الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تلافياً للإرباكات وتولّي الصلاحيات و"شكراً" لعون... تأليف الحكومة على وقع أولويات "الحزب"

المصدر: "النهار"
رولان خاطر
الرئيس المكلف نجيب ميقاتي (نبيل إسماعيل).
الرئيس المكلف نجيب ميقاتي (نبيل إسماعيل).
A+ A-
يطبع ملف تأليف الحكومة جوٌّ إيجابيّ، نظراً إلى جدّيّة الطروحات ودخول "حزب الله" على الخطّ في محاولة لتقليص حجم الخلافات عبر تنقية بعض المطالب، وخفض سقوف الشروط المطروحة، ممّا يظهر أنّ التأليف بات قريباً جداً، وَفق صيغةٍ مستنسخة من سابقتها مع تعديلات طفيفة، تحافظ على التوازن السياسي، وعلى معادلة "لا غالب ولا مغلوب"، عبر الحفاظ على عدد الوزراء الـ24، إنّما مع إجراء تبديل في بعض الحقائب والأسماء.
 
الدينامية الحكومية فرضتها معطيات داخليّة وخارجيّة، دفعت بـ"حزب الله" إلى إطلاق جهود واسعة تحتّم الوصول إلى نهايات إيجابيّة في ملف التشكيل، نظراً إلى قرار واضح بضرورة التأليف على أعتاب استحقاقات إقليميّة وداخليّة مرتقبة، تبدأ بملف الترسيم مروراً بالاستحقاق الرئاسي، وقد لا تنتهي بالملف النووي الإيراني وتداعياته.
 
فالحزب أساساً لم يكن على ما يبدو ذاهباً باتّجاه التأليف؛ حتى عند تسمية الرئيس ميقاتي رئيساً مكلّفاً لم يشترط عليه تشكيل حكومة، إلاّ أنّ الأولويات التي تحدّد مسار لعبة الحزب، وحساباته، تختلف عن أولويات باقي الأطراف وحساباتهم؛ ومقاربة أيّ ملف داخليّ تُقاس بالحدّ الأدنى بمدى خدمته لسياسات إقليميّة معروفة. من هنا، يُمكن فهم التبدّل في سياسة الضاحية تجاه الملفّات السّاخنة داخليّاً، وفي طليعتها الحكوميّة. فقرار "حزب الله" لناحية تأليف الحكومة سريعاً بات حاسماً، وهو بذلك، يلاقي من جهة دعوات حليفه "التيار الوطني الحرّ" ورئيس الجمهورية لتأليف حكومة يصرّ العهد على وجودها، ومن ناحية ثانية، يقطع الطريق على أيّ بلبلة دستوريّة قد تستجرّ تدخلاً دولياً هو بغنى عنه، خصوصاً أنّ تصريحات رأسَي العهد، عون وباسيل، هدّدت باللجوء إلى خيارات بديلة، والتعاطي مع حكومة ميقاتي على أنها حكومة مغتصِبة، ممّا يُبشّر بفوضى ونزاع دستوريّ كبير ستشهده المرحلة المقبلة في حال عدم وجود حكومة كاملة الصلاحيات.
 
وبحسب مرجع سياسي مواكب لعملية التأليف، يريد الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، أن يقول لحليفه ميشال عون "شكراً" على ما فعله في ولايته من تغطية لدوره وسلاحه غير الشرعيّ، فيزيل عنه ومن أمامه الضغوط، خصوصاً أنّه يغادر قصر بعبدا بوضع شعبيّ مأسويّ بل كارثيّ. وسيكون تشكيل الحكومة عربون شكر لرئيس الجمهورية، وتلافياً لأيّ خطوة قد يقدم عليها العهد تؤدّي إلى مزيد من الإرباكات التي يعتبر الحزب أنّه يجب تفاديها.
 
وبالتالي، يختصر المرجع السياسيّ دوافع الحزب بإرادته قطع الطريق على بقاء ميشال عون في القصر، وعلى استجرار تدخل دوليّ إلى الداخل، وما يمكن أن ينتج من تداعيات، أقلّها مؤتمر دوليّ سيلحق ضرراً كبيراً بمشروع "حزب الله" في لبنان، وكلّ ما ناضل الحزب من أجله. كذلك، يُريد الحزب الحفاظ على الستاتيكو الحالي، عبر حكومة تُرضي جميع الأطراف، فيسحب كلّ ذرائع الفوضى والسجال القانونيّ والدستوريّ، الذي يُمكن أن تتّسم به المرحلة المقبلة، ويُخصّب الأرضيّة سياسياً وقانونياً لأيّ اتفاق ترسيم مع إسرائيل.
 
من أجل ذلك، قاد "حزب الله" جهوداً ووساطة للتقريب في وجهات النظر وتحليل العقد وإزالة الشروط، والتأكيد على أن بقاء هذه الحكومة هو الحلّ الأنسب حالياً، مع إجراء بعض التعديلات على الأسماء واستبعاد الاستفزازية منها.
 
وفيما بات مؤكّداً أنّ البيان الوزاري مستمرّ بصيغته الحالية، فإن آخر الطروحات المتداولة في الكواليس السياسية عن صيغة مستنسخة من سابقتها، مع تعديلات تؤمّن التوازن وتحافظ على ماء الوجه لدى الأطراف المعنية بالتأليف، وصيغة تطرح تبديل 4 حقائب ووزراء، هم: المالية، المهجّرين، الاقتصاد، ووزير مسيحيّ، لم يُعرف بعد.
 
بمعنى آخر، يعمل "حزب الله" على هندسة المرحلة المقبلة وفق أدبياته وسياساته، فيشكّل حكومة "كاملة الصلاحيات" تؤمّن التوازن الطائفيّ في البلد، وسيكون من أبرز مهامها أيضاً تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية، بعدما بات مؤكّداً أننا سائرون إلى الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، وإلى الفراغ على مستوى الجمهورية والوطن.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم