الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

خطط توحيد الساحات... هل يُشارك "حزب الله" في حروب "حماس" و"الجهاد" ضد إسرائيل؟

المصدر: "النهار"
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
صواريخ بين غزّة وإسرائيل (أ ف ب).
صواريخ بين غزّة وإسرائيل (أ ف ب).
A+ A-
كان حديثا رئيس حركة "حماس في الخارج خالد مشعل، ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، محط متابعة، نسبةً إلى خطورة الحديثين والإشارة إلى احتمال اندلاع حرب متعدّدة الجبهات بين إسرائيل والفصائل المسلّحة التابعة لإيران في المنطقة. فمشعل حذّر تل أبيب من ردّ "موحّد" بعد اغتيال قيادات في "الجهاد الإسلامي"، ودعا قوى "المقاومة" في الداخل والخارج إلى أن تكون "على أهبة الاستعداد للردّ"، فيما قال نتنياهو إن إسرائيل تستعدّ لحرب متعدّدة الجبهات.
 
في مضامين التحذيرين إشارة إلى احتمال مشاركة "حزب الله" في عملية عسكرية ضد إسرائيل، خصوصاً أنّه الأقوى والأكثر خبرةً وتجهيزاً بين الفصائل الإيرانية. لكنّ الواقع كان عكس الإعلانين المذكورين سلفاً، لأن الردّ أتى من الداخل الفلسطينيّ، واقتصر على إطلاق صواريخ من قطاع غزّة فقط، من قبل حركة "الجهاد الإسلامي".
 
وقد رفع من نسب خطورة التصريحين وجدّيتهما معلومتان مهمّتان تناولهما الإعلام بشكل كثيف، الأولى تحدّثت عن زيارة قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني إلى بيروت واجتماعه بقادة الفصائل الإيرانية من جميع دول المنطقة، وبشكل خاصّ من فلسطين ولبنان، تحت شعار "توحيد الساحات" لخلق منظومة واحدة تقوم بعمليات أمنية وعسكرية مشتركة، والثانية تحدّثت عن طرح إيراني كان هدفه صياغة اتفاق دفاعيّ عسكري بين "حزب الله"، "حماس" و"الجهاد"، لتنسيق إطلاق الصواريخ على إسرائيل، فقوبل الطرح بالرفض من الجهات الثلاث.
 
فهل يكون "حزب الله" جزءاً من منظومة عسكرية موحّدة في المنطقة، ويشارك "حماس" و"الجهاد" في العمليات ضد إسرائيل؟
 
وفق المعطيات الواقعية، فإن "حزب الله" ليس بوارد المشاركة في اتفاقيات دفاعية مع الفصائل الفلسطينية ضد إسرائيل، وهو لم يُشارك في جولة التصعيد الأخيرة ولا في أيّ جولة سابقة كعملية قصف الصواريخ الأخيرة التي تمت من الجنوب، والتي كانت من تنفيذ "حماس" لا "حزب الله"؛ وإن تمّت بعلم وتنسيق مع الحزب، ممّا يعني أن لا رغبة لدى قيادة الحزب في فتح جبهات جديدة مع إسرائيل.
 
بحسب خبراء أمنيين، لا مصلحة لـ"حزب الله" في صياغة اتفاقيات مشابهة لتلك التي تطرحها إيران، ولا في مشاركة الفصائل الفلسطينية في هجومها على إسرائيل لأسباب عدّة، منها خطورة الجبهة بين لبنان وإسرائيل وعدم القدرة على السيطرة عليها بسهولة، ثم حجم الدمار الذي ستخلّفه أي عملية إسرائيلية عسكرية على لبنان، وثالثاً اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل الذي نصّ على بنود غير مكتوبة، منها وجوب ضمان الاستقرار في المنطقة لاستقطاب الاستثمارات.
 
مدير مركز الجيل الجديد للإعلام محمد غروي يُشير إلى أن "طرح توحيد الساحات يحمل في طيّاته شقّين، توحيد الفصائل المسلّحة في الداخل الفلسطيني، وتوحيد المجموعات المسلّحة في المنطقة بشكل عام. وقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني كان قد بدأ مشوار توحيد الفصائل في فلسطين، وتُرجم مسعاه بغرفة عمليات مشتركة تقود معارك عزّة ضد إسرائيل؛ والسبب خلف ذلك كان التشتت السابق على إنشاء الغرفة".
 
وفي حديث لـ"النهار"، يتطرّق إلى مخطط توحيد الساحات الموسّع، الذي يشمل كافة الفصائل المسلّحة في المنطقة، وبينها "حزب الله"، أنصار الله"، "الحشد الشعبي" وغيرها. ويلفت إلى أن "ثمّة عملاً إيرانياً جاداً لتوحيد هذه المجموعات، في سياق استراتيجي، الهدف منه إتمام جهوزية مجموعات المحور الإيراني في حال تصاعدت حدّة التوتر والاشتباك بين إيران وإسرائيل".
 
وعن اللحظة التي تنخرط فيها كافة الفصائل المسلّحة في دول مختلفة بحرب مع إسرائيل، وتنفذ مخطّط توحيد الساحات، يقول غروي إن أيّ هجوم إسرائيلي مباشر على إيران، أو أي هجوم قاسٍ على أيّ من الفصائل، وتعجز الأخيرة عن ردّه منفردة، يكون بمثابة إعلان عن التوقيت المناسب لتنفيذ خطّة توحيد الجبهات. لكنه في حالة غزّة، فإن حركة "الجهاد الإسلامي" قادرة على المضي في حربها مع إسرائيل لأمد طويل، وإذا أدركت مرحلة العجز، فستتدخّل الفصائل الأخرى لمساندتها.
 
برأي غروي، لا مصلحة لـ"حزب الله" بالانخراط في الحرب بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، أو توحيد الساحات في الوقت الحاضر، لأن الأمور قد تتدحرج إلى نطاق أوسع وأخطر. لكنه في الوقت نفسه يستبعد رفض نصرالله لعقد اتفاقية دفاعية مع "حماس" والجهاد"، ويعتبر أن "الحزب يرى الموضوع كقضية أمّة إسلامية وعربية، وليست فلسطينية أو لبنانية".
 
توحيد الساحات "غير قابل للتطبيق"
في سياق متصل، يرى الباحث في الشؤون الاستراتيجية، العميد الركن نزار عبد القادر، في تصريحات وزير الخارجية الإيراني حسين أمر عبداللهيان إشارات إلى أن طهران لا تُريد تحمية الجبهة مع إسرائيل أساساً حتّى توحّد ساحاتها، وبالتالي فإن إيران لا تُريد سياسة عسكرية واحدة بين فصائلها، بل التركيز الإيراني ينصبّ على كيفية الاستفادة سياسياً واقتصادياً من التقارب مع السعودية، ولا مكان للتصعيد.
 
وفي حديث لـ"النهار"، يلفت إلى أن "حزب الله" متيقّن من خطورة فتح الجبهة مع إسرائيل، وافتعال الأحداث التي قد تؤدّي إلى الدمار، "لأن الأثمان ستكون غالية جداً، ولا قدرة له على تحمّلها؛ وذلك في ظل عدم جهوزية ولا حماسة إيران أو أي طرف إقليمي أو دولي آخر للتعويض عن الخسائر وإعادة إعمار ما يتدمّر. وانطلاقاً من ذلك، لا يُريد ربط مواجهته مع إسرائيل بمواجهات غزّة".
 
وبحسب المنطق العسكري، فإن توحيد السياسات الدفاعية والهجومية بين هذه الفصائل المسلّحة أمر "غير قابل للتطبيق" على أرض الواقع، لأن لكل فصيل أجندة مختلفة، والمثال الأبرز على ذلك تصعيد غزّة الحاصل في هذه الأيام؛ فإن حركة "حماس"وغيرها من الفصائل لا تُشارك في الحرب ضد إسرائيل، والأمر محصور بحركة "الجهاد الإسلامي"، وذلك مردّه إلى أن ثمّة تريّثاً قبل أيّ تصعيد.
 
في المحصّلة، فإن الفصائل الإيرانية في الداخل الفلسطيني وخارجه ليست في صدد توحيد ساحاتها والانخراط في حرب شاملة ومتعدّدة الجبهات مع إسرائيل، لأن نتائج المواجهة ستكون مدمّرة على الدول التي تتواجد فيها هذه الجماعات. لكن ذلك لا يعني غياب التنسيق بين هذه المجموعات، بل هو حاضر من خلال غرف عمليات مشتركة في فلسطين وخارجها تتابع أدق التفاصيل، وتُدير الاشتباك مع إسرائيل. وبالتالي فإن الساحات موحّدة قيادياً لا ميدانياً، بانتظار ما قد يستجدّ في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة والمتآكلة جرّاء الصراعات اللامنتهية.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم