هل صحيح أن معاناة القضاة هي عينها معاناة القطاع العام؟

مما لا شك فيه أن كل القطاع العام يعاني من ترهل الدولة وانهيار القدرة الشرائية لرواتبه بالليرة اللبنانية إنما ما تواجهه السلطة القضائية يتجاوز ذلك، إذ نرى قصور العدل تخلو من مقومات العمل اللائق سواء للقاضي أم للمحامي أم للمساعد القضائي أم للمواطن لناحية النظافة والكهرباء والصيانة والأمن، فضلاً عن التعذّر في كثير من الأحيان عن القيام بسوق الموقوفين أو تأمين مستلزمات العمل البديهية من أوراق رسمية وقرطاسية ومغلفات ودفاتر أساس وغيرها بعد أن كان القضاة يؤمنون معظم تلك الحاجات من مالهم الخاص لغاية عدم قدرتهم عن القيام بذلك.
 
هذا ناهيك عن تمنّع السلطة السياسية عن الالتزام بالقرارات القضائية لاسيما قرارات مجلس الشورى وعن التدخلات السافرة في القضاء جهاراً ام سراً، مباشرة أم بواسطة من عيّنوهم، وتشويه عمل القضاء والإساءة المستمرة له، فيمسي القضاء "قضاءات" يرضون عنه أم لا حسب سلطتهم عليه، "يشيطنون" من لا يخضع لهم ويحمون من يعمل تحت أمرتهم، يشدّدون على ضرورة إقرار قانون الاستقلالية في كلامهم ويتملّصون منه في أفعالهم، ينادون بقضاء فاعل وعندما يفعل ويواجه بحزم، كما هي الحال في إحدى أهم القضايا، يتعرّض لإهمال مقصود كمن قرّر إنزال القصاص بالعدالة وبكل قاضٍ نزيه وجريء.