الأربعاء - 17 نيسان 2024

إعلان

نحو مجلسٍ اقتصاديٍ اجتماعيٍ .. وبيئي

المصدر: "النهار"
المجلس الاقتصادي الاجتماعي.
المجلس الاقتصادي الاجتماعي.
A+ A-
شارل عربيد*


في خريف العالم 2017، انطلقنا في تجربة مؤسساتية جديدة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي. هذه المؤسسة التي تأسست لتكون مصنعاً للسياسات العامة التكاملية التي تصاغ وفق تقاطعاتٍ تشاركية بين العمال وأصحاب العمل ونقابات المهن الحرة والأكاديميين وأصحاب الفكر والكفاءة والاختصاص. وهي التي تختزن معنى ميثاقياً، وتعتبر أحد الإصلاحات المهمة التي وردت في وثيقة الوفاق الوطني.

مرت السنوات الأربع الماضية، بكل ما بُذل فيها من جهود، من المجلس بجميع أعضائه والعاملين فيه، وبشراكاته النشطة مع مختلف الفاعلين في الدولة والقطاعات والمجتمع المدني، لتتبلور تجربة مهمة للعمل العام، أفضت إلى استخلاص دروسٍ كثيرة ومفيدة.
على أساس هذه الدروس المستخلصة، جهدنا في السنة الأخيرة لتطوير وتحديث قانون إنشاء المجلس، وقد شاركتنا في حماسنا للذهاب بالمؤسسة نحو أفق جديد، مجموعةٌ من النواب المنتمين إلى مختلف الكتل البرلمانية، الأمر الذي انبثق منه اقتراح قانون وقعه في تموز ٢٠٢٠ النواب السادة: نجيب ميقاتي، تيمور جنبلاط، سامي الجميّل (قبل استقالته) ، جورج عقيص، نقولا صحناوي، طوني فرنجية، امين شرّي، وهاغوب بقرادونيان.

هذا المشروع سلك طريقه في المجلس النيابي، ليصل إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية، حيث يدور حوله النقاش منذ أشهر. وعلمنا أن رئيس اللجنة النائب جورج عدوان يعمل بجدية عليه، ونأمل ان تثمر مساعيه إقراراً للاقتراح في لجنة الادارة والعدل وإحالةً في اقرب وقت الى الهيئة العامة.
لقد كانت هذه الدينامية التي أطلقناها لتحديث الدور، وليدة الحاجة التي أفرزتها ظروف السنوات العشرين الماضية، والضرورات الجديدة التي خلقتها، من جهة؛ والتفاعلات التي أحدثها الانهيار المالي والاقتصادي وأصوات الناس في الشوارع والبيوت ومؤسسات العمل والأسواق، من جهةٍ ثانية.

ومن خلال التحديث الذي ندفع باتجاهه، نرغب بإضافة معطيين أساسيين إلى نشاطنا في هذه المؤسسة. أولاً، تحويل المجلس إلى مجلس اقتصادي واجتماعي وبيئي، أي إضافة قضايا البيئة كخطٍ رئيس من خطوط اختصاصات المجلس وعمله. وثانياً، توسيع المشاركة المجتمعية (la participation citoyenne) في صنع السياسات العامة، الأمر الذي يتيح للناس ولمنظمات المجتمع المدني المتخصصة بقضايا المناصرة وصنع السياسات، المشاركة باقتراح الخطط والأفكار وبلورة الآراء الصادرة عن المجلس.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التحديث سيؤدي إلى تعزيز مشاركة المرأة وتمكينها، وتطوير السياسات التي تعني قضاياها، إلى جانب السياسات الطموحة الصديقة للشباب، كخيارٍ مستقبلي نريده أن يصبح نسقاً مستمراً في السياسات العامة.

بذلك، نرغب بتحسين فاعلية هذه السياسات وجعلها أكثر تشاركية بين الدولة والناس، انطلاقاً من دورنا الوظيفي في مساعدة السلطة على إنتاج هذه السياسات، ومساعدة الناس على إيصال حاجاتهم وأصواتهم إلى السلطة، والقطاعات والعمال على تطوير أدوارهم، ثم الوصول إلى سياسات شاملة للتنمية متعددة الأبعاد، التي لا تترك فئات مهمشة، ولا جوانب مهملة من النشاط الوطني المفيد.

وبالقياس على استجابة الدول لمتغيرات الزمن والأفكار والقوى الفاعلة وديناميات المجتمع، حدّثت معظم الدول التي أنشأت مجالس اقتصادية واجتماعية تشريعاتها لتطوير العمل المؤسساتي في مجالسها، لتستجيب للحاجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، ولتقفز نحو مستقبل المجالس الاقتصادية والاجتماعية الذي يشكل فيه البعد التشاركي أساساً هاماً من أسس بناء السياسات الشفافة بين الدولة ومواطنيها.

لقد حان الوقت لنستجيب لحاجات مجتمعنا واقتصادنا ووطننا. اللبنانيون ينثرون النجاح حول العالم، يجولون بإبداعاتهم بلاد الدنيا، فيما يقفل بلدهم على تطلعاتهم. نحن نريد مؤسسةً تستمد زخمها ودوافعها من طاقات هؤلاء، مع طاقات كل مواطن لبناني مقيم، كل عامل، كل صاحب عمل، كل مسؤول، كل محتج، كل متطلع حالم، لكل لبنان.


*رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي





الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم