الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل يعود النظام السوريّ إلى لبنان عبّر بوّابة الكهرباء؟

المصدر: النهار
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
الأسد ووزير الخارجية الإيراني (ا ف ب)
الأسد ووزير الخارجية الإيراني (ا ف ب)
A+ A-
 
 أعادت زيارة الوفد الوزاريّ اللبنانيّ سوريا إلى الأذهان صوراً قديمة كان بدأ اللبناني نسيانها، وخصوصاً أنّها ترافقت مع إعادة بروز ما يسمّى بالمجلس الأعلى اللبنانيّ السوريّ، وظهور رئيسه الغائب منذ سنوات نصري خوري ليتلو بيان المحادثات  بغياب العلم اللبناني، وترافقت هذه الزيارة مع عودة  الزيارات العلنيّة للوفود، والوقوف على عتبة قصر المهاجرين وإطلاق التصاريح، بعدما كانت تتمّ بالسرّ وتحت جناح الليل.


هذا المشهد أثار التساؤلات عن إمكانيّة عودة النظام السوريّ الى لبنان، الذي لم يبارحه يوماً، ولكن بالطريقة القديمة والمشاهد القديمة التي حبست أنفاسهم الى أكثر من ثلاثين سنة، ومنّنوا النفس بالانتصار بعد انتزاع اعتراف ديبلوماسيّ سوريّ بلبنان، في أيار 2006.


وما لا شكّ فيه أنّ الزيارة اللبنانيّة الى سوريا ترافقت مع موافقة أميركيّة على الموضوع وتسهيله، ما أعطى جرعة دعم للنظام وهناك مَن رأى فيها بداية تخفيف للعقوبات الأميركية عليه، بدءاً من بوّابة لبنان، وهذا جاء بالتزامن مع عودة الاتّصالات العربيّة مع هذا النظام، بدءاً من الإمارات التي أعادت فتح سفارتها الى السعوديّة، التي بدأت مفاوضات جدّية أيضاً معه فضلاً عن إعلان عدد من الدول العربيّة رغباتها في إعادة علاقاتها الديبلوماسيّة مع سوريا.

وفي جانب آخر، هناك من يشبّه الحراك الحالي بالحراك عام 2008 حينما انفتحت فرنسا على بشّار الاسد من جديد بعد قطع العلاقات معه إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إضافة الى إجراء مصالحة مع السعودية، وإعادة معادلة "سين - سين"، الى لبنان برضى وغطاء أميركي – فرنسي، ودفع الرئيس سعد الحريري ووليد جنبلاط إلى دمشق عام 2010، قبل أن تندلع الثورة وتتغيّر الأمور رأساً على عقب.

لكن في المقابل، لم يعد النظام السوريّ كما كان في الـ2008، وأصبح خاضعاً لثقل النفوذ الإيراني، ما يقضي بحسابات أخرى أو أقّله بصيغ أخرى بالنسبة للدول الغربية، أو العربية، كما أنّ النفوذ الذي كان يحظى به النظام السوريّ في لبنان تحوّل بأغلبه إلى نفوذ إيرانيّ، وأصبح نفوذ النظام ضعيفاً الى حدّ كبير، واستطاعت إيران عبر "حزب الله" ملء هذا الفراغ عبر الدعم السياسيّ والمادّي.

 وبالتّالي مهما قدّم الغربيون من تنازلات تكتيكية في تعاطيهم مع النظام السوري، لن يُقدِموا على أكثر من انفتاح ظرفيّ وموّقت. وأيّ اجتماعات وعمليّات تنسيق علنية (أو سرّية) تحصل هذه الأيام بين حكومات إقليمية والنظام السوري، تبقى، أدنى من التطبيع مع دمشق. وتفرضه حاجات اقتصادية وضرورات أمنية، فضلاً عن الحالات الطارئة الإنسانية التي تفرض منذ بداية الأزمة السورية تنسيقاً أمميّاً مع النظام.
وفي السياق يرى الوزير السابق سجعان قزّي أنّ النظام السوري لا ينتظر الغاز للعودة للعب دور مؤثّر في لبنان، وهنا يعود الأمر للبنانيين إذا كانوا يريدون أن يتعاطوا مع السوريين من دولة إلى دولة أو يريدون العودة الى العلاقات الذليلة مع النظام.
ويقول في حديث لـ"النهار": "من المفترض أن نكون اجتزنا مرحلة الوصاية السورية، وأن تكون العلاقات طبيعية بين البلدين، ومن غير المنطقي أنّ كلّ تعاون مع سوريا أمني أو سياسي أو اقتصادي سيفرض إعادة هذه الوصاية أو هذه السطوة، وأصلاً هذا يتنافى مع العلاقات الدولية الطبيعية".
ويستدرك القزي مشيراً الى أنّ سوريا لم تنسحب أصلاً من لبنان بشكل كامل، ولديها جماعاتها الذين يتحرّكون في المجالات كافّة، لكنّ تأثيرها ضعف كثيراً بسبب وضعها الداخلي وعدم قدرتها على إدارة ملفات أساسية نتيجها الضعف السياسي بعد الحرب الاهلية، لافتاً الى أنّ الأهمّ في هذه القضية انّ حلفاء النظام السابقين اصبحوا تحت السطوة الإيرانية، ولم تعد  تملتك قدرة التأثير عليهم كما كانت في السابق.
 
ويشدّد قزي على انّ سوريا بإمكانها العودة الى لبنان بوجود الخيانة اللبنانية للوطن، وما يجري على الحدود اليوم من تهريب وسرقة موارد وأموال اللبنانيين هي أخطر من الوجود العسكري السوري وخصوصاً انّه عندما كان الجيش السوري في لبنان لم يشعر اللبنانيون بهذا الذلّ الذين يشعرون به اليوم.
من ناحية ثانية، يعتبر قزّي أنّه يمكن أن يكون للمجتمع الدولي وخصوصاً الأميركيّ إعادة قراءة في منطقة الشرق الأوسط لسياسته خصوصاً بعد الصدمة في أفغانستان وتأثيرها الهائل على السياسة الداخلية الأميركية، والتي بدأت تهدّد بطريقة حضور الديموقراطيين في الانتخابات النصفية، وحيث أثبتت الاستطلاعات أنّ الانسحاب بهذه الطريقة من أفغانستان أوصل الرئيس جو بايدن الى أدنى شعبية على الاطلاق.
ويضيف، لكن يبقى لبنان الحلقة الأضعف والأخيرة في سلّم الأولويّات، لذا على اللبنانيين ان يحدّدوا بشكل مجتمع ماذا يريدون بالضبط، إاذا بقيت كلّ جهة تحدّد وجهتها كما تريد فلن يلتفت أحد بنا وفي النهاية سيتمّ تلزيمنا الى دولة ما.
ويختم قزي بالتأكيد أن ليست سوريا هي التي طلبت من اللبنانيين الذهاب إليها، ولم يترسّل الشرطة العسكرية لاستقدامهم، إنّما ما جرى هو تعبير عن الانهزاميّة اللبنانية والخيانة وعدم احترام للشعب اللبناني.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم