السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

رفع الحصانات... هل تضيع الحقيقة بين القانون والسياسة؟

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
تعبيرية (النهار)
تعبيرية (النهار)
A+ A-
تتفاعل بشكل سريع طلبات رفع الحصانة وأذونات الملاحقة التي طلبها المحقق العدلي فادي صوان في قضيّة انفجار المرفأ، ومعظم الطلبات أخذت مجراها القانوني وبالتدرج. وهي تسير، قانونياً، بطريقة سلسة حتى الآن من دون عراقيل.
صحّح القاضي صوان خطأ سلفه في ما يتعلّق بالوزيرين السابقين النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، إذ وضعهما المحقق العدلي السابق في قائمة المتهمين في القضية، من دون الرجوع الى البرلمان وطلب رفع الحصانة عنهما، ما دفع مجلس النواب الى الردّ سريعاً، ورأى أنّ الخطوة لا تحترم مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في الدستور. لكن القاضي البيطار استند إلى المادّة 40 من الدستور، التي تنص على أنّه "لا يجوز اتخاذ إجراءات جزائية نحوَ أيّ عضو من أعضاء المجلس أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً إلّا بإذن المجلس، ما خلا حالة التلبّس بالجريمة".
وبدليل على عدم إمكانية الهرب من الخطوة، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة مشتركة لهيئة مكتب المجلس النيابي ولجنة الإدارة والعدل، يوم الجمعة المقبل في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، لدراسة طلب رفع الحصانة الذي ورد من وزارة العدل في موضوع تفجير مرفأ بيروت.
وفي هذا السياق، يقول الخبير القانوني ورئيس مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية بول مرقص، بأنه إذا لم تقدّم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعنية، وجب على رئاسة المجلس إعطاء علم بذلك للمجلس في أول جلسة يعقدها، وللمجلس أن يقرّر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً، أو وضع يده على الطلب وبتّه مباشرة.
ويضيف: "عندما يباشر المجلس البحث في طلب رفع الحصانة، يجب استمرار المناقشة حتى بتّ الموضوع نهائياً".
ويرى مرقص في حديث لـ"النهار"، أنّ "الإذن بالملاحقة مفعول حصري ولا يسري إلّا على الفعل المعيّن في طلب رفع الحصانة، ويتخذ قرار رفع الحصانة بالأكثرية النسبية."
ويتابع: "إذا لوحق النائب بالجرم المشهود أو خارج دورة الانعقاد أو قبل انتخابه نائباً، تستمر الملاحقة وللهيئة المشتركة وللمجلس، عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة، تقدير جدّية الملاحقة".
وفي السياق، يعرى مرقص أنّ المادّة 189 من قانون العقوبات التي استند إليها المحقق العدلي، تنصّ على أنّ الجريمة تُعدّ مقصودة وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل أو عدم الفعل قصد الفاعل، إذا كان قد توقع حصولها فقبل بالمخاطرة.
ويرى أنّ "القصد الاحتمالي" الذي استند إليه القاضي، يعدّ عنصر الجريمة المعنوي، أي إذا كانت هناك جريمة مقصودة وحصلت نتيجة ثانية غير متوقعة ولكن كان يجب توقعها وبإمكان توقعها أو توقعها الفاعل، ومع ذلك قام بالمخاطرة. ومثال على ذلك، أنّ شخصاً يطلق النار على آخر بقصد إصابته من دون قتله، ولكن خرجت الرصاصة وأودت بشخص آخر بناءً على القصد الاحتمالي أي المفترض وجوده، فيعاقب عليها كجريمة مقصودة.
ويشدّد مرقص على أنّ أيّ حصانة غير مبرّرة في جريمة كمجزرة المرفأ. إلّا أنه رغم ذلك، وفق النصوص الراهنة، لا يجوز للمعنيين ادعاء رفع الحصانة عن أنفسهم بل يعود ذلك أصولاً للمراجع النيابية والنقابية، والإذن بالملاحقة مفعول حصري لا يسري إلّا بعد رفع الحصانة".
ويتخوّف مرقص من إحالة القضية على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ومن ثم تمييعها وإبعاد الحقيقة، وهذا ما يسمى في علم القانون "lois saicine".

هذا في القانون أما في السياسة، فالأمر لا يمشي كما الإجراءات القانونية. ويبدو أنّ العراقيل السياسية ستكبر وستقف عائقاً، ومنذ لحظة إعلان الأسماء بدأت حملة مقابلة تشكك في عدالة بيطار، وما الحملة الإعلانية والإعلامية التي تشهدها الشوارع، وفي بعض وسائل الإعلام دفاعاً عن أحد الضباط الكبار، سوى دليل حسيّ على ما ينتظر سير التحقيقات الجديدة والحقيقة المنتظرة. كذلك لا يمكن تجاهل كلام الأمين العامّ لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي أسف لمعرفة المدَّعى عليهم خبر الادعاء من الإعلام، معتبراً أنّ ذلك "شكل من أشكال التوظيف السياسي، الذي نعود ونرفضه".

وأكّد نصرالله أنّ العدالة بعيدة، والحقيقة ما زالت مخفية، مطالباً بنشر التحقيق التقني "لنعرف سبب هذه الجريمة، وما الذي تسبّب بهذا الانفجار الكبير، ولنعرف هل يوجد وحدة معايير، وهل يوجد أيّ استهداف سياسي".
كلام نصرالله لم يمرّ مرور الكرام، فقد عدّت مصادر مقرّبة من "القوات اللبنانية" مواقف نصرالله عرقلة واضحة للتحقيق، ووضع عوائق أمام المحقق العدلي ومن ثم أمام الحقيقة.
ورأت المصادر أنّ انفجار المرفأ تجاوز في خطورته كحدث وفعل اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، واغتيال رئيس الجمهورية السابق بشير الجميل، وكلّ مسار الاغتيالات والتفجيرات بلبنان، الذي يتطلب من المحقق جرأة وشفافية واستقلالية وجدّية، وهذا ما يظهره القاضي بيطار حتى الساعة.
وشدّدت على أنّ القوات ستضع كلّ جهودها لعدم ترك أيّ أحد أو جهة تعرقل مسار العدالة.
بدوره طالب رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط كشف حقيقة انفجار المرفأ. وقال في تغريدة: "هذا يتطلب مساءلة كل المسؤولين المعنيين على أيّ مستوى كان دون استثناء، وبعيداً عن التدخلات السياسية والاجتهادات القانونية التي تتعلق بالحصانة وغيرها. ولا بدّ من الركون إلى القضاء مع مطالبتنا باستقلاليته، تبقى الحقيقة فوق كل الاعتبارات أياً كانت".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم