقة مباشرة، إلا أن قراره كان متقدماً جداً عن ذلك ولا يستطيع أحد من كتلة المستقبل الترشح بعد هذا القرار". وتابع "رغم ذلك، شكل قرار الاعتكاف صدمة كبيرة للناس، فقد كان التعويل على ظروف داخلية وخارجية تؤدّي لتعديل قراره". 

 

تجمعات مؤيدة لسعد الحريري. (أرشيف "النهار").

 

فراغ سياسي في الساحة السنّية 

 

على الرغم من الفراغ الكبير الذي سيحدثه اعتكاف الحريري، ينفي السمّاك بشدّة إمكانية وراثة زعامة آل الحريري "فرغم غياب الدعوات، التوجّه العام للمواطنين هو لمقاطعة الانتخابات، فطريق الجديدة فقدت رمزها وهناك إحباط عام لدى الطائفة السنّية التي باتت بلا زعيم". 

 

في مقابل هذه الصدمة، ثمة من رأى من خطوة الحريري "انتصاراً له"، فيُشير جمال المصري، صاحب صالون حلاقة، إلى أنه كان يجب الإقدام على هذه الخطوة منذ زمن، "ففي بلد مثل لبنان لا فرق بين الأكثرية أو الأقلية، ففي جميع الأحوال لن يسمحوا له بالحكم". وأضاف: "الحريري قدّم كل ما يمتلك من رصيده دون جدوى بسبب هذه الطبقة السياسية من حلفاء وخصوم". وتابع "محبته لدى أهالي المنطقة لن تتراجع ولن ينتقلوا الى زعامة آخر". 

 

يستذكر المصري الحريري الأب الذي "أوصل للمنطقة خطوط الهاتف وفتح وسط بيروت التي كانت روائح الجثث تفوح منها، كما جعل من لبنان بلداً آمناً ومركزاً للسيّاح من جميع أصقاع الأرض"، وتابع "جاء الرئيس سعد الحريري لاستكمال المسيرة لكنه لم يتمكن، فالجميع خذله". رأي المصري يختلف عن رأي جاره، الذي يمتلك محلّ مفروشات، والذي يُشير بعد رفضه الإفصاح عن اسمه إلى أنه يمتلك 200 ألف دولار في المصرف وهذه هي "خسارتي الكبيرة وليس أيّ شيء آخر". ويرى أن "الناس لديهم إحباط من كل هذا الوضع، لا أعتقد أن اعتكافه سيؤثر على المواطنين الذين يعيشون أصلاً استياءً من كل شيء، ولم يقدّم أيّ من السياسيين شيئاً لنا بل إن حبّة البنادول بات يُتاجر بها". 

 

خيبة أمل وخسارة كبيرة! 

 

من ناحيته، يستذكر مختار المزرعة سليم المدهون الفوز الساحق الذي حققه الرئيس رفيق الحريري في الانتخابات النيابية عام 2000، حينها توجّه مع مجموعة من فعاليات المنطقة إلى دارة الأخير لتهنئته "رأيت حينها أحد الشبّان بين الجموع في الثلاثينيات من عمره يرتدي كنزة عليها صورة الحريري، فأشار لي أحد الأصدقاء بأنه نجل الحريري واسمه سعد". يستند المدهون إلى هذه الحادثة ليؤكد أن الحريري الأب لم يكن يودّ إقحام عائلته في الحياة السياسية "فسعد كان بعيداً عن الحياة السياسية ومشغولاً بعالم الأعمال، وبعد 5 سنوات، وتحديداً بعد استشهاد الرئيس الحريري التقيته مجدّداً، وقال لي ما زلت في مرحلة تعلم السياسة". 

 

ويرى المدهون أن "مسألة اعتكاف الحريري عن العمل السياسي كان حديث الناس في المجالس البيروتية منذ أشهر، وكانت هناك محاولات لثنيه عن هذا المسار إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل". وأضاف "يبدو أن هناك اعتبارات دولية دفعت الحريري الى اتخاذ هذا الموقف إذ إنه لا يُريد تحميل طائفته تبعات ذلك". 

 

ويلفت المدهون إلى أن "الرئيس رفيق الحريري تمكن من إقامة حالة وطنية مترافقة مع استنهاض سُنّي، والحريري لم يُحط نفسه بالطائفة السُنّية بدليل أن كل مؤسساته المصرفية أو شركات المقاولات أو التأمين أو الإعلام أو غيرها من المؤسسات التي كان يملكها لم يكن الموظفين فيها من السُنّة بل كانوا أقلية". وأضاف "كما أن المشاريع التي أقامها أخذت بُعداً وطنياً تبدأ من الشرقية وتنتهي بالغربية وليس العكس، وذلك لأنه كان يعتبر نفسه ممثلاً لكل لبنان"، وفق تعبيره. 

 

تجمعات مؤيدة لسعد الحريري. (أرشيف "النهار").

 

خوف من المستقبل 

 

في السياق، يشكو رأفت كراجة، صاحب محل تنجيد، الوضع الاقتصادي الخانق الذي يعمّ في البلاد، وعند سؤاله عن رأيه في قرار الحريري، يتنهّد ويصمت لثوانٍ، ثم يقول "الرئيس سعد الحريري أخطأ بقراره فكان الأجدى به البقاء واستكمال مسيرة والده الذي رفع البلد"، وأضاف "ألا يكفينا ما نحن فيه من خراب، فخطوة الحريري ستؤدّي حتماً للمزيد من الخراب في البلاد". 

 

أما المختار محمود البرجاوي، المعروف بلهجته البيروتية المحببة لأهالي المنطقة، فيُعبّر عن حزنه العميق من خطوة الحريري "زعلنا على شخص بيحب الناس كلها والطوائف كلها". يصف البرجاوي الحريري بأنه "إنسان غير كل السياسيين ورجل مخلص وابن بيت محترم". وأضاف "لا نعلم الأسباب التي دفعته لاتخاذ قراره ولكنها خسارة كبيرة، وأهالي طريق الجديدة لن يقبلوا انتخاب أي بديل بل سيكون الاعتكاف عن المشاركة سيد الموقف". 

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم