الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ما دلالات حملة "الحزب" غير البريئة على الجيش؟

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
قائد الجيش العماد جوزف عون (أرشيفيّة - أ ف ب).
قائد الجيش العماد جوزف عون (أرشيفيّة - أ ف ب).
A+ A-
شهدت الأيام الماضية مواقف تصعيديّة عبّرت عن غيظ مكتوم شخّص نظرة محور "الممانعة" بـ"العين الحمراء" تجاه المؤسّسة العسكرية اللبنانية. ويكفي التوقّف عند ما صرّح به الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بلغةٍ أقرب إلى إصدار توجيهات، في قوله إنّ "من واجب الجيش اللبناني والقوى الأمنية أن تفتح الطريق"، زاعماً بأنّ "هناك ضغوطاً من سفارات خارجيّة على الجيش". وإذا كان نصرالله قد ظهر بصورة الوجه الغاضب، فإنّ أحد المقرّبين الوثيقين من "حزب الله" كان ظهر بدوره بصورة الوجه الممتعض من الجيش؛ والمقصود هنا الشيخ صادق النابلسي الذي زعم أنّ "هناك شيء ما يتحضّر على الحدود اللبنانية - السورية لإقفال الحدود في وجه المقاومة أو لعمل ما... هناك يحضّرون مهبط طيران أو أكثر. وهناك ما يُفتعل في السياسة لناحية أنّه طُلب من الرئيس سعد الحريري القبول بقوات تركية ومصريّة لإغلاق الحدود البرية بين لبنان وسوريا، وبحسب ما يحكى أن الحريري رفض قدوم قوات تركية وقبل بقوات مصريّة".

وتتزامن هذه المواقف مع رسائل صوتيّة تتناقل على نحو واسع بين اللبنانيين - تُعرّف بلسان مؤيّدين لـ"الممانعة" -  وتصبّ في خانة الانتقادات للمؤسسات الأمنية. ويحمل انسداد الوضع اللبناني مؤشّرات غير مطمئنة من نظرة مراقِبة لجهة التفاف "حزب الله" على شروط ولادة حكومة إصلاحيّة متخصّصة، وإشارته إلى حكومة سياسية من جهة، وتلويحه بمشهد الحرب الأهلية المتشابك مع إنذارات مطلقة تجاه المتظاهرين على الطرقات، فيما يحتكر "الحزب" قرار الحرب بكونه الجهة السياسية الوحيدة التي تمتلك السلاح.

يأتي ذلك في وقت تشير معلومات "النهار" إلى أنّ السلّة الحكوميّة المتكاملة التي ستبحث الاثنين بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، يبدو أنّها لن تؤدي إلى نتائج على صعيد انقشاع الدخان الأبيض لأنّ العقدة الأساسية لا تزال قائمة لجهة ما تؤكّده مصادر واسعة الاطلاع عن استمرار تمسّك فريق العهد بـ"الثلث المعطّل".

أيّ دلالات تحمله مواقف المقرّبين من "حزب الله" ونظرتهم  بـ"العين الحمراء" إلى الجيش؟ وماذا عن التصريح الذي أطلق مع إدراج اسم الحريري به؟ يرى نائب رئيس تيار "المستقبل" مصطفى علوش لـ"النهار" أنّ "الحديث ركيك ويندرج في إطار ماكينة حزب الله التي تفبرك الأخبار علماً أنّ ما قيل ربما يكون أحد الحلول وهو قرار اصلاحيّ، باعتبار أنّه لا يمكن وقف التدهور الاقتصادي وحصول لبنان على الدعم الدولي قبل وقف التهريب وضبط الحدود السائبة. ويتمثّل جزء من قلق حزب الله هنا في خشيته من منع التهريب المالي الذي يعتبر أحد أهمّ مصادره من جهة، وأبرز الطرق التي يدعم النظام السوري عبرَها من جهة ثانية. ولا شكّ أنّ أهمّ مكسب لحزب الله اليوم هو حدوده المفتوحة تجاه إيران". ويلفت علوش إلى أنّ "ما يشاع هو تسريبة أو محاولة ضغط على مشروع إقفال الحدود لإيصال رسائل، مع الإشارة إلى أنّ هذا المشروع لا يأتي بشكلٍ فجائيّ أو سريّ بل عبر قرار دوليّ من خلال مجلس الأمن الذي يجتمع ويتخّذ قراراً واضحاً".

لعلّ أخطر ما عبّر عنه كلام النابلسي هو رفض محور "حزب الله" الواضح للإصلاحات الاقتصادية التي نصّت عليها المبادرة الإنقاذيّة الفرنسيّة بشكل أو بآخر، وتحديداً بالنسبة للبند الذي ينصّ على إنشاء بوابات وتعزيز الرقابة من طريق الماسحات الضوئية في مرفأي بيروت وطرابلس ومطار بيروت وفي مختلف نقاط العبور على الحدود البريّة، وهو قرارٌ كان لا بدّ منه في مهلة 3 أشهر من تاريخ نيل الحكومة العتيدة الثقة من خلال إجراء عمليّة التلزيم المطلوبة بعد موافقة مجلس الوزراء عليها. ولعلّ هذه التفاصيل تفسّر أسباب عرقلة تشكيل حكومة إصلاحيّة متخصّصة وإخراج مطلب الحكومة السياسية من الأكمام مجدّداً.

إلى ذلك، يدحض قائد فوج المجوقل سابقاً العميد المتقاعد جورج نادر لـ"النهار" نظريات المقرّبين من "حزب الله" في إشارته إلى أنّ "الأقمار الصناعية تستطيع أن تكشف كلّ المواقع ولا حاجة إلى زيارات لاستحداث مهابط". ويضيء على الزيارات الأميركية إلى الأفواج الخاصة ومدرسة القوات الخاصة في الجيش في إطار التنسيق والتعاون الدائمين بين الوحدات الخاصة في الجيشين اللبناني والأميركي، لافتاً إلى أنّه "عندما كنت قائد فوج زارني قائد القوات الخاصة الأميركيّة في المنطقة الوسطى شارلز كليفلند ثلاث مرّات باعتبار أنّ فريق التدريب الذي يدرّب العسكريين اللبنانيين كان من قبله، وتحدّثنا يومذاك في أمور متعلّقة بالتدريب ولم يسبق أن طلب مني شيئاً سوى التداول في دعم العسكريين. قدّم الأميركيون لنا منذ عام 2006 أكثر من 200 مليون دولار من المساعدات للمؤسّسة العسكريّة، بما في ذلك تكاليف تدريب وذخيرة وعتاد، إضافةً إلى القنابل المدفعيّة والطائرات الأميركيّة وساهموا في تدريب الوحدات الخاصة وأفواج الحدود البريّة".

ويردّ نادر على الحملات الممنهجة والمساقة على الجيش، متسائلاً "هل المطلوب مهاجمة داعمي المؤسسة العسكريّة في وقت تخفّض الدولة مساعدات الجيش سنويّاً؟ الهجوم غير بريء والذين يسوقون هذه الحملات لا يريدون أن يسمحوا لأحد بدعم العسكر ويبحثون عن جيش مطيع ينفّذ أوامرهم، بما في ذلك السياسات التي تناسبهم، والتدخّل في عمله وحركته وتعييناته". ويشرح نادر علميّاً أنّه "في الشؤون العسكريّة ينفّذ الجيش استراتيجية الدفاع بالطريقة التي يراها مناسبة. ومن الأمثلة على ذلك، استراتيجية الحدود البريّة في لبنان حيث عمل الجيش على وضع تصوّره وطالب بأبراج حدوديّة وأجهزة اتصال". ويخلص إلى أنّ "الخطّ الأحمر الوحيد للجيش هو انتماءه الوطني ومهمّته ليست حماية النظام، بل حماية الدولة في كليّتها، بما في ذلك الأرض والشعب ومؤسسات النظام. المؤسسة العسكريّة عصيّة على الضغوط والقائد جوزف عون صامد وكلّي أمل وثقة بأنّه مستمرّ في صموده".

[email protected]
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم