الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

المطلوب مقاربات جديدة مقابل تلك "التعطيلية" والخروج عن الدستور

المصدر: "النهار"
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
باسيل.
باسيل.
A+ A-
لا يختلف عاقلان على أن ثمّة حاجة ضرورية لتغيير مقاربة الأطراف السياسية اللبنانية للاستحقاقات والملفات الساخنة؛ فالفراغ الحاصل، والشلل المستشري، ليسا سوى نتيجة ممارسات مسؤولين غير مسؤولين، تولّوا زمام الأمور وأوصلوا البلاد إلى "جهنّم"؛ وبالتالي، الإقلاع عن المقاربات الفئوية ضرورة يستتبعها استقرار اقتصادي واجتماعي.

بعيداً عن الضبابيّة، وأمام استحقاق رئاسة الجمهورية، ثمة مقاربتان: الأولى ترسم ملامح خفّة وعدم جدّية، يُعبّر عنها الفريق "الممانع"، عبر الاقتراع بورقة بيضاء، أو بأسماء غير جدّية كبدري ضاهر، أو حتى وهميّة كلبنان الجديد، فضلاً عن تطييره نصاب الجلسات؛ والثانية: تتمثّل بجدّية مبدئيّة من قبل بعض أطراف المعارضة التي تدعم مرشّحاً واضحاً من دون أن تقطع الطريق على إمكانية البحث في خيارات أخرى إن كانت تشكّل مخرجاً وطنيّاً لائقاً للأزمة.

والهدف من المماطلة الحاصلة من قبل فريق 8 آذار و"التيار الوطني الحرّ" ليست إلّا تحسين الشروط لحين موعد التسوية. وما اللقاءات المكوكية التي يقوم بها رئيس "التيار" جبران باسيل إلّا لضمان مكتسباته في العهد المقبل، وذلك يظهر جليّاً من خلال قوله إنّ ميرنا الشالوحي ممرّ إلزاميّ إلى بعبدا.
يحق لكلّ فريق تحقيق المكاسب وعقد اتفاقات سياسيّة، وهذا مبدأ مشروع للوصول إلى السّلطة، لكن لا يحقّ لأيّ طرف رهن البلد بانتظار تأمين متطلّباته.
 
نشاط باسيل: تكريس الخروج عن الدستور
انطلاقاً ممّا ذكر، وتعليقاً على نشاط باسيل ولقاءاته الأخيرة، يرى الصحافي رامي الريّس (شغل مناصب قيادية في الحزب التقدمي الاشتراكي) أن "هذه الحركة "الجديدة" تطرح عناوين قديمة ولا تحمل مستجدّاً، لا بل ترسّخ نهج تكريس أعراف خارج الدستور كربط رئاسة الجمهورية برئاسة الحكومة والحصص الوزارية، وبالتالي فإنّ ملامح "تسوية 2016" تلوح في الأفق".

وهنا، لا بدّ من التذكير بالاتفاق الذي عُقد بين ميشال عون وسعد الحريري، والذي قضى بأن يصل الأول إلى رئاسة الجمهورية، وأن يترأس الثاني كلّ حكومات العهد؛ كذلك ينبغي التذكير بعودة التيّار الوطني الحرّ عن وعده، وخوض المعارك ضدّ الحريري ومحاصرته لدفعه إلى النتيجة التي وصل إليها مع انسحابه من الحياة السياسية.

وفي حديث لـ"النهار"، يُشير الريّس إلى أن "هذه الشروط من شأنها اختزال دور مجلس النواب من جهة، وتقييد رئيس الجمهورية المقبل وتعريته من صلاحياته من جهة أخرى"، ويسأل: "من قال إن باقي الكتل النيابية توافق على ما يُفرض؟"، مشدّداً على وجوب الإقلاع عن الشروط المخالفة للدستور.

وفي هذا الإطار، يؤكّد الريّس أهمية الحوار، لأن صيغة الديموقراطية اللبنانية تحتّم التوافق، ولو بالحدّ الأدنى وليس الإجماع، لكنّه يُشير إلى أن "الحوارات ذات الأبعاد الفئوية والمصالح الضيّقة وغير الوطنية لن تكون ذات جدوى، بل المطلوب تقديم المصلحة العامة على الخاصة".
 
من جهته، يرى رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبّور أن "الهدف من تحرّكات باسيل - حزب الله، "الفولكلورية" وغير المنسّقة، هو استمرار تعطيل استحقاق انتخابات الرئاسة؛ والأهمّ، حرف الأنظار عن مسؤوليّتهما المباشرة في ذلك، من خلال تصوير نفسيهما على أنهما يتحرّكان ويقومان بالحوارات، وكأنّهما يريدان للانتخابات أن تحصل".
 
ويُشير في حديث لـ"النهار" إلى أن "مماطلة كلّ طرف تنطلق من حاجتهما لشراء الوقت بانتظار نضوج ظروف محليّة وإقليمية تسمح لهما بتحقيق أهدافهما، وهما سبق لهما أن اعتمدا على عامل الوقت ولعبة تفريغ المؤسسات لتغيير المعادلات، مع ضرورة التذكير بأن هدف باسيل هو عودة "حزب الله" عن دعم سليمان فرنجية وتبنّي ترشيح رئيس "التيار"، فيما هدف الحزب الضغط على باسيل ودفعه للتصويت لفرنجية".
 
ولتغيير هذه المقاربة، يُشدّد جبّور على "احترام المؤسّسات الدستورية، كما مواعيد الاستحقاقات، وبذل الجهود في داخل مجلس النواب أثناء جلسات انتخاب مفتوحة، وعقد الحوارات واللقاءات مع الكتل تحت قبّة البرلمان. وإن كان ثمّة نيّة حقيقيّة لفريق 8 آذار لطرح أسماء توافقية، يُمكن ترجمة ذلك في داخل مجلس النواب من خلال هذه الحوارات".

تشتّت المعارضة يُضعف قوتها
أما على خط المعارضة، فيلفت الريّس إلى أن "خطوتها الجيّدة تمثّلت باتفاق أطراف فيها على دعم مرشّح واحد"، لكنه يرى أن عدم اشتراك نواب التغيير أضعف قوّة الفريق التفاوضيّة، خصوصاً أنه لا بدّ في نهاية المطاف من حصول تفاهم يشمل أوسع مروحة من الأفرقاء.

وفي هذا السياق، يُشدّد على أن وحدة المعارضة تخوّلها تحسين شروطها أثناء المفاوضات التي تسبق التسوية، ويحذّر من انجرار أطراف فيها، خصوصاً المسيحية منها، إلى فخاخ ينصبها فريق 8 آذار والتيار، من خلال الشعارات الفارغة التي يطلقونها كعنوان "الرئيس القويّ"، والتي لاحظنا نتائجها من خلال انتخاب عون في عام 2016.
 
أما جبّور، فيُثني على قدرة المعارضة على التوحّد بالحدّ الأدنى على قرار، وهو دعم ميشال معوّض، ويؤكّد أن "هذا الفريق يجب أن يُحافظ على وحدة قراره حتى إن وصل الأمر به إلى الانتقال من خياره الحالي إلى خيار آخر، ودعم شخصية أخرى غير معوّض تستوفي نفس الشروط السيادية والإصلاحية، على أن يكون هدف الانتقال لمّ شمل عدد أكبر من النواب المعارضين، وجمع 65 صوتاً للضغط أكثر على الفريق المعطّل".
 
 من هنا، يمكن فهم التصوّر الذي تبني عليه قوى المعارضة، أي أن تتجنّب أي حركة سياسيّة منطلقاتها القديمة، لتطلّ بمقترحات جديدة، أقلّها وحدة القرار ووحدة المعارضة، إلى خطوات أكثر عمقاً، فتحقق مخرجات إيجابية لحلّ أزمة الملف الرئاسيّ، ومنه يكون الباب لحلّ باقي الأزمات اللبنانية.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم