تأجيل الاستخراج من كاريش لن يغيّر مخططات ومهلة "حزب الله"... وحالة واحدة تخفف التوتر

لا يزال الغموض يكتنف موضوع ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل وسط كمّ هائل من التسريبات الصحافيّة، وصل بعضها إلى حدّ التناقض في المعلومات بين شبه إنجاز الاتفاق، وتعثّره، وبدء الاستعدادات للمواجهة.
 
ما هو ثابت حتى اللحظة هو أن إسرائيل قد أجّلت أمر الاستخراج من "كاريش" حتى شهر تشرين الأول. وبغضّ النّظر عن الأسباب التي أعلنتها ومدى مصداقيّتها، فإنّها تؤدّي إلى نتيجة واحدة هي محاولة إطالة عمر التفاوض حتى أوّل الشّهر المقبل، في حين أن قرار الاستخراج يندرج ضمن إطار المواجهة.
 
حفلت الصحافة الإسرائيلية خلال هذا الأسبوع بعدد كبير من التسريبات، كان أبرزها ما ذكرته القناة 12 الإسرائيلية عن حلّ يقضي بإنشاء منصّتَي تنقيب عن الغاز، إحداهما في لبنان، والأخرى في إسرائيل، على أن يكون جزء من منصّة الغاز اللبنانية موجوداً في داخل المساحة التي تعتبرها إسرائيل ضمن منطقة نفوذها الاقتصادي البحريّة، مقابل تعويض إسرائيل اقتصادياً.
 
ووفق القناة، سيتمّ نصب المنصّتين على بُعدٍ لا يتجاوز الخمسة كيلومترات، لتشكيل توازن رعب، وللحؤول دون إمكانية مهاجمة المنصّة الإسرائيليّة.
 
لكنّ مصادر لبنانيّة معنيّة بملف الترسيم نفت أن يكون عُرض عليها سيناريو أو حلّ ينسجم مع التسريب، مشدّدة على أن لبنان لا يزال عند موقفه من عدم التقاسم أو المبادلة المادية أو الاقتصاديّة مع إسرائيل، لأنّ هذا الأمر يُعدّ تطبيعاً، ويتجاوز بُعده الاقتصاديّ إلى السياسيّ.
وشدّدت المصادر على أنّ المبعوث الأميركي على تواصل مع نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب المكلّف من رئاسة الجمهورية بإدارة الملف، ومع رئيس الحكومة، إلاّ أنّه لم يعطِ إجابة واضحة، أو عرضاً إسرائيليّاً واضحاً للحلّ؛ والأمر لا يزال في سياق الأخذ والرّد.
 
وأكّدت المصادرُ المعلومات التي تحدّثت عن لقاء آموس هوكشتاين مع رئيس مجلس إدارة شركة توتال في العاصمة الفرنسية باريس للتباحث في التزامات الشركة في لبنان، لا سيّما في المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، وإمكانية عمل الشركة في البلوكات ضمن المساحات اللبنانية الخالصة. وأشارت المصادر أيضاً إلى أن اللقاء لم يكن الأوّل،  بل سبق لـتوتال أن قدّمت مساعدة تقنية سابقاً لهوكشتاين على مستوى البلوكات النفطيّة.
 
وبحسب المعلومات، لم يحصل هوكشتاين على موافقة توتال لبدء التنقيب في بلوكات لبنانية قبل الاتفاق على الترسيم، وهذا ما كانت الشركة أبلغته إلى الجانب اللبنانيّ، وهي مصرّة عليه.
 
وفي السياق، كشف مقرّبون من "حزب الله" لـ"النهار" عن أن ما تتمّ إشاعته من أجواء، حول تأجيل الاستخراج من كاريش، سيؤدّي إلى تأخير ساعة الصّفر التي وضعها الحزب لبدء المواجهة، غير دقيق على الإطلاق؛ فالحزب واضح جداً في معادلته، وهي بكلّ بساطة توقيف الاستخراج في جميع الحقول الإسرائيليّة مقابل تمديد المهلة، أمّا التوقف في كاريش فقط فلن يغيّر شيئاً لأن الامر لا يعدو كونه تسويفاً وتضييعاً للوقت.
 
في المقابل، يبدو الحزب منفتحاً على بعض الطروحات التي يتمّ التحدّث بها، كطرح التوقّف الإسرائيلي عن الاستخراج في حقل قانا مقابل السماح للشركات الأجنبية، ومنها توتال، ببدء التنقيب في لبنان؛ وهذا مطروح بالفعل، ويمكن أن يؤجّل التوتر أو التحرّك العسكريّ لمدّة، وكلّ ما دون ذلك من انتخابات وغير انتخابات ومشاكل داخليّة لا تعني له شيئاً.
 
وفي الاطار نفسه، كان لافتاً ما نقله موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤول في البيت الأبيض من أنّ الوسيط الأميركي في قضية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرئيل، وإن لم يقم بزيارة لبنان و"إسرائيل" في الأسابيع الماضية، فإنّه يستمرّ في جهوده الحثيثة للوصول إلى اتفاق في النقاشات حول ترسيم الحدود البحرية.
 
وأضاف: "إنّنا مستمرّون في تضييق الثغرات بين كلّ الأفرقاء، ونعتقد بأن تسوية مستدامة مُمكنة، ونرحّب بالروح الاستشاريّة لدى الطّرفين للتوصّل إلى حلّ".
 
وتابع: "الديبلوماسية المكوكيّة هي ببساطة إحدى عناصر العمل الصّارم التي ينتهجها الفريق الأميركي لمعالجة هذا النزاع، وهوكشتاين يتواصل بشكل يوميّ مع المسؤولين الإسرائيليين واللبنانيين، بمن فيهم نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب".
 
ولفت المسؤول إلى أنّ حلّ النزاع حول الحدود البحرية يُشكّل أولوية لإدارة الرئيس بايدن، مؤكّداً أنّهم يؤمنون إيماناً راسخاً بأن الاتفاق سيوفّر استقراراً مستداماً وازدهاراً اقتصادياً للبلدين.
 
وأضاف: "السفيرة الأميركية في لبنان على تواصل مع رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة ومستشاريهما". وأعلن المسؤول في البيت الأبيض أنّ "هوكشتاين سيزور لبنان وإسرائيل الأسبوع المقبل".