الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

المطران عوده عن غسان تويني: المتمرد الدائم على الانحطاط والفساد

المصدر: النهار
المطران عوده عن غسان تويني: المتمرد الدائم على الانحطاط والفساد
المطران عوده عن غسان تويني: المتمرد الدائم على الانحطاط والفساد
A+ A-




في قداس الاحد، امس، تذكر متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عوده الراحل غسان تويني قائلا:  يا أحبة، نستذكرُ اليومَ إنساناً استثنائياً، رجلاً كبيراً من لبنان، هامةً ديموقراطيةً أصيلةً غادَرَنا منذ سنواتٍ لكنّ أفكارَه وأقوالَه ما زالت تَتردَّدُ في أُذُنِ كلِّ إنسانٍ عَرَفَه وشارَكَه حبَّ الوطنِ والإخلاصَ له والدفاعَ عنه بكلِّ جوارحِه.
 
نصلّي اليوم لراحةِ نفسِ عزيزِنا غسان تويني ونفتقدُه في هذه الأيامِ العصيبة، ونفتقدُ قلمَه الجريءَ الصريحَ الذي كانَ يشيرُ بوضوحٍ إلى مكامنِ الخطأ، ويُعرّي من تَجِبُ تَعريتُهم من الخطأةِ بحقِ الوطن. لم يعرفْ النفاقَ والتلوّنَ أو الإستزلامَ والتَبَعيّةَ بل كان صادقاً، خلوقاً، حرًّا، يبحثُ دوماً عن الحقيقةِ ويشهدُ للحقِّ مهما غلا الثمن. عزيزُنا غسان لم يكُنْ كما كان، لو لم يكُنْ قلبُه مسكناً لربِّه وصبرُه ثمرةَ إيمانِه. غسان ما كان لِيَسْكُتَ عما نعيشُه اليومَ من حقدٍ وتضارُبِ مصالح وتَدَنٍّ في الأخلاقِ والعملِ السياسي، ومن فسادٍ وظلمٍ وتخلُّفٍ، وهو المتمرّدُ الدائمُ على الإنحطاطِ الأخلاقي والفسادِ السياسي، وحاملُ لواءِ الحريةِ والديمقراطيةِ والحوارِ والمحبة. غسان الذي ذاقَ كلَّ أنواعِ الآلام، صَقَلَتْ الآلامُ نفسَه، أما هو فقد صَقَلَ شخصيتَه بالإيمانِ والمحبةِ والتواضعِ والعطاءِ والتضحية، وداسَ على قلبِه من أجل وطنِه، وبدلَ أن يغلِّبَ الحقدَ والإنتقامَ بعد إغتيالِ فَلِذَةِ كَبِده. طالبَ بدفنِ الحقدِ واعتمادِ المسامحةِ والمحبة. هل من يسمعُ في أيامِنا ويتعظ؟
 
غسان ما كان لِيَقْبَلَ أن يتعذّبَ إنسانٌ كائناً مَنْ كانَ، أو أن يُذَلَّ مواطنٌ، أو أن يتألّمَ طفلٌ. كان من الشعب، حاملاً همومَهُ وصارخاً باسمِهِ، رافضاً كلَّ ظُلمٍ أو غدرٍ أو إجحاف، هذا الشعب الذي، من كثرةِ المصائبِ النازلَةِ عليه، أصبحَ يتأقلمُ مع كلِّ ظرفٍ ويسكُتُ عن كلِّ غُبْنٍ وكأنَّهُ رُوِّضَ واستكان. غسان ما كان لِيَرضى أن يصلَ وطنُه إلى الإنهيارِ ولا يحرّكُ ساكناً، أو يقومُ بمبادرةٍ أو يُطلقُ صرخةً مُدَوّيةً توقظُ الضمائرُ وتَهُزّ أركانَ الدولة. حبُّ لبنانَ في قلبِ غسان طغى على كلِّ حب، وإخلاصُه للبنان دفعَه إلى حَمْلِ لوائِه إلى أقصى الأرض، ولم يكنْ لبنانُ قد وصلَ إلى ما هو عليه اليومَ من انهيار. أينَ سياسيّونا من غسان وجرأتِه وإيمانِه بوطنِه وإخلاصِه له؟ أين الزعماءُ اليومَ من صِدقِ غسان ووطنيتِه وتجرُّدِه وصفاءِ انتمائِه إلى لبنان؟ أين هم وقد تفككتْ دولتُنا، وتحلّلتْ مؤسساتُنا، ودُمِّرَتْ عاصمَتَنا، وسُرِقَتْ مُدَّخَراتُنا، وذُلَّ مواطنونا، وأظلمتْ أيامُنا وليالينا؟ ألا يستحقُ لبنانُ وقفةً شجاعةً وموقفاً جريئاً وقراراً سريعاً بالإنقاذِ، على حسابِ كلِّ المصالحِ والمراكزِ والمُكتَسَباتِ الشخصيةِ والطموحات؟ عودوا واقرأوا ما كتبَه غسان تويني وما فعلَه من أجل لبنان وتذكّروا مواقفَه الجريئةَ علَّ الذِكرى تنفع.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم