الـراعي

 أما أنا، فإني الراعي الصالح،أعرف خاصتي، وخاصتي تعرفنيالسيد المسيحإنجيل يوحنا 10: 15 بعكس مَن تدفعه الرغبة المتعسفة إلى تناسي أحداث السنة التي انطوَتْ بمآسيها الوبائية والاقتصادية والسياسية والأمنية، أجدني متمسكاً باستذكار أحداثها، مستبشراً بالوعي الشعبي الذي انكشفت أمامه ركاكة اللعبة السياسية الداخلية، وفظاظة اللعبة الخارجية، وَمُعَوِّلًا على السلوك المبادر والإرادة الصارمة والاستشراف الفطن لغبطة البطريرك الراعي، وعلى تواصل مواقفه التي انطلقت من صلابة السَّلف ومن عمق العام الماضي متمادية في السنة الحالية، مسيرةً ثابتة الجنان، فيها من الشجاعة ما فيها من الواقعية، ومن الحسّ الوطني ما يتخطى مصالح الطائفة والنزوعَ العقيم باتجاه الحلول الفئوية أو الجغرافية، إلى حل وطني لبناني ينأى عن الاشتباك الإقليمي والدولي ويحافظ على روابط الصداقة والأخوة، وعلى الموقف الثابت تجاه الحق الفلسطيني وعودة اللاجئين إلى أرضهم. اللافت في كلام غبطته أنه تبرأ من التورية والمجاز فجاء كوقع الأسْودِ على الأبيض، قطعيّ الدلالة، جليّ الأهداف، لكنه ترك لنا أن نستنبط من بين السطور مدى ازدرائه بالأداء السياسي وأهله، وأن نستخلص من جهامة القسمات وتقطيب الجبين، وحِدَّة النبرة، أن الكيل طفح بالوطن وبالرعية، فانبرى كما ينبري الراعي الصالح، ليهشّ الذئاب عن القطيع، ويرفع عصاه كغصن أصيل من أرز الرب، ليس باسم الكرسي البطريركي فحسب، ولا حتى دفاعاً عن الموارنة المؤتمن على إيمانهم (فصحّة المسيحيين من صحة دولة لبنان كما يقول سجعان قزي)، بل دفاعًا عن فكرة الدولة اللبنانية ومعناها الحضاري، وعملًا بقول السيد المسيح "ولي خراف أُخَرٌ ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بها أيضًا".  أذكر أن الاستاذ حسن الرفاعي أعلن في أول خطاب له بعد انتخابه نائبًا: "أن الديموقراطية أعلى من السياسيين اللبنانيين". وعندما أصبح وزيراً للتصميم العام قال: "أتمنى أن يرتفع مستوى الوزراء إلى مستوى أدنى فلاح في اليمونة لأن الفلاح ذاك، يحترم القانون ويطيع أوامر السلطة، وليس له أي نفوذ يستغله من أجل منفعة شخصية...