الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

تايوان في كليرمون فيران: ليلة دموية وولائم يومية

المصدر: "النهار"
هوفيك حبشيان
ملصق الاستعادة التايوانية في كليرمون.
ملصق الاستعادة التايوانية في كليرمون.
A+ A-

هذا العام، كانت تايوان ضيف شرف مهرجان كليرمون فيران السينمائي (27 كانون الثاني - 4 شباط). اعتاد المهرجان الفرنسي المتخصص بالفيلم القصير الاحتفاء ببلد في كلّ دورة من دوراته محاولاً وضعه على خريطة الفيلم القصير. في الدورة الماضية، حلّ دور هذه الجزيرة التي تقع في جنوب شرق آسيا. احتفاء كهذا يسلّط الضوء على الإنتاج السينمائي التايواني الذي لا يعرفه كثر، رغم أهميته. 28 فيلماً تايوانياً عُرضت في هذا الاطار ضمن 4 برامج. يقول المهرجان في كلمة تعريفية منشورة داخل الكاتالوغ: "تذكّروا: من هناك (تايوان) هبّت في نهاية الثمانينات رياح منعشة سُميت الموجة التايوانية الجديدة وشكّلت قطيعة مع السينما الدعائية والرومانسيات والحنين إلى صين ضائعة". 

 

بهذه الكلمات، مهّد المهرجان لهذه الاستعادة التي جاءت في عنوان "يي يي، تايوان تحت الضوء!"، مع العلم ان "يي يي" هو عنوان أحد أشهر أفلام المخرج التايواني الراحل إدوارد يانغ (1947- 2007) الذي اضطلع مع هو سياو سيين وأنغ لي وتساي مينغ ليانغ بدور بارز في ولادة سينما المؤلف التايوانية، وكانت لهؤلاء مساهمات في تعريفها خارج حدود البلاد، وتحديداً في الغرب، حيث نالت أفلامهم ثناءً وتقديراً ليس فقط من الفضوليين فحسب، بل من الجمهور العريض الذي اكتشف فجأةً سينما مغايرة، حسّاسة، تخاطبهم بلغة جديدة، خصوصاً ان هؤلاء السينمائيين جاؤوا بصيغ جمالية جديدة وحملت نصوصهم تساؤلات في شأن الهوية التايوانية. وعلى الرغم من كلّ العوائق الرقابية، شهدت السينما في تايوان تطوراً كبيراً عبر السنوات، وأنشأت قنوات تواصل مع الجمهور العريض، من خلال خطاب سياسي واجتماعي وجمالي جريء ومخالف للسائد

 

"الجسر لم يعد هنا” لتساي مينغ ليانغ.

 

الأفلام المعروضة في كليرمون في هذا الاطار يعود تاريخ إنجازها إلى العقدين الأخيرين (أبعدها زمنياً من عام 2002)، مع عدد كبير من الأفلام التي أُنجزت في السنوات الأخيرة. من خلال وضعها جنباً إلى جنب، يسهل فهم الكيفية التي تتشكّل عبرها الهوية التايوانية المتنوعة التي هي في طور التطور الدائم مع تأثيرات من ثقافات أخرى. وعبّرت ادارة المهرجان عن أملها في ان يُكشَف الجانب الطليعي لتايوان كبلد تقدمّي في منطقة آسيا، سواء على صعيد حقوق الإنسان أو على المستوى الفنّي المحض.   

 

“تنفس" لوي دينغ هو.

 

بعض هذه الأفلام يعود الفضل في عرضها إلى أعمال الترميم التي تولتها مؤسسة أرشيف كاوسيونغ للفيلم، ومنها "الجسر لم يعد هنا"(2002) لتساي مينغ ليانغ الذي اكتشفته مخرجاً لأفلام طويلة في مطلع القرن مع "طعم البطيخ"(2005). في محطّة قطار تاباي، يتعقّب شيانغ شيي امرأة تحاول عبور الشارع بالرغم من حركة المرور القوية. لكن، عندما يطلب منهما الشرطي إبراز أوراقهما الثبوتية، ترفض السيدة ذلك، متحجّجة بأن الرصيف الذي كانت تسلكه سابقاً قد اختفى. عمل آخر يُعدّ من أهم ما حملته هذه الاستعادة: "تنفس"(2005) لوي دينغ هو، فيلم من النوع التجريبي تحدث فصوله في عالم متخيل حيث الهواء لوّثه فيروس قاتل. نتيجة ذلك، فُرض على الجميع ارتداء كمّامات. الا ان ثمة فتاة ترغب في قضاء آخر يوم مع حبيبها. فيلم آخر، دائماً في إطار التجريبي، لكن بلغة وثائقية: "العام الماضي عندما عبر القطار"(2018) لبانغ شوان هوانغ، يروي تجربته في ركوب القطار اذ كان يسأل دائماً ماذا يحدث في البيوت التي يعبر أمامها ويشاهدها من خلال الشبابيك.  

 

ملصق الماستركلاس الذي قدّمه ميدي ز في كليرمون.

 

للمخرج التايواني الشاب ميدي ز (هذا اسمه)، شاهدنا "القصر على البحر" الذي يروي قصّة شبح امرأة تعذّبها ذكرياتها ويحوم على مركب يرسو في الميناء. حبيبها السابق وهو راهب بوذي يعيش حياةً ثانية، يقودها إلى العالم الآخر. مخرج الفيلم، ميدي ز، أعطى في هذه المناسبة درساً سينمائياً (ماستركلاس) تحدّث فيه عن تجربته. الا ان المهرجان لم يكتفِ بهذا القدر، بل قدّم أيضاً بالاضافة إلى الأفلام الـ28 الأساسية، مجموعة أعمال في حصص مختلفة: - أفلام طلبة أنجزوا أعمالهم في إطار جامعة تاباي للفنون الجميلة. - مجموعة من الوثائقيات التجريبية من الستينات رممت خصيصاً لهذه المناسبة. - تجهيزات صوتية تحملنا إلى تايوان وأجوائها. أما ضربة المعلّم، فكانت فكرة إقامة برنامج "ليلة دموية" الذي تضمّن أفلام رعب تلفّها الدماء. هذا كله رافقته ولائم يومية تحتفي بالمطبخ التايواني!

 

أحد الأفلام المعروضة في “ليلة دموية”. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم