السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بالفيديو-منذ الاستقلال... أزمات مهولة عصفت بلبنان والبحث جارٍ عن بلد ودولة

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
صورة مركبة تقارن بين لبنانين. (النهار)
صورة مركبة تقارن بين لبنانين. (النهار)
A+ A-
منذ إعلان دولة لبنان بشكلها الحالي في العام 1920، خضعت هذه الدولة لعدد من الاحتلالات والانتدابات وصولاً إلى 22 تشرين الثاني 1943 نهار إعلان انسحاب جميع القوات الأجنبية عن أراضي الكيان اللبناني.
 
ولكن مرحلة الاستقلال لم تكن المرحلة الفاصلة الأساسية التي طبعت تاريخ الكيان اللبناني، فقد مرّت الدولة اللبنانية بشكلها الحالي بعدد كبير من الأزمات الكبيرة، والحروب الأهلية، والاحتلالات الجديدة التي نهشت وفتّت الدولة الصغيرة، فجعلتها دولة ضعيفة، تتّجه إلى أن تكون دولة فاشلة سنة 2022.
 
بقيت القوات الفرنسية موجودة على الأراضي اللبنانية إلى أن انسحبت من لبنان في 31 كانون الأول 1946، تحت وطأة مظاهرات شعبية.
 
حرب الـ1948
 
في سنة 1948، شارك الجيش اللبناني في حرب ضدّ الجيش الإسرائيلي، على إثر تهجير الفلسطينيين، وانتهت المعركة في كانون الثاني 1949. وقّع لبنان، في 23 آذار 1949، معاهدة الهدنة مع إسرائيل، فانسحبت إسرائيل من الأراضي اللبنانية التي كانت تحتلها.
 
 
أزمة سنة 1958
 
في سنة 1958، نشأت أزمة لبنانية داخليّة بين فريقين لبنانيّين، أحدهما مؤيّد لحلف بغداد ومعارض للوحدة المصرية - السورية آنذاك، وهو بقيادة الرئيس اللبناني كميل شمعون، والآخر فريق المعارضة الموالي للوحدة العربية بين سوريا ومصر (رشيد كرامي وكمال جنبلاط). كان للأزمة أبعاد إقليميّة، بالإضافة إلى الأبعاد اللبنانية الداخلية، بسبب ارتباط أطرافها بحلف بغداد في عهد رئيس وزراء العراق نوري السعيد من جهة، وبالوحدة السورية - المصرية المرتبطة بحركة عبد الناصر من جهة أخرى، بالإضافة إلى البعد الدولي المرتبط مباشرة بالبعد الإقليمي، ألا وهو الصراع بين الولايات الأميركية المتحدة والاتحاد السوفياتي.
 
واستجاب الرئيس الأميركي، دوايت أيزنهاور، يومها لطلب الرئيس كميل شمعون التدخل في لبنان ضدّ الانتفاضة المسلّحة التي قام بها أنصار الوحدة العربية، وسُمّي التدخّل عملية "الخفّاش الأزرق" في 15 تموز 1958. وكان هذا أوّل تطبيق لمبدأ أيزنهاور، الذي أعطى الحق لأميركا بالتدخّل في الدول المهدّدة من الشيوعية، ودعم حكومة كميل شمعون.
احتلت قوات المارينز مطار بيروت الدولي، وميناء بيروت، ومداخل المدينة. وشارك في العملية 14000 جندي من الجيش الأميركي والمارينز. ونجح وجود القوات الأميركية في قمع المعارضة قبل أن تعود أميركا وتسحب قواتها في 25 تشرين الأول 1958.
 
لاحقاً، بعث الرئيس أيزنهاور الدبلوماسي روبرت مورفي إلى لبنان ليمثّله، فأدّى دوراً مهمّاً في إقناع الرئيس كميل شمعون بالاستقالة وانتخاب قائد الجيش المسيحيّ المعتدل فؤاد شهاب بدلاً منه بالتوافق مع عبد الناصر.
 
 
 
حرب 1967 وأزمة لبنان في العام 1969
 
إثر اندلاع حرب 1967 بين إسرائيل من جانب، ومصر وسوريا والأردن من جانب آخر، والتي أدّت إلى استيلاء إسرائيل على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان، أسّس بعض الفلسطينيين فصائل مقاومة عُرفت بالفدائيين، ونشطت في المخيمات اللبنانية، وشجّعت عدداً من اللبنانيين على تأييد العمليات المسلّحة الفلسطينية من الداخل اللبنانيّ، ما خلق توتراً بين الأطراف اللبنانية، بعد نزوح الفدائيين الفلسطينيين إلى لبنان من الأردن، ورفض المسيحيين الوجود الفلسطيني في لبنان.
في سنة 1969، نشبت أزمة بين الجيش اللبناني والقوات المسلّحة الفلسطينية، التي بدأت تنتشر في لبنان وتقوم بعمليات عسكرية. حاول الجيش اللبناني ضبط الوضع إلا أن الأمور تطوّرت إلى مواجهات عسكرية. وفي تشرين الثاني 1969، وقّع لبنان "اتفاق القاهرة" مع منظمة التحرير الفلسطينية. في هذا الاتفاق "يتنازل" لبنان لـ"المقاومة الفلسطينية" عن سيادته في منطقة العرقوب، ويبيح انطلاق "العمل الفدائي" منها مع حريّة التحرك من هذه المنطقة ضد إسرائيل، فعُرفت المنطقة حينها بـ"فتح لاند".
 
 
العام 1975
 
 
اندلعت حرب أهلية لبنانية في 13 نيسان 1975، بعد هجوم مسلّح شنّه حزب الكتائب اللبنانية على حافلة تقلّ فلسطينيين في "عين الرمانة"، ثم توسّعت الحرب اللبنانية بين "الجبهة اللبنانية" المؤلّفة من القوى المسيحيّة اللبنانية، و"الحركة الوطنية" المؤلّفة من الأحزاب اليسارية اللبنانية إضافة إلى المقاتلين الفلسطينيّين.
وفي حزيران 1976، دخلت القوات السورية إلى لبنان، واحتلّت طرابلس وسهل البقاع، متفوّقة بسهولة على قوات "الحركة الوطنية" اللبنانية والقوات الفلسطينية، ثم عزّزت تمركزها في لبنان.
 
 
الاجتياح الإسرائيلي في العام 1978
 
في آذار 1978، قام الجيش الإسرائيلي باحتلال جنوب لبنان حتى نهر الليطاني، رداً على عمليّات كانت منظمة التحرير الفلسطينية تشنّها ضد إسرائيل، انطلاقاً من لبنان، فأرسلت الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، بريطانيا وإيطاليا قوات فصل.
 
اجتياح سنة 1982
 
قام الجيش الإسرائيلي بعملية اجتياح وصولاً إلى العاصمة في العام 1982، فخرجت منظّمة التحرير من لبنان إلى تونس ودول عربية أخرى.
 
 
 
حرب المخيّمات في سنة 1985
 
فيما كانت الحرب الأهلية لا تزال متقدّة، ولبنان مقسوماً بين جبهتين، دارت بين سنتَي 1985 و1988 ما سُمّيت بحرب المخيمات، حيث تمّت السيطرة على مخيّمات عدّة للفلسطيين، وحصر الباقون في مخيمات لجوء، وتمّ إنهاء وجودهم المسلّح على الأراضي اللبنانية.
 
أزمة سنة 1988
في نهاية عهد الرئيس أمين الجميل، كان رئيس الحكومة سليم الحص مستقيلاً. وتطبيقاً للدستور اللبناني، سلّم الجميل قائد الجيش ميشال عون السلطة، وأنشأ حكومة عسكرية تُدير الفراغ حتى انتخاب رئيس جمهورية جديد، إلا أن الرئيس سليم الحص عاد عن استقالته، ما خلق اشتباكاً دستورياً بين المسيحيين والمسلمين الذين أصرّوا على ضرورة تسليم الحكم لحكومة سليم الحص؛ وبذلك أصبح للبنان رئيسان وحكومتان: حكومة عسكرية مسيحيّة في بيروت الشرقية، وحكومة مدنيّة مسلمة في بيروت الغربية.
في ذلك الوقت، دخلت سوريا على الخط لدعم حكومة سليم الحص ما دفع العماد عون إلى إعلان "حرب التحرير" ضد الجيش السوري، التي أدّت إلى دمار كبير ونتائج كارثية.
 
 
بوساطة السعودية، توصلت الأطراف اللبنانيّة التي اجتمعت في مدينة الطائف، في آب 1989، إلى اتفاق يعلن بداية انتهاء الحرب الأهلية.
حصل الاتفاق على انتخاب رينيه معوّض رئيساً للبنان، لكنّه اغتيل بعد أيّام، ليتولّى إلياس الهراوي الرئاسة من بعده.
 
 
لكن عون رفض الاعتراف بنتائج الطائف، وشنّ حرب إلغاء على "القوات اللبنانية" بقيادة سمير جعجع، التي اعترفت باتفاق الطائف. خاض الجيش اللبناني الموالي لميشال عون حرباً ضروساً ضد مليشيا "القوات اللبنانية"، أدّت إلى إخراجها من العديد من المناطق التي أصبحت خاضعة لحكم الحكومة الانتقاليّة بقيادة الجنرال عون وتحت سلطة الجيش اللبناني الموالي له.
 
لكن القوات السورية اجتاحت في 13 تشرين الأول 1990 المناطق الخاضعة لسلطة ميشال عون، ووصلت إلى القصر الجمهوري موقع ميشال عون، مما أجبره على الالتجاء إلى السفارة الفرنسية من أجل الحماية.

سنة1991
 
- أصدر مجلس النواب اللبناني في آذار 1991 قانوناً للعفو عن كلّ الجرائم التي وقعت منذ بداية الحرب الأهلية في سنة 1975.
وفي أيار من ذلك العام، تمّ حلّ جميع الميليشات، باستثناء "حزب الله"، وبدأت عملية بناء الجيش اللبناني كجيش وطني غير طائفي.
 
الحقبة السورية 1991-2005
عرفت الفترة الممتدة من 1990 حتى 2005 بفترة الهيمنة السورية، واتّسمت بتدخّل السوريين في كلّ تفاصيل الحياة في لبنان، وأصبحت سوريا الحاكم الفعليّ؛ فكانت تعيّن الرئيس والحكومة وتختار البرلمان وتتدخّل في القضاء والتعيينات حتى أصغر التفاصيل.
 
وعرفت المرحلة أيضاً قبضة أمنية سورية، واكبها توقّف القتال والحرب، والبدء بإعادة الإعمار، في وقت شهد إبعاد القادة السياسيين المسيحيّين عن الحياة السياسية، فتمّ نفي ميشال عون وأمين الجميل فيما سُجن سمير جعجع في سجن وزارة الدفاع.
 
 
سنة2005
 
إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، انسحبت القوات السورية من لبنان، تحت ضغط شعبيّ قادته القوى التي عُرفت في وقت لاحق بقوى 14 آذار، وتمّ توجيه الاتهام إلى النظام السوري وحلفائه في لبنان.
 
انقسم اللبنانيون إلى فريقين، هما: قوى الـ8 من آذار (المؤيدون للسوريين)، ويتزعمهم "حزب الله"، مقابل فريق الـ14 من آذار، الذي تشكّل من "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" والحزب "التقدّمي الاشتراكي"، و"لقاء قرنة شهوان".
منذ ذلك العام، فتحت الأزمات السياسية على مصراعيها، وتوالت الاغتيالات التي استهدفت سياسين وصحافيين وأمنيين من فريق الـ14 من آذار، مع اتهامات للنظام السوري بالضلوع فيها، إضافة إلى عدم استقرار سياسي، وتحوّلت الحكومات اللبنانية إلى ما يشبه ساحة حرب وصراعات سياسية لا تنتهي.
 
 
 
 
حرب تموز 2006
 
في تموز 2006، قام "حزب الله" بعملية أسر لجنود إسرائيليّين، فهاجمت إسرائيل لبنانَ بحرب عنيفة غير مسبوقة، دمّرت معظم البُنى التحتية اللبنانية. وفي آب 2006، انتهت الأعمال الحربيّة بفشل إسرائيل في تحقيق أهدافها. وبنتيجة المعارك، توسّعت مهام اليونيفل لتشمل كلّ الجنوب، ودخل الجيش اللبناني إلى كامل مناطق الجنوب.
 
 
 
7 أيار 2008
 
هاجم "حزب الله" بيروت ومناطق مختلفة في الجبل، وفرض سيطرته العسكرية على العاصمة، اعتراضاً على ما أسماه قراراً حكوميّاً يمسّ بحركة الاتصالات التابعة له، وبسبب إقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي.
 
انتهت المعركة العسكرية بانسحاب "حزب الله" من بيروت وإزالة اعتصامه من وسط بيروت، الذي استمرّ لأكثر من عام ونصف، بعد اجتماع مصالحة عُقد في العاصمة القطرية الدوحة.
 
 
سنة 2012 وأزمة رئاسة الجمهورية
 
انتهت في سنة 2012 فترة رئاسة ميشال سليمان، فتسبّب الخلاف بين القوى السياسية اللبنانية على شخص الرئيس بنشوء فترة فراغ رئاسيّ، تجاوزت الـ3 أعوام، قبل أن يتمّ الاتفاق، في الـ2016، على ميشال عون رئيساً للجمهورية.
 
خلال ولاية ميشال عون، مرّ لبنان بعدد كبير من الأزمات السياسية، أبرزها تعطيل الحكومات والخلافات في البرلمان.
 
 
 
17 تشرين والانهيار المهول
 
قد لا يمكن اعتبار ما جرى في 17 تشرين الأول ضمن الأزمات اللبنانية، إنما نتيجة منطقيّة لأزمات الحكم، فأدّت إلى مظاهرات شعبية كبيرة استمرّت لأشهر، طالب خلالها جزء كبير من الشعب اللبناني باستقالة الحكومة ومعها جميع أركان السلطة، فاستقالت الحكومة، لكنّ السلطة بقيت، وشهد لبنان منذ ذاك التاريخ أكبر انهيار اقتصاديّ، عرفه تاريخه، وصنّفته المؤسّسات الدوليّة الماليّة ضمن أكبر الانهيارات التي شهدها العالم. وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من مئة في المئة من قيمتها، وأصبح أكثر من 70 في المئة من الشعب اللبناني تحت خط الفقر رسميّاً، وانهارت مؤسّسات الدولة، بالرغم من تشكيل حكومتين بعد 17 تشرين... لا يزال الانهيار مستمرّاً ومتمادياً.
 
 
4 آب 2020
 
انفجار أطنان من نيترات الأمونيوم الموضّبة في مرفأ بيروت أدى إلى تدمير أكثر من نصف العاصمة، وإلى مقتل 207 أشخاص، والآلاف من الجرحى والمشرّدين والمعوّقين.
 
تبعات الانفجار، في ظلّ معلومات عن أن معظم الطبقة السياسية كانت تعلم بوجود المتفجّرات، انعكست على الحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب، فاستقالت بعد أقلّ من شهر، ودخل لبنان في أزمة تأليف حكومة جديدة، بعد تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيلها، وعادت الخلافات لتظهر من جديد، وليدخل لبنان في فراغ جديد استمرّ تسعة أشهر، قبل أن يقدّم الحريري اعتذاره ويعود مجلس النواب إلى تكليف نجيب ميقاتي الذي استطاع تشكيل الحكومة في أيلول 2021.
 
 
 
 
تشرين الأول 2021... أزمة الحكومة والخليج
 
لم تكن الحكومة قد أقلعت في نشاطها السياسي حتى اتّخذ "الثنائي الشيعي" قراراً بشلّها من جديد، بحجّة اتخاذ قرار لـ "قبع" المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، ورفضَ عودة وزرائه إذا لم تتّخذ الحكومة قراراً بهذا الشأن؛ وهذا ما رفضه فريقَا الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولا تزال الأمور متوقّفة حتى الساعة.
وفي تشرين الأول 2021 أيضاً، وعلى إثر تصريحات وزير الإعلام (لاحقاً) جورج قرداحي، تعرّض فيها للسعودية، عمدت المملكة إلى سحب سفيرها من لبنان، وإلى طرد سفير لبنان وإيقاف جميع الصادرات اللبنانية إليها، ثم تضامنت مع السعودية الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت ومملكة البحرين، واتّخذت إجراءات مماثلة؛ وبهذا يكون لبنان قد دخل في أزمة سياسية ودبلوماسية هي الأكبر في تاريخه مع دول الخليج العربي.
 
 
منذ الاستقلال وحتى اليوم، أزمات مهولة عصفت بالكيان والبحث جار عن بلد!
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم