الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أسئلة من دون إجابات عن مازوت "حزب الله"

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
إحدى محطّات "الأمانة" (نبيل إسماعيل).
إحدى محطّات "الأمانة" (نبيل إسماعيل).
A+ A-
أعلن أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله رسمياً، دخول المازوت الإيراني إلى لبنان عبر صهاريج في البر، تدخل إلى محافظة الهرمل عبر الحدود السورية وتخزّن في البقاع، ومنها توزّع في لبنان. 
 
تحدّث نصرالله عن عدد من التفاصيل تتعلّق بالتوزيع والتسعير الذي ينتظر جدول المحروقات الذي يصدر عن وزارة الطاقة الأربعاء ليسعّر على أساسه، وبالتالي دخول مادّة المازوت الإيراني ضمن مضاربات السوق، وإذا لم يكن ذلك، ما الداعي لانتظار تسعيرة وزارة الطاقة سوى التسعير بنسبة معينة فقط؟
 
مسألة البيع بالليرة اللبنانية التي يشيّع لها نصرالله، لا يمكن صرفها إلّا بمكان واحد وهي التخفيف من ميزانية "حزب الله" الدولارية من إيران مقابل حصوله على الليرة اللبنانية في لبنان التي يحتاج إليها في تكاليفه، وبالتالي تكون إيران استبدلت جزءاً من موازنة "حزب الله" من الدولارات بالمازوت والبنزين ويكون سيّلها "حزب الله" في السوق اللبنانية، وبالتالي لا خسارة فعلية لا لإيران ولا لـ"حزب الله"، في مقابل ربح سياسي وإعلامي هائل. 
 
أما في التوقيت، فقد استغلّ نصرالله الفترة الانتقالية بين تسليم الحكومة القديمة وتسلّم الحكومة الجديدة والفوضى في البلد لتمرير إدخال الشحنة الأولى من المازوت. 
 
 وفي هذا السياق، يشير مقربون من الحزب إلى أنّ الصمت الحكومي على الأمر سيستمر، والموضوع مؤمّن بالسياسة العامة، وهو من ضمن تسوية الحكومة، وأن الحزب قرّر تحويل شحناته إلى سوريا بطلب من ميقاتي نفسه، وهو جاراه بهذا الأمر. هذا لا يعرقل الموضوع، كما أن سلسلة البواخر هي ضمن التسوية السياسية الكبرى التي أنتجت الحكومة، ولم تؤدِّ إلى أيّ عقوبات. 
 
هذا في السياسة، أما في التفاصيل، فقد أتى الإعلان مخيّباً في جزء منه، حتّى للمناصرين. فنصرالله أعلن بنفسه أن البواخر تكفي السوق لشهر أو لشهرين على الأكثر، ولم يعلن عن الخطوات اللاحقة إذا كان سيستمرّ بالأمر أو سيُخضع هذا الأمر للتسويات السياسية. هذا في ما خصّ المازوت، أما بالنسبة للبنزين فمن الواضح أنه لن يكون كافياً، لا بل ستكون كميّته قليلة، مع تخوّف من أن تنتقل الطوابير والإشكالات التي تحصل الآن من أمام المحطات في لبنان أجمع إلى مناطق بيئة الحزب، وخصوصاً محطات الأمانة الموجودة في مناطق بيئة هذا الحزب، حيث من المتوقّع أن تشهد زحمات خانقة بسبب تهافت الناس على البنزين الأرخص، والأهم في الموضوع أنّ ضبط موضوع البنزين يحتاج إلى كثير من الجهد، خصوصاً في ظلّ انتشار السوق السوداء لضبطها، وكي لا تشكّل المادة القليلة سوقاً سوداء جديدة تضاف إلى الموجودة حالياً. 
 
أما على مستوى الدولة اللبنانية، فهناك الكثير من الأسئلة التي بقيت من دون إجابات حتى الساعة، فكيف ستدخل صهاريج المازوت إلى لبنان؟ وهل ستدخل عبر المعابر الشرعية بين سوريا ولبنان، أي بشكل رسمي، وهل سيتمّ استصدار بيانات جمركية لها وتدفع المتوجبات عليها؟ فإذا كان الجواب نعم فهي تحتاج إلى شهادة من بلد المنشأ، أي إيران، وبالتالي من يضمن ألا تكون فخّاً يستعمل لاحقاً في وجه لبنان ووضعه تحت مقصلة العقوبات على أساس أنه كسر قرار الحظر والعقوبات واستورد من بلد يخضع للعقوبات الأميركية وأصدر فيها شهادات رسمية؟ 
 
أضف إلى ذلك، أيّ دور لوزارة الطاقة في الموضوع الذي تشرف فيه على أيّ ليتر من المحروقات يدخل إلى الأراضي اللبنانية وفحصه وإعطاء شهادة جودة فيه، بحسب معاييرها، وبعد ذلك يسمح بتوزيعه على الأراضي اللبنانية؟ 
 
والأهم، فقد أعلن نصرالله أن عملية التخزين ستجري في بعلبك، أين؟ وهل أشرف أحد على هذه الخزانات وهل هي مطابقة لشروط التخزين، وخصوصاً بعد مجزرة التليل العكارية، حيث اثبتت أن للتخزين شروط أمان صارمة، وتخطّيها يمكن أن يؤدي إلى كارثة؟ وهل الدولة تعلم بالخزانات من الأصل؟ 
 
وماذا بالنسبة للتسعير؟ فالدولة تحدّد السعر الأقصى لبيع المحروقات ضمن جدول أسعار واضح يصدر مرة أو مرتين في الأسبوع، وعلى جميع التجار على الأراضي اللبنانية الالتزام به. فكيف سيتم البيع بأسعار مخالفة لقرار الوزارة؟ وهل ستسمح وزارة الطاقة بذلك؟ وإذا اعتبرت الدولة أنّ المازوت أو البنزين هو هبة، فهو يستوجب إصدار القرار بالأمر في مجلس الوزراء وإعلانه في الجريدة الرسمية، وبالتالي يصبح بيعه غير شرعي. 
 
ومن المرجح ألّا يجيب أحد في الدولة عن هذه الأسئلة، وأن تمرّ الشحنات من دون الإجراءات الرسمية، ولكن عبر المعابر الرسمية الشرعية، مع احتفالات واستقبالات شعبية، وعلى أنغام الطبول والدفوف، سيدخل المازوت إلى دولة فُخت دفُّها وتفرّق شعبها.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم