الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أخذ على الانتقاد السياسي لقرارات قضائية... القاضي سماحة لـ"النهار": عدم توقيع تشكيلات جزئيّة أو عامّة يخالف القانون والدستور

المصدر: "النهار"
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-

من المقرّر أن تبتّ محكمة الاستئناف في بيروت طلب تنحّي النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر عن الادعاء في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا بناءً على طلب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي كان محقّاً قانونياً بوجهة هذه الإحالة على النيابة العامة الاستئنافية.

وأمام القاضي أبو حيدر أحد خيارين: الالتزام بهذا الطلب أو التنحّي الذي سلكه. وأودع طلب هذا التنحي المرجع الصالح لتعيين محامٍ عام استئنافي في بيروت للقيام بمهمة الادعاء العام على الشقيقين تمهيداً لتسليمه إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا للسير بالتحقيق الاستنطاقي منه أو من أحد قضاة التحقيق التابعين لهذه الدائرة.

 

ويذهب رأي القاضي جوزف سماحة في هذا المنحى لأن هذه الإحالة من صلاحية النيابة العامة الاستئنافية، على ما ذكره لـ"النهار"، على أن يحدّد قضاء التحقيق أو قضاء الحكم هذه الصلاحية من عدمها. ويرى القاضي المحاضر في معهد الدروس القضائية أن النيابة العامة الاستئنافية هي كل متكامل لا يتجزأ، ولا تحوّل مسألة مداعاة الدولة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز دون متابعة الملف لأنه لا يجوز تعطيل مرفق عام تحت أي ذريعة، وهكذا حصل عندما تنحّى القاضي عويدات في ملف انفجار مرفأ بيروت، وينظر المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان راهناً في هذه القضية.

 

لا يرى القاضي المرجع مانعاً قانونياً من أن تجتمع الهيئة العامة وتتخذ قراراً في حضور القضاة الأصيلين ورؤساء الغرف المنتدبين في محكمة التمييز، الذين يتمتعون بكامل صلاحية رئيس محكمة التمييز، وتصدر قراراتها في الملفات العالقة أمامها ومنها ملف المرفأ وملف مداعاة الدولة المقدّم من الشقيقَين سلامة على حدة، ما دام مرسوم التشكيلات القضائية الجزئية لم يصدر حيث من الواضح، في نظر القاضي سماحة، أنّ ثمة نيّة للسلطة لتعطيل المؤسسة القضائية منذ تعطيل مرسوم التشكيلات القضائية العامة عن غير حقّ.

 

وفي هذا التعطيل مخالفة للقانون والدستور لأنّ صلاحية السلطة مقيّدة، ولو وجدت دولة قانون كما يجب لكان على مجلس النواب ملاحقة المعطلين بتعطيل السلطة القضائية التي ليست السلطة الثالثة دستورياً بل هي إحدى السلطات الثلاث في لبنان.

 

ويستطرد: "لا يجوز لسلطة أن تعطل سلطة دستورية أخرى"، مؤكّداً أنّ صدور التشكيلات القضائية بمرسوم هو أمر شكلي لأنّ القرار يعود إلى مجلس القضاء الأعلى، ولا يحقّ لأحد من السلطة التنفيذيّة رفض توقيعه والقانون لا يسمح بذلك لأنّ قانون التنظيم القضائي، بعد تعديله بموجب اقتراح الرئيس الأسبق لمجلس النواب حسين الحسيني، لحظ أنّ مجلس القضاء يعدّ التشكيلات بالاتفاق مع وزير العدل الذي إن يعترض عليها يجتمع بمجلس القضاء للتفاهم. وإذا أصر مجلس القضاء بأكثرية سبعة أعضاء من عشرة أعضاء تصبح التشكيلات نافذة وتصدر بمرسوم.

وتالياً، فإن التوقيع على هذا المرسوم هو صلاحية مقيدة وعلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء المعنيين توقيعه تحت طائلة ارتكاب خطأ ومخالفة القانون والدستور. وللأسف لم يوقع المرسوم الأخير حتى الآن، وهي ليست المرة الأولى التي لا يُوقّع فيها مرسوم مماثل ولم يحمل المسؤول عن عدم التوقيع أي مسؤولية، إذ لا يجوز تعطيل محكمة، هي مرفق عام، تحت أي ذريعة وخصوصاً أنّ الجهة المعطلة لا تتمتع بأيّ صلاحية للتعطيل ويشكل تصرفها اعتداءً على القانون والدستور.

 

تعرّض القضاء أخيراً لانتقادات من سياسيّين وغير سياسيّين في قرارات اتخذها. ويصف القاضي سماحة هذه الانتقادات بـ"التدخّل في أمور لا علاقة لهم بها". ويوضح أنّ إحالة قاضٍ على التحقيق تجري في شكل سرّي، وكذلك الإحالة على المجلس التأديبيّ وحتى القرار الذي يصدره لا يمكن تناوله باستثناء القرار النهائيّ، مشيراً إلى أنّ إحالة قاضٍ على التفتيش القضائي أو المجلس التأديبي لا تعني إدانته، فثمّة قرينة البراءة في الاعتبار وكذلك حقّ الدفاع. وقضاة كثر أحيلوا سابقاً على المجلس التأديبي ثم صدر القرار بتبرئتهم.

 

في المقابل ينتقد القاضي سماحة مناقشة قضاة قرارات قضائية على مواقع التواصل الاجتماعي لسلطة تتمتع بصلاحية ملاحقتهم، وللقاضي أن يدافع عن نفسه أمام الهيئة القضائية المتخصّصة. ما يحصل لا يجوز . لا النواب ولا الوزراء ولا أي مسؤول أو مواطن لهم حق التعليق على قرار اتخذته السلطة القضائية. وبالنسبة إليه ليس القضاء وحده مستهدفاً بل كل مؤسسات الدولة مستهدفة حتى وصلوا إلى الجيش.

ويقول: "لم نشهد في أسوأ مراحل الحرب الأهلية، رغم بشاعتها وكل فترة الثمانينيات، ما يشهده القضاء اليوم، من دون أن يوفر القاضي المتقاعد مسؤولية قسم من القضاة حيث تطبيق القانون يفترض عليهم الصمت والابتعاد عن الإعلام أو اللجوء إلى العراضات أثناء تنفيذ القانون. عليهم أن يلتزموا صلاحياتهم المحددة لهم في القانون فحسب"، داعياً التفتيش القضائي إلى أن "يتابع ما بدأه وإحالة كل من يخطىء من القضاة على المجلس التأديبي".

 

وعرّج القاضي سماحة على الاعتكاف القضائي قائلاً إنّ "المفروض أن تعمل جميع المحاكم". ويضيف: "لم أعطل جلسة يوماً إلا عند إقفال الطرقات. ويُفترض بالقاضي أن يتابع بما تيسّر وتنظيم العمل رغم صعوبة الوضع الذي هو صعب على الجميع لأن التوقف عن العمل ينعكس على المواطن الذي لا علاقة له بهذا الموضوع ويريد أن يحصل على حقه".

 

ويصوّب على التدخل السياسي في القضاء ليضيف بمأخذ على بعض القضاة في السياق بالمبادرة بالاتصال بسياسيين مع الأسف أو بالالتزام الحزبي ما لا يجوز لأن القاضي للجميع. ويقول: "أكثر ما كان السياسيون يقومون به عند عدم التجاوب معهم هو تشكيلنا الى مكان بعيد. وأينما شكّل القاضي سواء إلى الشمال أو الجنوب أو بيروت فإنه يبقى قاضياً. ولجهة التدخل السياسي في شؤون القضاء يُفترض أن يعرف السياسي حدوده"، آخذاً على تعيين شخصين مطلوبين من القضاء في لجنة الإدارة والعدل بعد إعادة انتخابهما. لا شيء يطمئن على المستقبل "الله يستر من الأعظم". مضت ثلاثة أعوام على الأزمة الاقتصادية ولم يطرح أحد حلاً، محذّراً من أنه "لا بديل من الدولة والمؤسسات، وانهيارهما سيطاول الجميع بلا استثناء".

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم