الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ما الرسائل التي أوصلها قائد الجيش ولماذا استحضار "17 تشرين"؟

المصدر: "النهار"
قائد الجيش جوزف عون.
قائد الجيش جوزف عون.
A+ A-
في توقيت بالغ الحساسية وجّه قائد الجيش العماد جوزف عون رسائل في مختلف الاتجاهات، وإن كانت تتقاطع عند عدم السماح بفوضى امنية في ظل اجواء داخلية متشنجة بعد دخول البلاد في الشغور الرئاسي. فلمَن تلك الرسائل؟

صحيح انها ليست المرة الاولى التي تؤكد فيها قيادة المؤسسة العسكرية على عدم السماح بأخذ البلاد نحو الفوضى، ولكن اليوم الظروف مختلفة ومعقدة والتربة خصبة لأي فوضى بالاتكاء الصلب الى الازمة غير المسبوقة التي تعصف بلبنان منذ العام 2019 والانهيار شبه التام للكثير من المؤسسات بالترافق مع غضب اجتماعي لا يزال مكبوتاً ولا يحتاج الى الكثير من العناء لترجمته في الشارع ما دامت الاسباب كلها متوافرة.

غداة اعتذار رئيس الحكومة المكلف السابق سعد الحريري في منتصف تموز من العام 2021 انتفض مناصرو الاخير في اكثر من منطقة، ولا سيما في طرابلس، وخلال محاولة الجيش اعادة الهدوء اصيب عدد من عناصره قبل ان ينجح في فرض الاستقرار.

كانت تلك محاولة محدودة للفوضى اجتازها الجيش بأقل الخسائر. أما اليوم وفي ظل الشغور الرئاسي والخلاف المستمر على طريقة ممارسة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي صلاحيات رئيس الجمهورية، تبدو الصورة معقدة في موازاة التحذيرات من فوضى دستورية وسياسية، وهي تحذيرات اطلقها اكثر من مرة قياديون في "التيار الوطني الحر" قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وبعده.

واذا كان خطاب قائد الجيش استعاد مفردات وعبارات تقليدية تشدد على دور الجيش الجامع والحامي للبلاد وعدم السماح بوضعه مع جهة مقابل اخرى في حمأة الصراع السياسي، فإن اعادة التأكيد على تلك المسلّمات في توقيتها تحمل دلالات كثيرة وتقطع الطريق على اعادة توصيف المشهد بذاك الذي ساد بعد العام 2005 بما يتصل بدور الجيش في تلك الفترة.

رسائل في اتجاهات متعددة
قائد الجيش العماد جوزف عون وخلال اجتماع مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة في حضور أعضاء المجلس العسكري، تناول آخر التطورات على الصعيدين المحلي والإقليمي وشؤون المؤسسة العسكرية، وزوّدهم التوجيهات اللازمة في مواجهة التحديات التي يمر بها لبنان.

هذا الاجتماع بتوقيته وما أُعلِن بعده يضعه متابعون في السياق الطبيعي نظراً الى دور المؤسسة العسكرية خلال الازمات، لكن عون اعاد خلاله التحذير من اخذ البلاد الى الفوضى والتأكيد ان الوضع الأمني ممسوك، وحماية لبنان مسؤولية الجيش، وان الاخير لم يقبل سابقًا أي مساس بالأمن والاستقرار ولن يقبل به اليوم. وفي ذلك تأكيد على استمرار الجيش بالقيام بواجباته مهما كانت الظروف وانه ليس طرفاً في الصراع الداخلي.

لكن اللافت ان قائد الجيش عرّج على احداث 17 تشرين الاول 2019 وان كان ذلك في سياق تعداد الاحداث التي شهدها لبنان منذ معركة "فجر الجرود" الى احداث الطيونة وما بينهما جائحة كورونا وانفجار المرفأ.

وقال عون في معرض ثنائه على اداء العسكريين: "(...) أثبتم بأدائكم واحترافكم أنكم على قدر المسؤولية، وأهلٌ للثقة المحلية والدولية، وقد ظهر ذلك من معركة فجر الجرود التي خضتموها وكنتم أبطالها وانتصرتم فيها بفضل تضحياتكم ودماء الشهداء والجرحى، مرورًا بأحداث 17 تشرين الأول 2019، التي أثبتم خلالها أنكم أنقذتم لبنان وحميتموه (...)".

صحيح ان قائد الجيش عدّد بعض المحطات في تاريخ المؤسسة العسكرية منذ توليه القيادة بمباركة الرئيس عون وموافقته، الا ان استحضاره 17 تشرين تضعه اوساط متابعة في معرض الرد على النائب جبران باسيل الذي قال قبل ايام ان الجيش وقف متفرجاً خلال تلك الاحداث. وتجيب اوساط مقربة من قائد الجيش بان الاخير "استعمل القوة عندما كان استتباب الامن يستوجب ذلك، وترك حرية التعبير والتظاهر تأخذ مداها عندما لم تتعارض مع حرية الآخرين، من دون اغفال ان السيطرة لم تكن كاملة احياناً بسبب اتساع رقعة التظاهرات وبسبب صعوبات كانت تواجهها القوى الامنية كافة".

أما الجانب الآخر من رسائل عون فهو موجّه الى من يشيع ان هناك مخططا لأخذ البلاد الى التفلت الامني ما يؤدي الى توتر وبالتالي تُفتح طريق الرئاسة امام قائد الجيش، وخلاصة ذلك ان عون يرفض تلك المعادلة والدليل انه اعاد التأكيد على تشدد الجيش مع أي محاولات لإحداث فوضى في الشارع سواء بسبب الازمة السياسية او الازمة المعيشية.

الى ذلك، يرفض قائد الجيش، بحسب تلك الاوساط، ادخال المؤسسة العسكرية في التجاذبات السياسية حتى وان كان تعيينه جاء برضى وتشجيع من طرف سياسي.

في موازاة ذلك، وللتأكيد على مواصلة الجيش القيام بواجباته كان الاستمرار بمطاردة تجار المخدرات سواء في البقاع او الشمال، عدا عن ضبط الحدود من خلال قنوات التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري، اضافة الى ابقاء الأعين مفتوحة على الخلايا الارهابية وكان آخرها تفكيك احدى الخلايا ضمن الامن الاستباقي الذي اثبتت الاجهزة الامنية نجاحها فيه.




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم