لِمَ إنصاف رامي عياش؟

لم يخذل رامي عياش الناس بإطلالته ضيفاً في بدايات "2020". احترم الدور والشخصية وأطلّ في حلقتين مؤثّرتين. أولاً بدور الخال الطيّب، عَوَض الأب لابنة شقيقته، والأخ السند لها حين تهتزّ الحياة؛ وثانياً، بدور رجل الأمن حيث العطاء حتى الشهادة. لم تُفلِت منه مَشاهده، وظلّ على مسافة من الافتعال. صحّح شكل صورة الممثل حين أفلتَ منه سابقاً بعضَ الأدوار. ونال استحساناً.
 
 
لم يكن عياش ممثلاً بارعاً، فلم يقنع في كلّ مَشاهده، ووقع في المبالغات. غاب وأطلّ، فأكّد أنّ المرء حين يجتهد، يخطو خطوة واثقة نحو الأهداف. شخصية جبران عقل حرّكت المسلسل (كتابة نادين جابر وبلال شحادات، إخراج فيليب أسمر، "أم بي سي دراما" و"أم تي في")، فكانت محورَ ارتكاز لدورة الأحداث. أمسكها عياش من جوانبها: هو الأخ وزميل المهنة في حياة البطلة النقيب. شكّل مع نادين نجيم رسالةً أكبر من مشهد. هو الظهر أمام الطعنات، والتحمُّل أمام السكاكين. في جانبه الإنسانيّ، حضن طفلتها بحرارة الآباء. وفي جانبه الوطنيّ، وضع دمه على كفّه، كأقدار الشهداء. وبين الجانبين، أدّى بانسياب، خصوصاً في مَشاهد عامل الكهرباء وحواراته مع صافي الديب (قصي خولي). صدّقنا أنّه في مَهمّة. وانتظرنا الغنيمة. فكان الدم على الأرض. والروح في السماء. والفجيعة.
 
 
تلقّي النقيب سما خبر استشهاد أخيها، مُدوزَناً، بديعاً. فقط بالنظرات، قبل الصرخة والهروب نحو المطر. باستدراكها المأساة من دون كلمات وإمساكها الموقف برغم انهيار كلّ شيء. ملأ عياش المشهد، بحضوره وغيابه. فالنعش هو أيضاً تحية. والعزف الأخير وموسيقى الجنازات. وكان ملأه بالمواجهة والسقوط، فالارتقاء البطوليّ. لم يُسلّم الشخصية للزلّات. غادر وفياً للرسالة، رافعاً التحية للعظماء.
 
 
تُكرّمه شركة "الصبّاح أخوان" بهذا المرور، فيُبادلها التكريم بإحساسٍ بالمسؤولية. عياش حريص على صورته، يتعلّم من أخطاء الماضي، ويحاول تفادي الانتقادات. تجاربه التمثيلية متفاوتة، بدأ بشيء، وفي شخصية جبران عقل، أثبت شيئاً أهمّ: الاصرار على الاجتهاد. لم يُزعج الناس، ولم يتطفّل على المسلسل. انتهاء الدور هو بداية جديدة بالنضج والتأنّي والانتقائية. السوشيل ميديا بلا رحمة. مرّة انتقدته، واليوم تُصفّق له. الأمانة والضمير يقتضيان الإنصاف.
 
fatima.abdallah@annahar.com.lb
Twitter: @abdallah_fatima