الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

بالصور والفيديو- الحريري في أعنف هجوم على عون: مجلس النواب يمنح الثقة للحكومة وليس أنتَ

المصدر: "النهار"
الحريري (نبيل إسماعيل).
الحريري (نبيل إسماعيل).
A+ A-
استهل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري كلمته خلال جلسة المجلس النيابي المنعقدة في قصر الأونسكو لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بتوجيه "تحيّة لأهلنا في فلسطين المحتلة، وعلى امتداد الجغرافيا الفلسطينية، على صمودهم الذي تصغر أمامه صغائرنا السياسية الضيقة، وعلى تضحياتهم التي تهون أمامها مآسينا، فقضيتهم كانت وستبقى قضيتنا العربية المركزية. لفلسطين ولشعبها، أخواننا الفلسطينيين، من هذا المنبر، ألف ألف تحية".

ثم قال: "في الشكل، نحن أمام رئيس للجمهورية يمارس حقاً دستورياً في توجيه رسالة للمجلس النيابي، يطلب منه مناقشتها واتخاذ ما يراه مناسباً بشأنها. لكن في الحقيقة، نحن أمام رئيس للجمهورية يقول للنواب: سميتم رئيساً للحكومة، أنا لا أريده، ولن أسمح له بتشكيل حكومة، تفضلوا وخلصوني منه! نعم يا دولة الرئيس، هذه هي الحقيقة، ببساطة ومن دون مواربة. أعلم أننا قرأنا جميعاً أن هذه الرسالة تهدف إلى تبرئة ذمة فخامة الرئيس من تهمة عرقلة تشكيل الحكومة، شأنها شأن الرسائل المترجمة إلى لغات عدة والموجهة إلى عواصم أجنبية، لحماية بعض الحاشية والمحيطين والفريق السياسي من عقوبات يلوح بها الاتحاد الاوروبي مجتمعا أو الدول كل على انفراد. لكن الحقيقة أبعد من ذلك التفصيل، والحقيقة ليست في الشكل بل في الأساس".
 
 
أضاف: "نحن أمام رئيس للجمهورية يريد منا تعديل الدستور. فإذا لم نفعل، يريد تغيير الدستور بالممارسة من دون تعديل، وبانتظار أن يكون له ما يريد، يعطل الدستور، ويعطل الحياة السياسية في البلاد، والاخطر من ذلك، يعطل أي أمل أمام اللبنانيين بوقف الانهيار المريع الذي يعيشونه جميعا، في يومياتهم المالية والاقتصادية والمعيشية، لا بل في دولتهم ومؤسساتها. نعم يا دولة الرئيس، نحن أمام رئيس للجمهورية أجل الاستشارات النيابية الملزمة على أمل أن يمنع النواب من تسمية سعد الحريري رئيسا للحكومة. وعندما لم يعد في يده حيلة، خاطب النواب مباشرة على الهواء، قبل الاستشارات الملزمة بيوم واحد، وناشدهم الا يسموا سعد الحريري. وعندما لم يمتثلوا لإرادته، ولم يجد في الدستور ما يمكنه من إلغاء ارادة المجلس النيابي، قرر تعطيل تشكيل الحكومة، وتعطيل الدستور، والبحث عن أي وسيلة للتخلص من رئيس الحكومة المكلف".

وتابع: "أولاً، علينا أن نعترف أن فخامة الرئيس يمتلك تجربة كبيرة، لا بل باعاً طويلاً في التعطيل. من تعطيل تشكيل حكومات متتالية، لاشهر طويلة، أذكر منها على سبيل المثال، 11 شهراً لتشكيل حكومة دولة الرئيس تمام سلام، وكلنا يذكر كرمال عيون مين، وصولاً إلى تعطيل تشكيل حكومتي الأخيرة 7 أشهر، نصفها لمنع وزير إضافي عن القوات اللبنانية، ونصفها الآخر في محاولة لمنع منصب نائب رئيس الحكومة عنها! من تعطيل تشكيل حكومات، إذا، إلى تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية لأكثر من سنتين، كان خلالها الموقع الماروني الأول في نظامنا شاغراً، وصلاحياته في يد مجلس الوزراء برئاسة دولة الرئيس تمام سلام. كان يمكنني في حينه أن أقول: حسناً، صلاحيات الموقع الماروني الأول باتت في يد مجلس الوزراء برئاسة الموقع السني الاول، فليبق الأمر كذلك، ولأطول مدة ممكنة! لكنني قررت أنا شخصياً، إنهاء الشغور، ومنع الفتنة، فقمت بعدة مبادرات، من ترشيح الصديق سليمان بك فرنجية، وصولاً إلى انتخاب فخامة الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية، وإعادة الموقع والصلاحيات إلى مكانهما الصحيح في نظامنا ودستورنا. أقول هذا الكلام إنعاشاً لذاكرة من يزعم أن سعد الحريري ينوي الاعتداء على حقوق المسيحيين، وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية! وبمناسبة الحديث عن حقوق الطوائف والميثاقية، لم أجد فخامة الرئيس ميشال عون منزعجاً من تكليف رئيس للحكومة الأخيرة، بأصوات قلة فقط من الزملاء السنة، ومع كل محبتي ومودتي لهم، ثم بتشكيلها بثقتهم وحدهم، علماً أنه في المقابل لم يجد أي مانع في أن يسمي رئيسها وزراء من المسيحيين. على كل حال، أطال الله بعمر غبطة البطريرك الراعي وقداسة البابا فرنسيس، ليشهدا من هو المتمسك الحقيقي بالمناصفة والشراكة الكاملة وبحقوق المسيحيين وبقائهم في وطنهم وارضهم، في لبنان".
 
 
وقال: "إذا، القرار كان ويبقى تعطيل تشكيل الحكومة، واستخدام الوقت المستقطع لتهشيل سعد الحريري ودفعه إلى الاعتذار، فقط، لأن فخامة الرئيس لا يريد الاعتراف بإرادة المجلس النيابي. فإذا كان الكلام المسيء، على لسان المصادر والحاشية لا يكفي، يسرب عن طريق الخطأ المدروس شريط فيديو يصف فيه الرئيس المكلف بما يعرف أنه أبشع نعت على مسامعه. وإذا لم يكف ذلك، نخاطبه بدونية مدروسة، عن طريق رسالة يحملها دراج، ونستدعيه إلى رئاسة الجمهورية عبر كلمة متلفزة، وكأن الهاتف لم يعد يعمل في بلدنا! وطوال 7 أشهر، نضع الرئيس المكلف أمام معادلة مستحيلة: إما أن تشكل الحكومة كما يريدها فريق رئيس الجمهورية السياسي، منتحلاً إرادة فخامته وزاعماً أن لا مطلب له، وإما لا حكومة. وهنا، أريد أن أكون واضحاً وضوح الشمس: لن أشكل الحكومة كما يريدها فريق فخامة الرئيس، ولا كما يريدها أي فريق سياسي بعينه. لن أشكل الحكومة إلا كما يريدها وقف الانهيار ومنع الارتطام الكبير الذي يتهدد اللبنانيين في أكلهم وصحتهم وحياتهم ودولتهم".
 


أضاف: "هل من داع للتذكير بما كان يمكننا أن نأمل إنجازه، لو أطلق فخامة الرئيس سراح التشكيلة الحكومية قبل 7 أشهر، أو حتى 6 أشهر؟ اما كنا قد تقدمنا كثيراً في التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وبدأناه في سائر وزارات الدولة ومؤسساتها؟ أما كنا أنجزنا الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وأطلقنا ورشة الإصلاحات؟ أما كنا قد بدأنا إعادة إعمار ما دمره انفجار الرابع من آب المريع في بيروت؟ أما كانت الصناديق الممولة بدأت دعمها لإنتاج الكهرباء؟ أما كانت العملة الوطنية قد استقرت على سعر صرف موحد ومعقول تجاه الدولار؟ أما كانت البطاقة التمويلية سارية، للحفاظ على كرامة المواطنين في مقابل تخفيض تدريجي ومنظم للدعم؟ لكن ما العمل، ونحن في عهد يصر على تثبيت نفسه بطلاً في إضاعة الفرص على نفسه وعلى لبنان واللبنانيين؟ لقد قلت منذ اليوم الأول، لقبولي لهذه المهمة الوطنية النبيلة والخطيرة في آن معاً، وللتحديات الهائلة الماثلة أمامنا، بأنني لن أشكل إلا حكومة اختصاصيين غير حزبيين كفوئين ونزيهين قادرين على القيام بالاصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار، والتي باتت تشكل شرطاً مسبقاً لأي دعم خارجي لا غنى عنه، والمفصلة في خارطة الطريق التي باتت معروفة باسم المبادرة الفرنسية".
 
وتابع: "نحن باختصار أمام رئيس للجمهورية يصر على مخالفة الدستور بأن يحصر بشخصه منح الثقة للحكومة، بينما ينص الدستور على أن مجلسكم الكريم، علاوة على أنه دون سواه من يختار الرئيس المكلف، هو الذي يمنح الثقة أو يمنعها. وأنا منذ البداية كنت راضياً بحكمكم، منحاً أو منعاً، ولهذا آثرت الصبر حتى لا أكون شريكاً في استباحة سلطاتكم الدستورية مثلما تستباح السلطات الأخرى. وإن أكثر ما يحزنني أن فترة الفراغ الخطيرة التي يسأل عنها فخامة الرئيس في رسالته، ليست فراغاً مطلقاً، بل تمتلئ بالمعارك الدخانية، وتهديم المؤسسات، ومحاولات الفتن الطائفية والمذهبية، والمروق القضائي المبرمج، والفضيحة غير المسبوقة في الدبلوماسية، واستباحة ما تبقى من الاحتياط والتنكيل بالعملة الوطنية، كأنهم ما تعلموا شيئاً ولم ينسوا شيئاً، كما في المقولة الشهيرة. أخيراً، من جهتي، فإني ألتزم أمام مجلسكم الكريم، وأمام الشعب اللبناني وأمام الله، بأنني لن أكل، ولن أمل، وسأواصل العمل على استقطاب الدعم، لمكافحة الانهيار، وفتح بارقة أمل أمام بلدنا وأهلنا الطيبين في كل أرجائه، وفي المغتربات. كما أعلن في المقابل، أنني لن استجيب للعنعنات الطائفية، ولست مستعداً لأكون شريكاً في أي إخلال في التوازن الدستوري ولا في الاتزان الوطني، ولن أسهم في تسهيل المشاريع العدمية".
 
وختم الحريري: "دعوتي الصادقة إلى فخامة رئيس الجمهورية، وفريقه السياسي، أن يكفوا في هذه السنة الاخيرة المتبقية من عهده عن محاربة طواحين الهواء، والخروج من الأزقة الضيقة، التي علقوا فيها طوال خمسة أعوام، فأوصلتنا وأوصلتهم إلى هنا. إن لبنان يستحق محاولة جديدة، ويستحق طريقة أخرى، ويستحق نتيجة غير الفشل. عشتم، وعاش لبنان".
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم