الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

القيادات المُلهَمَة

المصدر: النهار
رشيد درباس
رشيد درباس
Bookmark
القيادات المُلهَمَة
القيادات المُلهَمَة
A+ A-
الرائد لا يَكْذِبُ أهْلَهحديث شريف يستسهل الإعلام السلطوي في دول التخلف والاستبداد إلصاق "تهمة المـُلْهم" بكل من تُبَوِّؤه الظروف التعسة سُدَّة قيادية. وبمرور الزمن الـمـُكْسبِ، يصبح اللقب جزءًا  باهتاً من اسم العائلة قابلًا للتوريث، حتى ولو انقطعت صلة الحقيقة بالمعنى، وثبتَ بالوجه الشرعي نفور الصفة من الموصوف. ومن النافل القولُ إنَّ على كلِّ قائد أن يتمتع ببصيرة مكتسبة من البنية الفكرية والثقافية والتجربة الغنية والاتزان النفسي، لأن الحكم في حد ذاته مبنيٌّ على الاستشراف (gouverner c’est prévoir). لكنَّ القيادة ليست تماديًا عشوائيًّا في الجبهات، بل هي شجاعة تَحَمُّلِ المسؤولية وقبول المحاسبة؛ فتشرشل لم يكن ملهَمًا، بل محنكًا ومثقفًا وفنانًا، أخذ على عاتقه وقف النزعة الاستسلامية، وقرر مقاومة النازية، في ظل ميزان قوى مختل؛ وعلى الرغم من ذلك، لما انتصرت بريطانيا في الحرب، أقصاه الناخبون عن الحكم لأنهم كانوا يريدون الخروج من اقتصاد الحرب المتقشف إلى اقتصاد السلم الرحراح. وليس الإلهام قطعًا ما دفع الجنرال ديغول إلى رفض الاستسلام، بل الإيمان بقدرة الشعب الفرنسي على تجاوز الهزيمة، والثقة بالإرادة التي تستطيع أن تُكَتِّلَ أسباب الصمود، واليقينُ باستجابة المقاومة الشعبية التي جعلت الوجود النازي فائق التكاليف. أسَّسَ الجمهورية الخامسة، فلما خذله الاستفتاء اندفع إلى الاستقالة فالانزواء، كأي إنسانٍ عادي. أما عندنا فحكامنا الملهمون صالحون لكل عصر وأوان، وموقعٍ ومكان، مهما أنزلوا بنا من دَعَةٍ أو هوان.    وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن الرئيس سعد الحريري، ومن جاراه في خيار التسوية لم يكونوا إطلاقًا من أهل الكشف وشخوص الوحي، ذلكم أن الوحي ينزل على الرُّسُلَ صافيًا رقْراقًا، وقد انقضى عصر الرسل؛ ويشاغل أَخْيلَةَ الفنانين،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم