السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بين مطرقة "ماغنتسكي" وسندان "قيصر"... تبييض الأموال إلى ازدياد؟

المصدر: "النهار"
جودي الأسمر
جودي الأسمر
تعبيرية. (الصورة عن "أ.ف.ب").
تعبيرية. (الصورة عن "أ.ف.ب").
A+ A-

تسود حالة من الضبابية والترقّب المشهد السياسي اللبناني بعد العقوبات الأميركية وانعكاساتها على لبنان المختنق أصلاً بدوامات متشابكة من الأزمات، فضلا عن توقيتها المتزامن مع مشاورات توزيع الحقائب في حكومة الرئيس سعد الحريري، وبدء المفاوضات مع إسرائيل في ملف ترسيم الحدود البحرية.

بعد فرض وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين عقوبات "ماغنتسكي" على النائب ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، يدخل لبنان عنق زجاجة جديدة من التأزيم تتقاطع مع "قانون قيصر" الذي دخل حيز التنفيذ في حزيران الماضي وتنتهي صلاحياته في آخر عام 2021.

أمام هذه المعطيات، تدور التساؤلات حول تأثير القانونين على لبنان إثر تغير الإدارة الأميركية بعد انتخاب بايدن، ورجحان الكفّة نحو تعقيدها أو تخفيفها أو إلغائها، خصوصاً مع ثبات مكوّن مشترك في خلفية هذه العقوبات متمثلاً بدور "حزب الله" في لبنان، حليف باسيل، وعلاقة الحزب الدائمة بالنظام السوري.

بداية، يوضح رئيس مؤسّسة "جوستيسيا" الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لـ"النهار" أن "لا تأثير مباشراً على العقوبات بتغيّر الإدارة، إنّما قد تزخم أو تخفّف وفق سياستها"، ويتابع "من المؤكد أن القانونين قابلان للطعن. أولا على مستوى الإدارة بإمكان رفع العقوبات. كما يمكن المتظلم المدرج على العقوبات أن يلجأ الى المحكمة الأميركية عبر مكتب محاماة أميركي".  

وحول الانعكاسات المشتركة للقانونين، في مقاربة ذات بعد قانونيّ- علميّ خارجة عن إطار الآراء السياسية الداخلية، يذكر مرقص أن "قانون قيصر هو من ضمن القوانين الأميركية التي تعاقب كلّ من يسهّل التمويل والتموين لأفراد أو كيانات، سواء كانت شركات أو دول خاضعة للعقوبات، ذلك أن قيام أي دولة بمساعدة دولة أخرى تحت العقوبات (أي سوريا) مسألة من شأنها أن تعرّض الدولة الأولى (أي لبنان) للعقوبات أيضاً، انطلاقا من مجموعة قوانين لا يمكن التفلّت منها بسهولة، ومن يستطيع التفلت من قانون ما سيعلَق في قانون آخر".

بعبارة أكثر وضوحاً، يضيف مرقص إن "الدعوات إلى تعاون غير محسوب النتائج مع الدولة السورية في الوقت الحالي يعرّض لبنان لمزيد من العقوبات الموسّعة، في وقت تطال مجموعة عقوبات أصلاً أسماء شركات وأفراد لبنانيين لأسباب متعلّقة بالتعامل مع حزب الله".

في سياق متصل، صرّح وزير الخارجية مايك بومبيو في مؤتمره الصحافي أمس بأننا "طبقنا قرار ماغنتسكي للعقوبات ضد وزير الخارجية اللبناني السابق جبران باسيل لضلوعه في الفساد"، مضيفاً أن "باسيل مرتبط بمنظمة "حزب الله" الإرهابية"، وكان صرح سابقاً عقب صدور العقوبات بحق باسيل أن هذا القانون الصادر بموجب القرار التنفيذي رقم 13818 يستهدف "الفساد والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في جميع أنحاء العالم"، كما كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد ذكرت أن العقوبات على باسيل أتت "في محاولة لتخفيف قبضة حزب الله على السلطة".

ويشرح مرقص مقاربته بالقول إن "لهذه العقوبات انعكاسات فادحة على لبنان، في ظل تقلّص المساعدات الدولية إلا باستثناءات قليلة، إضافة إلى محاذرة الأسواق المالية العالمية ولا سيما المصارف الدولية المراسلة التعامل مع القطاع المالي والمصرفي في لبنان، حتى أنه بات من الصعب فتح الاعتمادات مع هذه المصارف وباتت بعض المصارف العالمية تطالب مصارف محلية لبنانية بإقفال الاعتمادات وإلغاء الكفالات المعطاة لها خارجياً مما انعكس على بيئة الأعمال في لبنان بشكل سلبي".

ويخشى مرقص أن "تحوّل العقوبات المجتمع اللبناني الى مجتمع قائم على التعاون النقدي (cash society)، مما يزيد من خطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مما يذهب خلافاً لمنطق العقوبات وغايتها"، مقترحًا أن تقوم الدولة اللبنانية بـ"طلب الاستحصال على استثناء أو إعفاء Waver من الخزينة الأميركية لتمويل وتموين لبنان بالحاجات الملحة الضرورية لتمكينه من الاستمرار في مواجهة الظروف المعيشية الصعبة".

وحول ذيوع أسماء سياسيين أو أحزاب ستطاولهم عقوبات جديدة، يعتبر مرقص أن "لا يمكن التوقّع مسبقاً بأسماء قد تدرج على لوائح العقوبات، ذلك أن توقّعات من هذا النوع تعتبر غير دقيقة ولا يمكن أحداً أن يعرف أو يحتكم الى التنبّؤ في هذا الموضوع. وقد أثبتت التجارب السابقة هذه المعادلة، حتّى إن المحامين الذين يتعاملون مع مكتب مراقبة الأصول والموجودات الأجنبية "الأوفاك" في الولايات المتحدة الأميركية، لا يستطيعون تسطير إجابة مسبقة عن هذا السؤال. ويمكن معرفة أسماء المدرجين على لوائح العقوبات في أحسن الاحتمالات، اذا ما اطُّلع عليها قبل ساعات قليلة من إعلان الخزانة الأميركية عنها".

هذا، وكان الكونغرس الأميركي قد صادق في 15 تشرين الثاني 2016 بأغلبية ساحقة على القانون الذي يفرض عقوبات جديدة على كل من يدعم الحكومة السورية مالياً أو عينياً أو تكنولوجياً. وقد أطلق على القانون هذا الاسم تيمناً بـ "قيصر"، المصور العسكري السوري الذي انشق عن النظام، وهرّب أكثر من 55 ألف صورة توثّق الانتهاكات في السجون السورية، ثم عرضها في مجلس الشيوخ الأميركي وتردد طوال أربعة أعوام الى الكونغرس مموها ظهوره بمعطف أزرق يغطي معالم وجهه وقفازات تخفي يديه.

وجاء في مشروع القانون المنشور في الموقع الإلكتروني للكونغرس الأميركي أن "الأعمال القتالية لبشار الأسد ضد الشعب السوري أودت بحياة أربعمئة ألف مدني، وأدت إلى تدمير نصف البنية التحتية في سوريا، وأجبرت أكثر من 14 مليون شخص على مغادرة منازلهم خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأنتجت أسوأ أزمة إنسانية منذ أكثر من ستين عاماً".

كما انتقد المشروع - الذي يتفرّع في خمسة فصول- موقف المجتمع الدولي، باعتبار أن "التحركات الدولية كانت غير كافية لحماية المدنيين من هجمات القوات النظامية وغير النظامية التي تدعم نظام بشار الأسد، ومنها حزب الله".

شرح مبسط لقانون "ماغنتسكي"

 قانون ماغنيتسكي هوَ مشروع قانون قُدّم في الكونغرس الأمريكي وصادقَ عليه الرئيس باراك أوباما في ديسمبر 2012.

- ينصُ القانون على مُعاقبة الشخصيات الروسية المسؤولة عن وفاة محاسب الضرائب سيرغي ماغنيتسكي في سجنه في موسكو عام 2009.

- منذ 2016 والقانون مُفعّل على مستوى كل دول العالم مما يخولُ الحكومة الأمريكية فرضَ عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم.

- يوم الجمعة الفائت، فرضت الخزينة الأميركية عقوبات اقتصادية على رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بموجب هذا القانون، ويشمل:

-إقفال حسابات المدرجين على لوائح العقوبات في المصارف والمؤسسات المالية، وعدم التعاون معهم ودعوتهم إلى ترصيد (انهاء) حساباتهم إن وجدت

- وأي مصرف لبناني أو وساطة مالية، يدعو باسيل الى سحب ودائعه وموجوداته وإنهاء التعامل معه

- كذلك، فهي تحاذر الاستمرار في التعامل مع المقربين إليه على نحو مباشر ومنهم أفراد عائلته المباشرين، إلا بشرط إخضاعهم لمراقبة مكثفة لعملياتهم المالية والمصرفية، وتسمى بـenhanced due diligence EDD

 - أما العقارات والأموال المنقولة غير المالية فإنها عموما تبقى بمنأى عن مفاعيل هذه العقوبات

- وتأشيرة الدخول الى الولايات المتحدة الأميركية تصبح لاغية

- ويحاذر المدرجون على هذه اللوائح هم بأنفسهم السفر الى دول تربطها بالولايات المتحدة إتفاقيات أو تفاهمات للتبادل أو التسليم. وثمة أمثلة حصلت في العالم حيث أوقف هؤلاء المدرجون على اللوائح في مطارات دولية واقتيدوا الى الولايات المتحدة الأميركية

شرح مبسط لقانون "قيصر"

في 15 ت2 2106، صوت الكونغرس الأميركي بأغلبية ساحقة على "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا".

- يسمح "قيصر" لواشنطن بفرض عقوبات اقتصادية على النظام السوري متمثلا ببشار الأسد، والجهات الداعمة له عسكريا وماليا وسياسيا ومن بينها حزب الله، والمتعاملة معه تجاريا.

- يسعى القانون الى توسيع نظام العقوبات السابق، عبر استهداف المؤسسات الحكومية السورية والأفراد.

- عوّل أعضاء الكونغرس والادارة على أن تؤدي هذه العقوبات القاسية الى قلب الطاولة على نظام الأسد وسحب الغطاء الروسي.

- يفرض القانون عقوبات على أي حكومة أو مجموعة تسهل للحكومة السورية صيانة أو توسيع الانتاج المحلي للغاز الطبيعي والبتروليوم ومشتقاته.

- يتوقع أن يؤدي القانون الى شل اقتصاد النظام السوري، بدءا بالمصرف المركزي والشبكات المرتبطة به، إضافة الى وضع قيود على حركة التبادل الاقتصادي.

- أطلق على القانون إسم قانون قيصر تيمنا بالمصور العسكري السوري الذي انشق عن النظام، وهرّب أكثر من 55 ألف صورة توثق الانتهاكات في السجون السوريةعرضت تلك الصور في مجلس الشيوخ الأميركي وأمضى قيصر أربعة أعوام وهو يتردد على الكونغرس، مترديا معطفا أزرق يغطي معالم وجهه وقفازات تخفي يديه.

- وتشدد بنود القانون على أن الولايات المتحدة منفتحة على الحل الديبلوماسي لكن بشروط.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم