الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

فئات الدم في المجتمع اللبناني في مواجهة كورونا... دراسة تكشف مدى صحة هذه النظرية علميّاً

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
دراسة هي الأولى من  نوعها في لبنان والمنطقة
دراسة هي الأولى من نوعها في لبنان والمنطقة
A+ A-

ما لا شك فيه أن جائحة #كورونا حالة وبائية تتسم بغموضها وحقائقها معاً، كما استخلاص العبر يوماً بعد يوم. فرضيات ونظريات كثيرة رافقت هذا الفيروس، وظهر إلى الواجهة تأثير فئة الدم في زيادة خطر الإصابة والمضاعفات الناتجة عن الفيروس. وبالرغم من الدراسات المتناقضة حول هذا الموضوع إلا أن ما كشفته الدراسة اللبنانية التي تناولت عينة من مرضى كورونا في لبنان توافقت مع دراسات أخرى شككت في وجود رابط بين فئة الدم وحدّية الفيروس ومضاعفاته. هذه الدراسة التي تعتبر الأولى من نوعها في لبنان والمنطقة ستكون بداية لدراسات أخرى أكثر عمقاً في محاولة لفهم هذا الفيروس وتداعياته على البعض بطريقة شرسة وغريبة.
أمام هذه المعطيات ووجهات النظر المختلفة، يجد القارئ نفسه حائراً، هل عليه أن يصدق هذه النظرية ويُسلّم بها أم يسقطها ويلتزام بالمعايير الوقائية التي أثبتت فعاليتها وقدرتها على الحماية؟

تكشف الدكتورة في العلوم الطبيّة الحيويّة والعلوم الوراثية الجزئيّة، آثار خليل، في حديثها لـ"النهار"، أن "الدراسة التي أجريت في مستشفى الحريري في حزيران التي شارك فيها كل من الأطباء محمود حسون، آثار خليل وريتا فعالي، شملت 146 مريضاً شُخصوا بإصابتهم بفيروس #كورونا. نُشرت هذه الدراسة في مجلة عالمية frontiers in medicine Hematology والتي تؤكد مدى أهمية هذا البحث علمياً وطبياً.

وفي العودة إلى هذه الدراسة، توزّع المرضى بين الرجال (66%) والنساء (34%) وبلغ معدل الأعمار بين كل المرضى 42 عاماً، وتمّ تقسيم المرضى حسب حالاتهم (خفيفة- متوسطة وشديدة) وفئتهم العمرية.

الهدف من الدراسة، وفق خليل، التأكد من مدى صحة تأثير فئة الدم على زيادة مخاطر الإصابة بالفيروس ومضاعفاته. "ما كان يهمنا معرفة هل إن فئة دم معينة معرضة أكثر من غيرها لخطر الإصابة والمضاعفات مقارنة بفصائل دم أخرى.

إلا أن ما توصلنا إليه جدير بالتوقف عنده، وسنتحدث عنه في هذه النقاط:

* الفئات العمرية ومستوى الإصابة:
- النسبة الأكبر من الحالات الخفيفة أو البسيطة هم لمن دون الـ40 عاماً.
- النسبة الأكبر من الحالات المتوسطة هم لمن تراوح أعمارهم بين 41 و59 عاماً.
- النسبة الأكبر من الحالات الشديدة لمن هم فوق الـ60 عاماً.
وكما أظهرت مختلف الدراسات، يلعب العمر دوراً في تحديد حدّية الإصابة ومخاطر زيادة المضاعفات بشكل عام مع تسجيل بعض الاستثناءات في بعض الحالات بالرغم من صغر سنّهم.

* فئات الدم والمرضى
بالإستناد إلى المرضى الذين شملتهم الدراسة تبيّن أن هناك 40.4% من فئة A و17.1% B و35.6% O و6.9% AB. وبالتالي هذه الفئات ونسبة إصابتها كان متشابهاً إلى حد ما ولم نلحظ وجود فارق أو دليل صادم على إصابة فئة أكثر من غيرها بين المرضى. لذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار توزع فئات الدم في المجتمع اللبناني نجدها قريبة في توزعها على مرضى كورونا".
وبناء على هذه النتائج، تشدد خليل على أنّ "لا صحة لتعرض شخص أكثر من غيره للإصابة بالفيروس حتى اليوم نسبة لفئة دمه. وفي مقاربة الدراسة مع دراسات أخرى مثل أميركا وفرنسا وإسبانيا وجامعات عدة، تشابهت النتائج حول عدم وجود علاقة بين فصيلة الدم وحدوث المضاعفات نتيجة الإصابة بالفيروس. ومع ذلك، لم تتوصل أي دراسة علمية حتى الساعة إلى جزم مسألة تعرض فئة دم أكثر من غيرها لمضاعفات كورونا وتدهور حالتها الصحية.
كذلك بحثنا في مدى تأثير فصيلة الدم على زيادة أعراض الفيروس والحالة الصحية للمريض، وتوصلنا إلى أن لا علاقة لفئة الدم بهذه المضاعفات".
 

 
وفي الخلاصة، تؤكد خليل أنّه "بعد التقارير العالمية وبالاستناد إلى التجارب السريرية التي ارتكزت عليها الدراسة في لبنان والبيانات السريرية المتاحة حتى الآن، لا يمكن لأحد أن يعتبر نفسه أقل أو أكثر عرضة للإصابة بعدوى فيروس كورونا أو حتى تفاقم حالته المرضية بناءً على فصيلة دمه. وبالرغم من التباين والاختلاف في هذا الموضوع إلا أنه لغاية اليوم لا دليل علمياً على صحة هذه النظرية، وتبقى قاعدة الحماية الوحيدة ارتداء الكمامة للوقاية من الفيروس.

في المقابل، يوضح رئيس قسم العناية الفائقة والاختصاصي في الجهاز التنفسي في مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور محمود
حسون لـ"النهار": "سمعنا في بداية الجائحة نظريات وفرضيات كثيرة ومنها أن فئة الدم تؤثر في زيادة مخاطر الإصابة وحدوث مضاعفات أكثر تعقيداً وحدّة عند بعض الفئات مقارنة بغيرها. وبالرغم من صدور بعض الدراسات في الدول الأوروبية والصين التي أظهرت عدم وجود علاقة بين فئة الدم وقوة الفيروس، قررنا إجراء دراسة تشمل المجتمع اللبناني، وبما أن مستشفى رفيق الحريري يستقبل أكبر عدد من مرضى كورونا باشرنا في تجاربنا السريرية بهدف الإجابة ومعرفة حقيقة هذه النظرية".

مؤكداً أن "تجاربنا السريرية أظهرت ألا صحة لهذه الفرضية وأن فئة الدم لا تؤثر على زيادة مخاطر المضاعفات وخطر الإصابة وحتى الوفاة. وبالتالي لا يوجد فرق بين فئةA أو B أوO أو AB وتأثيرها على خطر الإصابة والمضاعفات بالكوفيد_19. وهذا ما يُحاكي نتائج عدة دراسات حول هذا الموضوع حتى الساعة، والتي كشفت غياب الصلة بين فئة الدم وقوة الفيروس وحدّته في الجسم".

إذاً، هذه النتائج الصادرة تشير إلى عدم صحة أن فئة الدم تؤثر في زيادة سوء حالة المريض إلا أنها تبقى دراسات حالية وقد يصدر لاحقاً دراسات أخرى تكشف لنا جوانب أخرى وحقائق جديدة حول هذا الفيروس المستجد الذي ما زلنا نتعلم منه الكثير".

لذلك، وبناءً على البيانات، يعمل الفريق الطبي وفق حسون "على دراسة الجينات وتأثيرها في تدهور حالات بعض المرضى. وعليه، باشرنا في إجراء هذه الدراسة إلا أنها ما زالت في بدايتها ونحتاج إلى مزيد من الوقت خصوصاً أن بعض الحالات التي سجلت في بعض العائلات ظهرت في الآونة الأخيرة نتيجة زيادة الإصابات بشكل مطرد في لبنان.
 

 
وبالإستناد إلى الدراسات التي أجريت في بريطانيا وغيرها تبين وجود جين مشترك بين المرضى الذين لقوا حتفهم بسبب الفيروس. وبالتالي حامل هذا الجين يكون معرضاً أكثر من غيره لمضاعفات الفيروس وخطر الوفاة. وعليه، نحاول دراسة دور هذه الجينات على المجتمع اللبناني لمعرفة من هم الأشخاص الأكثر عرضة لمضاعفات #كورونا".

وعن المناعة اللبنانية التي كثر الحديث عنها في بداية الجائحة مقارنة بالمناعة الأوروبية وغيرها، يشير حسون إلى أنه "صحيح تم الحديث عنها سابقاً إلا أنه لم يكن لدينا عدد إصابات كافية او مرتفعة. وكنا نتساءل طبياً هل معقول أن الشعب اللبناني لديه مناعة قوية لعبت دورها في عدم تسجيل إصابة في الأشهر الأولى لظهور الفيروس في لبنان؟ أما اليوم وبعد تفشي الفيروس في البلد، لم نُظهر اختلافاً كبيراً مع باقي الدول".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم