الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

هرج ومرج بين النواب... انسحاب "المعارضة" و"قوى التغيير" يُفقد الجلسة نصابها، ما مصير موازنة 2022؟

المصدر: "النهار"
من جلسة مناقشة الموازنة أمس (حسام شبارو).
من جلسة مناقشة الموازنة أمس (حسام شبارو).
A+ A-
على وقع غليان الشارع واستنفار الأجهزة الأمنية وإعلان المصارف الإضراب، استأنف مجلس النواب جلسته عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم لدرس ومناقشة بنود مشروع الموازنة وبدأ بباب النفقات، قبل أن تُرفع الجلسة بسبب فقدان النصاب بعد خروج نواب المعارضة والتغييريين، ليتمّ إرجاء المناقشة إلى الإثنين الواقع في 26 أيلول الجاري.
 
وبين مؤيّد ومعارض لبنود الموازنة، وقعت سجالات عدّة داخل المجلس أدّت إلى "تطيير" الجلسة لا سيّما بعد انسحاب التغييريين والمعارضة، الذين اعتبروا أن "ما طُرح اليوم لا يمت للواقع بصلة وكارثيّ، لأنّه سيؤدّي إلى المزيد من الانهيار الاقتصادي وإلى تضخم الأسعار، وبالتالي لن يقبلوا بأن يكونوا شهود زور على انهيار البلد وتفاقم معاناة شعبه خلال هذه المرحلة المصيرية".
 
إثر الجلسة، أكّد نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أنّه "ليس بهذه الطريقة تُناقش الموازنة وعلى من خلق الفوضى في المجلس النيابي أن يعرف أنّنا لم نستفد من شيء وقد لا أصوّت مع الموازنة ولكنّني مع مناقشتها".
 
في مقابلة تلفزيونية، قال النائب سامي الجميل: "أتحدى الرئيس نجيب ميقاتي أن يخرج إلى الإعلام ويقول أنه اقتنع بهذه الموازنة، فإن القطاع الخاص أكثر من سيتأذى من البنود المطروحة وسنكون "عم نعطي الموظفين بإيد وناخد من الإيد التانية".
 
وأضاف: "ما أحفظه من هذا النهار هو وحدة المعارضة ونتمنى أن تستمر هذه الوحدة لأن لدينا الكثير من الاستحقاقات لإنقاذ البلد ومن الضروري أن نبقى يداً واحداً كما كنا اليوم".
 
من جهته، اعتبر النائب ابراهيم منيمنة أن "زيادة رواتب القطاع العام 3 أضعاف من دون تأمين غطاء لها بالعملة الصعبة سيتحوّل إلى "وهم" لأنه سيزيد من نسبة التضخم"، مضيفاً "طالبنا أن يكون النقاش في الموازنة من ضمن الخطة الاقتصادية الإنقاذية وغير ذلك "منكون عم نبيع الناس أوهام".

وقال رئيس لجنة الإدارة والعدل جورج عدوان من ساحة النجمة، بعد رفع الجلسة: "نحن من أفقدنا نصاب جلسة إقرار الموازنة وما يحصل خارج المجلس النيابي وداخله يؤشر إلى أنّنا نعيش في عالمين مختلفين وعوض السعي لرد أموال المودعين يعملون على تهريبها"، لافتاً إلى أنّه "تمّ إجراء تعديل وزيادات على الأرقام في اللحظة الأخيرة وناقشنا الموازنة من دون قطع حسابات، وهذه الأمور غير مقبولة".
 
واستطرد عدوان في كلامه: "مستعدون لأن نبقى في المجلس وننام هنا شرط أن يتم إقرار موازنة بأرقام جيّدة ولكن هذه الطريقة في العمل لا تحترم القانون".
 
كما شدّد النائب ميشال معوّض على أنّه "من يريد الحفاظ على مصالح الناس عليه ألّا يصوّت على هذه الموازنة لأنّ المنظومة تُحاول من خلالها كسب الوقت".
 
بالنسبة لكتلة "التنمية والتحرير"، رأى النائب علي حسن خليل أن "ما حصل هو تبرير تأخير تصحيح الدولار الجمركي وخسارة الدولة المزيد من الأموال، 86 ألف طالب بالجامعة اللبنانية انتزعنا 550 مليار ليرة لتشغيلها، كنا نحاول تعديل الموضوع بطريقة معقولة، ومن يقول بأن الـ3 أضعاف تظلم البعض هذا كلام غير صحيح، وقلنا مستعدون للمناقشة لإنصاف أصحاب الرواتب المتدنية".
 
أمّا على صعيد "حزب الله"، فشدّد النائب علي فياض على أن "البلد بحاجة لموازنة، ومن يطلب ردها لا يعطي بديلا منها ولا بديل أصلاً، ويريد إيرادات للدولة على سعر صرف الـ1500".

وقال: "من حق الكتل أن تناقش بالأرقام والجداول ونحن في كتلة الوفاء للمقاومة أدخلنا تحسينات على الموازنة وأخذنا التزام الحكومة بأدوية السرطان وتمويل الجامعة اللبنانية، وفرضنا عليها أن تضاعف رواتب القطاع العام 3 مرات"، متسائلاً: "ما مصلحة إفقاد الجلسة النصاب، المشكلة الجوهرية علاجها بخطة التعافي، هل المطلوب الا تصدر أي موازنة بانتظار خطة التعافي؟ هل من المنطق أن يقبض موظفو القطاع العام مليون ومليوني ليرة في ظل هذه الظروف؟ لا أدافع عن الحكومة لكن السبب هو عدم السيطرة على سعر الصرف، وصلاحية الحكومة أن تتابع هذا الموضوع وليس المجلس النيابي".

وإذ لفت إلى أن "المطلوب أن نضع أرقاماً تقريبية بالحد الأدنى، معتبراً أن "كل من لا يريد موازنة يريد دولة مفلسة تؤدّي إلى مزيد من تجويع الشعب".

ووافق المجلس خلال جلسة اليوم على زيادة رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بثلاثة أضعاف، وذلك ضمن المساعدات الاجتماعية، بعد سجالات عدّة بين النواب.
 
في بداية الجلسة، انتقد النائب فراس حمدان مشروع الموازنة وعملها وعمل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، معتبراً أن "هناك حقوقاً للمودعين يجب أن يحصلوا عليها".

ورأى أن "الموازنة تفتقد إلى رؤية حقيقية واصلاحات، ويجب إعادة النظر بالاقتصاد عبر فرض ضريبة على الثروة وتحفيز القطاعات الإنتاجية، أمّا ما هو غير موجود في الموازنة فهو الضمان الاجتماعي والدواء فضلاً عن وزارة الطاقة"، وسأل: "أين الضرائب على الأملاك البحرية؟ أين موازنة مصرف لبنان وماذا لديه؟"، وقال: "نريد ضرائب على أرباح المصارف".

وأردف: "نحن سنقوم بواجبنا في التصويت ضد الموازنة ووفق مبادرتنا بانتخاب رئيس بعيد عن المحاصصة ووقف النزيف والانهيار"، مشدّداً على أنّه "لا حل اقتصاديا في البلد من دون رؤية سياسية جديدة وعقد اجتماعي قائم على المساواة بين اللبنانيين وعلى خطة إصلاحية شاملة وإعادة هيكلة المصارف"، ومؤكّداً أن "هذه الموازنة هي خارج خطة الإنقاذ ومنفصلة عن الواقع".

بدوره، أكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال ردّه على مداخلات النواب، أنّهم "على أتمّ الاستعداد اليوم للعمل سوياً لإنقاذ البلد"، مشدّداً على أن "هذا الأمر لا يحصل إلاّ بالتعاون وعبر تغليب الوطنية على الشعبوية".
 
وتساءل: "حدا بيعتقد إنو نحنا مش حاسين شو عم بيصير بالشعب؟"، مضيفاً "أنا مسؤول ولا أتخلّى عن مسؤوليتي ولن أقول "ما خلّوني"، ولم أترشح على النيابة لأنني أدرك أننا بحاجة لاتخاذ قرارات غير شعبوية".
 
بالموازاة، اقترحت النائبة بولا يعقوبيان بالنظام رد مشروع الموازنة إلى الحكومة.
 
من جهته، أوضح وزير المالية يوسف الخليل أن "نسب التضخم فاقت الـ100 في المئة ونعاني من ركود اقتصادي لأكثر من 4 أعوام وعلى هذا الأساس أتت هذه الموازنة".
 
واعتبر أن "إقرار مشروع الموازنة يهدُف الى إعادة إرساء أُسُس العمل المؤسساتي وسلامة المالية العامة وضمانتِهما، كما وهو اليوم أيضاً من أبرز الشروط المُسْبَقَة للإتفاق مع صندوق النقد الدولي، والأهم أن إقرار مشروع الموازنة يساهِم في تعزيزِ ثقةِ المواطن والمجتمع الدولي في عزيمة الدولة بالبدء بالإصلاحات المَرجوَّة والنهوض بالإقتصاد بهدف البدء في الخروج من الأزمة".
 
في السياق، قال الخليل إنّ "استيفاءَ الرسوم والضرائب على أسعار صرف تَتَقارَب مِن مِنصّة صيرفة هو الخيار الوحيد المرجو، لأن اعتماد أسعار صرفٍ ما دون ذلك لتحصيل الواردات، في حين أن الخزينة غالباً ما تُنفِق على أسعار صرف صيرفة وما فوق، تؤدّي الى فجوة في التمويل مما يُشَكِّل ضغوطات مُتفاقِمة على الوضع النقدي ومن ثُمَّ على الأوضاع المعيشّية في البلاد. على سبيلِ المِثال، فإن الدولة تُنفِق اليوم على أسعار صرفِ صيرفة وأسعار صرف السوق بالنسبة للإشتراكات والمساهمات في المنظمات الدولية وتسديد خدمة الدين العام في العُملات الأجنبية بالنسبة للقروض المُيَّسرة كما لتغطيةِ شِراء المحروقات وغيرِها من المواد والمستلزمات التشغيلية، بينما لا تزال تُحَصَّل الإيرادات على سِعر صرف 1500 ليرة لبنانية".
 
وأشار إلى أن "توحيد سعر الصرف يُساهم في الحَدّ من اللامساواة الإجتماعية الناتجة عن تعدُدِيّة أسعار الصرف وعن إغتِناء شريحة من المجتمع على حساب غيرها، فتأتي السياسات التصحيحية الضريبية للحَدّ من التهرُّب وتعزيز الإلتزام الضريبي وإعادة توزيع الدَّخل من الشرائح المُستفيدة من الوضع الحالي نحوَ الشرائح المُهمّشة، ما يُؤمّن التوازُن والعدالة الإجتماعية، رَكيزة الأَمان الاجتماعي".
 
ولم تخل جلسة اليوم من تراشق الاتهامات وتمرير الرسائل السياسيّة، حيث اعترض نواب "قوى التغيير" على عملية التصويت "العشوائي" على بنود الموازنة، ممّا أدّى إلى انفعال برّي، فقال: "أنا مش بالشارع هون"، لتردّ النائبة حليمة قعقور عليه، قائلةً: "إيه ما لأنو نحنا بالمجلس بدنا نحترم المجلس".
 
وفي مداخلة له خلال الجلسة، قال برّي: "إذا لم ننتهِ اليوم من مناقشة الموازنة عندها ستمتد المناقشة إلى 8 أيام بسبب سفر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي غدًا، ومناسبة أربعين الإمام الحسين السبت".
 
كما قال النائب ميشال ضاهر خلال الجلسة: "لم أطلب الكلام لأنني لا أجيد الخطابات الشعبوية، الكلام معكم لم يعد ينفع ولكن أريد أن أطرح سؤالاً على الحكومة ورئيسها: لماذا لا تطبقون نظام common reporting standard CRS؟"، ليجيبه الرئيس ميقاتي "شو يعني CRS؟

فرد الضاهر بانفعال أن "نظام CRS يدخل الى الخزينة مليار ونصف المليار دولار أي أكبر من الموازنة، وبتطبيقه ستدفع أنت 50 مليون دولار سنوياً".
 
إلى ذلك، خرج بعض النواب من المجلس عند البدء بالتصويت على الموازنة، في حين اعترض البعض الآخر على آلية التصويت عليها لا سيّما نواب التغيير.
 
من جهته، نبّه رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان "من الزيادات في النفقات لأنّ لا إمكانية في الحصول على واردات لاسيما أنّ العجز بلغ 13 ألف مليار ليرة إذا اعتمد الدولار الضريبي والجمركي على 12 ألفاًَ".
 
(الصور بعدسة الزميل علي فواز)
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم