اشترِك في نشرتنا الإخبارية
نمرُّ على دور روزي الخولي بشخصية إيفون، برغم تكرُّر مَشاهدها. إنّما التمهّل أمامها مُستحقّ، لعفوية الشخصية ووهجها. هي سيدة الملهى الليليّ في مسلسل "للموت" (كتابة نادين جابر، إخراج فيليب أسمر، "أم تي في")، تديره بوجه حربائيّ ولسان معسول، لكنّه مغطّس بالسّمّ. شخصية "صالونية"، متيّمة بالبرستيج وحبّ المال. تدوس على الجميع من أجل نفسها، لا تكترث لكرامات أو مشاعر. ولا تقف أخلاق في وجهها. تتقن الشخصية وإن قلَّ عدد مَشاهدها، فالقليل هنا ينفلش ويؤثّر، فيتمدّد أضعاف حجمه ويترك الوَقْع واللهفة.
الدور ليس بطوله وعرضه، هو هنا باتقانه. بوجه يضحك لمَن يشاء، ويعبس لمَن يشاء، تدير إيفون أيامها. حجم الضحكات بحجم جيب الزبون، إن انتفخت، أظهرت أضراسها. امرأة من الليل المُحمَّل بأصناف البشر وأمزجتهم، تُؤهِّل وتُسهِّل، مع السيجارة الحاضرة كشاهد دائم على مجونها. تؤدّي دورها كقوّادة بشطارة. وهذا النوع من الشخصيات يشترط براعة وعيناً تتغلّب على الخجل. روزي الخولي بارعة، تترأس الليل وهواه، ونجومه وقمره. ويشترط جرأة، فالممثلة هنا زعيمة شبكة دعارة، تتاجر بالنساء لكسب المال. لم تُخطئ في قبوله، فقد بيَّنها وأكّد قماشتها الدرامية. في الشكل، تمنح الدور متطلّباته، من شعر منكوش، ومكياج لافت، وسيجارة لا تفارقها؛ وفي الجوهر لها نبرتها ونظرتها وتقلّباتها بحسب المواقف. فالزبون هو ريموت كونترول حياتها، بكبسة زرّ يُفرحها وبكسة أخرى يعكّر مزاجها. "شو بتدفع"، دائماً على لسانها، لا مسايرة حين يتعلّق الأمر بالمال. كالذئبة، تطارد الفريسة. تصافحها ثم تلتهمها.
معها رنين مطر بدور فيفي، ممثلة شاطرة في شخصية فتاة الليل. العلاقة بين إيفون و"بناتها" تُظهر الجانب اللاإنسانيّ في التعامل مع البشر المرميين تحت رحمة إيفون وأمثالها. لا تعنيها كراماتهم ولا تهزّها أوجاعهم. امرأة ميتة، تحمل روحاً باردة، وأعماقاً على شكل طحالب. لا تعيش اللآلئ في داخلها، ولا مكان هناك للصفاء. عتمة مدهونة بالبريق، تماماً كملابسها.
شخصية تُضاف إلى الرصيد، قوّتها أنّها تتعدّى نفسها، ولا تكتفي بكونها محدودة. روزي الخولي تملأها كلّما أوشكت أن تبدو فارغة. تحافظ عليها كشيء يعنيها، وتغذّيها بخبرتها. الأدوار ليست دائماً مساحات. هي فرادة.
Twitter: @abdallah_fatima
