الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"معك المرحوم أحمد شعيب"... هل كنّا أمام ميشال سماحة -2-؟

المصدر: "النهار"
رولان خاطر
الشيخ أحمد شعيب الرفاعي.
الشيخ أحمد شعيب الرفاعي.
A+ A-
يوم خُطف الشيخ أحمد شعيب الرفاعي، استعادت الذاكرة اللبنانية عمليّات خطف واغتيال حصلت في التاريخ الحديث بحق بعض رجال الدين السنّة ومرجعياتهم، أمثال رياض الصلح، الشيخ أحمد عساف، المفتي حسن خالد، رفيق الحريري وغيرهم... والتي أنتجت في بعض المحطات صراعاً مفتوحاً على الفتنة والحرب الأهلية.
 
ليس أمراً عابراً استهداف رجال الدين في لبنان إلى أيّ طائفة انتموا. وإن صمتت دار الفتوى اليوم فلا يعني ذلك ضعفاً، وفق ما يعتقد البعض، بقدر ما هو حرص على السلم والسلام في هذا الظرف الحرج أمنياً.
 
استطاع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن يضبط الساحة السنيّة عن القيام بأيّ ردّة فعل غير محسوبة النتائج؛ فهو - أولاً - سحب فتيل الانزلاق إلى الفتنة والفوضى الدموية، التي لا يمكن أن تكون محصورة في بلدة صغيرة في شمال لبنان، بل قد تمتدّ إلى أرجاء البلد بأكمله.
ثانياً، هدّأ النفوس، إذ رفضت دار الفتوى أن تكون مظلّة - ولو بطريقة غير مباشرة - لأيّ عمل أمنيّ يُحضّر في الغرف السوداء لضرب الاستقرار، وهو ما قد يكون باباً لتسويات طاحنة سياسياً.
ثالثاً، أكّدت على أنّ الرهان يبقى أولاً وآخراً على الدولة بكلّ أجهزتها، الأمنية والقضائية، وأن لا بديل للدولة في القيام بمهماتها.
من هنا، على خطورة مقتل الشيخ أحمد شعيب، هناك عامل لا يقلّ أهمية، ويتجلّى بكميّة الأسلحة التي عُثر عليها لدى رئيس البلدية "القاتل" يحيى الرفاعي ونوعيّتها، والتي تخرج عن سياق الأسلحة التقليدية، بالنظر إلى كونها قذائف وعبوات ناسفة، بالإضافة إلى مبلغ مالي قدره 6 ملايين دولار في منزله.
 
قصة الشيخ الرفاعي
حتى الساعة، لم تتوصّل التحقيقات الرسمية إلى السبب الحقيقي الذي دفع رئيس البلدية يحيى الرفاعي وبعض أقربائه وأزلامه إلى الغدر بالشيخ الشاب أحمد شعيب وقتله بحسب المعلومات، وما إذا كان القرار متّخذاً على أعلى المستويات أو هو قرار فرديّ من "القاتل"!
وبحسب معلومات "النهار"، فإن الشيخ الرفاعي الشاب كان ينتظر هذه اللحظة، لحظة قتله. وتشير ترتيباته المتعلّقة بأموره المنزلية على انعدام يقينه ببقائه حيّاً، وعندما كان يتّصل بأحد أصدقائه المقرّبين، كان يبادره بالقول: "معك المرحوم أحمد شعيب". كان يلمس حجم الخطر الذي يُحيط به، وهو كشف أكثر من مرّة لصديقه أنّهم سيقتلونه.
 
الكثيرون في بلدة القرقف تأذّوا من ممارسات القاتل يحيى الرفاعي، الذي حوّل مشاعات بلدته إلى أملاك خاصّة، وتجاهر بأعماله المشبوهة من تهريب للمخدرات إلى علاقاته بقوى حزبيّة غير شرعية، من دون أن ننسى "الزعرنات" التي يقوم بها وأزلامه؛ وكلّ ذلك، بغضّ نظر من كلّ مخافر وضبّاط المنطقة.
 
مقتنيات غير شرعية
بعضُ مَن في القرية يصف ما فعله يحيى بـ"الوحشية" التي لا تمتّ لدين وأخلاق، ويرون أن دماء الشيخ أحمد الرفاعي حمت البلدة والمنطقة من كارثة وطنية، وكشفت وكراً فتنوياً قد يحمل عاصفة دمويّة إلى لبنان كلّه.
 
وبحسب المعلومات، فإنّ الأسلحة التي وُجدت لدى القاتل ليست فردية ولا أسلحة تقليدية، بل عبوات ناسفة، تذكّر بما حمله ميشال سماحة معه من سنوات، وتطرح عدّة أسئلة:
أولاً: هل كان هناك عمل أمنيّ كبير يُحضّر لتفجير منطقة الشمال انطلاقاً من عكار، لكونها خاصرةً رخوةً أمنياً، وتقع جغرافياً محاذية للحدود مع سوريا؟
ثانياً: مَن هم شركاء يحيى الرفاعي في هذه الثكنة العسكرية التي تمّت مصادرتها؟ مَن مدّه بالسلاح؟ ولأيّ سبب؟ وكيف أُدخلت الأسلحة تحت أعين الدولة؟
ثالثاً: هل هذه الأسلحة فعلاً ليحيى الرفاعي أم هي لسواه؟
رابعاً: مَن أعطى يحيى الرفاعي مبلغ 6 ملايين دولار؟
 
دور الدولة
هذه أسئلة برسم الدولة والأجهزة الأمنية اللبنانية، والمطلوب أن تكشف للرأي العام حقيقة يحيى الرفاعي وهُويّته، وما الذي كان يُحضّر في تلك المنطقة، خصوصاً أنّ دوافع الجريمة ليست عائليّة؛ فالخلاف لم يكن على أرض أو ممتلكات، بل على نهج يحيى الرفاعيّ وفساده، الذي وثّقه الشيخ أحمد شعيب لدى الأجهزة الأمنية الشرعيّة ولدى القضاء ولدى المواطنين في البلدة؛ وهو شكّل عبئاً على يحيى الرفاعي، الذي على ما يبدو - بحسب مطلّعين - يستقوي بعلاقاته المتينة مع "حزب الله" لفرض أمر واقع ميليشياويّ في البلدة والشمال. ووفق ما يقول مواطنون من القرقف، فهو حوّل منزله إلى ثكنة عسكريّة تحرسها مجموعة من الميليشيا والزعران.
من هنا، مسؤولية الأجهزة الأمنية كشف الحقيقة وعدم حرف مسار التحقيق لتجنّب الأسوأ غداً.
 
الأيوبي: هُويتان متخاصمتان...
الباحث في العلوم الإسلامية أحمد الأيوبي، أوضح بأن الشيخ أحمد شعيب الرفاعي كان شخصاً معارضاً بقوة لـ"حزب الله" بينما يحيى الرفاعي هو أحد أركان "الحزب" في عكار. ينتمي الأخير إلى سرايا المقاومة، ويمتلك كميّات هائلة من السلاح غير التقليدي مرخّصة، كمضادّ الدروع، والعبوات الناسفة، والمتفجّرات، إضافة إلى الهيرويين. وبالتالي، نحن نتحدّث على منظومة تهرّب المخدرات، وتمتلك مخازن أسلحة ضخمة، وتتاجر بمشاعات البلدة. هذا إلى جانب مشاركة رئيسها في احتفالات "الحزب" كذكرى عماد مغنية، ولقاءات اجتماعيّة أخرى.
 
ويُشير الأيوبي إلى أنّ الخلاف بالأصل بدأ مع الشيخ أحمد شعيب الرفاعي على قضية استغلال المال العام، واستيلاء رئيس البلدية على المشاعات بطرق غير شرعيّة، وصولاً إلى ميزانية البلديّة والصرف والخدمات والفساد. بعد ذلك، تحوّل الخلاف إلى ممارسات عنيفة ولجوء إلى القوة المسلحة، التي كان يستخدمها يحيى الرفاعي مراراً ضدّ الشيخ أحمد الرفاعي وعائلته.
 
لا يجزم الأيوبي بوجود قرار قيادي لدى "حزب الله" بتصفية الشيخ الرفاعي، بل يرى أن يحيى الرفاعي قد يكون استغلّ علاقته بالحزب لارتكاب جريمته. ويُضيف: "يوم كان أحمد الحريري وتيار المستقبل أقوياء في السياسة، كان يحيى الرفاعي يدهم اليمنى في الانتخابات وفي "التشبيح"، وعندما سقط تيار المستقبل سياسيّاً انتقل يحيى الرفاعي إلى سرايا المقاومة و"حزب الله"".
 
ويقول: "هناك هُويتان سياسيّتان للمتخاصمين، وهما يتصارعان في القرقف صراعاً مبدئيّاً وأخلاقيّاً وسياسيّاً. من هنا، لا يُمكن شطب أيّ جانب من جوانب القضية لا الأخلاقي ولا السياسي. وعندما يدعم "حزب الله" هذه النوعية من الناس فهو يدعم منطق الخروج عن القانون".
 
الأيوبي دعا القوى الأمنية والأجهزة للتحقيق في قضية العثور على الأسلحة بحوزة رئيس البلدية بطريقة منفصلة عن قضية الاغتيال، لأنّنا قد نكون أمام ميشال سماحة 2. ويؤكّد أن فائض القوة الذي استخدمه يحيى الرفاعي كلّ هذه السنوات مسؤولية كلّ مَن دعمه في مرحلة "تيار المستقبل" إلى مرحلة "حزب الله" اليوم.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم