السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

جبران تويني الملتزم بالعمل الجبهويّ... كيف إحياء الجبهة السياديّة مجدّداً؟

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
جبران تويني.
جبران تويني.
A+ A-
كلّلت الحاجة إلى بناء ركائز جبهة سياديّة تجمع القوى والأقطاب المعتنقة مبادئ الحريّة والاستقلال، مجموعة الأفكار والطروحات التي من شأنها التصدي السياسيّ لهيمنة المحور "الممانع" على القرار اللبنانيّ. لم تولد الجبهة سنة 2021 على الرغم من المساعي والمحاولات التي طبعت المرحلة. يكتسب حضور جبران تويني في ذكرى استشهاده هذا العام، بُعداً صارخاً بالنداء العاجل لإعادة ضخّ حركة ديناميّة في روحيّة الجسم السياديّ. تولّد المناسبة عبَقاً متناقلاً مع ريح العواصف العاتية التي تمرّ بالبلاد، فيكسر حدّة التفاصيل الظالمة والظلامية للقول إنّ "ما تعايشونه اليوم، كنت شهدته قبلكم". فهل ستكون قطرات الذكرى هذه السنة بداية تشرّب التربة اللبنانية، "أوكسجين" استعادة العمل الجبهويّ السياديّ، الذي ثمّة من يراهن على بدء تبلوره موضوعياً بعد استحقاق انتخابات 2022 المفصليّ؟
 
يحاكي بناء أي دعائم للجبهة السيادية دور جبران تويني في العمل الجبهوي، الذي يستعيد تفاصيله رفيق دربه سمير عبد الملك، في قوله إنه "تمثَّل أوّلاً بتكريسه منبر جريدة النهار للقضية السيادية، وفريق عملها الذي وضعه جبران بالتصرّف. وقد كان رأس حربة ودينامو لقاء قرنة شهوان الذي يتحرّك بعيداً عن الحسابات السياسية والمصالح الضيّقة مع اتخاذ المواقف المبدئية والأساسية في الاجتماعات. وساهم ذلك في تكوين فريق عمل متجانس يعلم ركائز القضية التي يحملها وحجم المخاطر المحدقة. وتكفي العودة إلى كتابات جبران لتأكيد القناعات المتكوّنة لديه، والتي ساهم في ترجمتها بقلب كبير. كنت أشعر بالخوف عند قراءة افتتاحياته وسط الجرأة التي تتملّكه، رغم أنه يعيشه في بلد قابع تحت الاحتلال مع نظام أمني لبناني - سوري يقتُل. وعندما نتحدّث عن الروحية السيادية مع شخص جسّدها دون حسابات ومصالح خاصة، نقول إنه كان كاميكازاً كآخر مقاتل لم يعمل حساباً للخوف، وهذا ما برهنه وأثبته كأسطورة".
 
تُكتشف اليوم فداحة الخسارة باستشهاد جبران ورفاقنا الشهداء، وكأنّ الذي خطّط لمشروع وضع اليد على البلاد كان يحاول قتل معنويات الناس وطاقاته الشابة. ينطلق عبد الملك من هذه المسلّمة، ليشير إلى "أنني عشت تلك المرحلة يوميّاً مع جبران الذي كان يشارك في التظاهرات، ويُكسب الشباب روحيّة ونبضاً بما يمنح الأمل والثقة بالنفس والقدرة المُمكنة على التغيير. لقد كان المقصود من اغتياله قتل الأمل والثقة عند الناس وبخاصة الشباب منهم. نعيش هذه المأساة اليوم بعدما رأينا أن هناك غياباً في التجربة والخبرة والثقافة السياسية، وانحساراً في قيادة شعب يعاني الويلات في أصعب الظروف التي يعيشها. افتقاد جبران مسألة أساسية، تجعلنا نشعر فداحة الغياب على المستوى الشخصي". ويرى أنّ "جبران زرع الكثير في نفوس الطاقات الشابة. كنت أشعر أنه قائد انتفاضة 17 تشرين رغم غيابه الجسدي. يمرّ البلد بتجارب صعبة لكنّ الذاكرة التاريخية تجعلنا نتحصّن بالتجارب التي نتحدّث عنها. هذا الشعب لن يستكين رغم كلّ المآسي والانكفاء الجزئي نتيجة اعتبارات كورونا والانهيار الاقتصادي".
 
الانطلاق مجدّداً من الخطوة الأولى نحو بناء جبهة سيادية جديدة تحاكي حقبة جبران تويني، ما هي متطلباته وظروف تكوينه على مشارف عام 2022؟ توجّهت "النهار" بهذا السؤال إلى الوزير السابق أحمد فتفت، الذي كان أحد الأعمدة الحاضرة على مرحلة "انتفاضة الاستقلال"، ويبقى حاضراً في لقاء "سيدة الجبل" الهادف إلى التحرّر من الهيمنة الايرانية. ويقول فتفت إن "كلّ حقبة لها واقعها، كما الحقبة الماضية التي لم تكن بهذه السهولة المتخيّلة بعد المرور بصعوبات كبيرة بدءاً من انتخابات عام 2000، ووصولاً إلى إعلان بيان المطارنة الموارنة ثمّ مصالحة الجبل ولقاء البريستول. إنّه مسار طويل ونحن اليوم أمام واقع مختلف أساسه سياسي داخليّ في الدرجة الأولى. كان الاحتلال السوري يُعتبر المشكلة الكبرى في الماضي، أمّا اليوم فالمشكلة في "حزب الله" بما يمثّل من احتلال ايرانيّ بوجوه لبنانيّة وأجندة ايرانية واضحة ومعلنة على الصّعد الفكريّة والدينيّة والاقتصاديّة".
 
لكنّ المعركة أسهل اليوم وسط الأزمة الاقتصادية الكبيرة، بما يعني أنه بات أكثر سهولة دخول الناس في عمل جبهويّ يُحكى في تفاصيله مجدّداً، بحسب فتفت الذي يعوّل على "غطاء عربي ودولي لم يكن حاضراً بالحجم نفسه في المرحلة الماضية، رغم القرارات الدولية التي أتت نتيجة الرفض المشكّل من الداخل. ويؤكد الغطاء العربي - الدولي غياب المخارج أمام لبنان إلا في إجراء الاصلاحات وحصر السلاح". ويشير إلى أن "المرحلة صعبة وتقارن مع المرحلة السابقة انطلاقاً من انتخابات سنة 2000، التي إذا ما استطلعنا تفاصيلها نشعر أنّ هناك ما تغيّر حينذاك. أتوقع ألّا تظهر التحالفات قبل إجراء الانتخابات المقبلة التي ستكون مفاعيلها شبيهة بانتخابات عام 2000 على الفكر السياسي اللبناني. من يحلم بتغيير يحصل بكبسة زرّ لا يعرف التاريخ ويفكّر برومانسية غير موجودة. نحن أمام معركة طويلة وتضحياتها أكبر من السابق، وتطاول كلّ الشعب اللبناني، لا القيادات فحسب. وستكون مرحلة ما بعد الانتخابات بمثابة مؤشر لانطلاق عمل جبهويّ جديد، ولربما يقتنع "حزب الله" بأنّ له مصلحة بالعودة كحزب سياسيّ بكلّ ما يمثّل من دون أن يأخذ لبنان إلى مكان لا مصلحة له فيه".
 
ويخلص فتفت إلى أنّ "الاغتيالات لم تؤدِّ يوماً إلى وقف المدّ التحرّريّ. الأحزاب الشمولية التي لديها فكر عنفيّ موجودة وعلينا التعامل معها على هذا الأساس. تكوّنت الجبهة السيادية اليوم في العقل السياسي. كان عدد الذين يتحدّثون بالاحتلال الايراني قبل سنة يعدّ على أصابع اليد الواحدة. ولا أحد يتجرّأ على التحدّث في هذا الموضوع. اليوم باتت مكوّنات كثيرة تتحدّث عن الاحتلال الايراني. والمهمّ أن نعلم أين نحن. الجبهة تكوّنت فكريّاً مع معارضة كبيرة لما يسمّى عملياً بالاحتلال الايراني. الفكرة الأساسية لبناء جبهة أصبحت موجودة ونتحدث بها بسهولة. وكلّ شخص يتحدّث في الموضوع، يعتبر جزءاً من مكوّناتها. وبعد الانتخابات ستعلم كلّ قوّة سياسية حجمها، ويمكنها التعامل من هذا المنطلق".
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم