الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

العلاج المعرفي السلوكي...نحو الموضوعية في التفكير

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
تعبيرية
تعبيرية
A+ A-

 

في ظلّ الضغوط المستمرّة التي نتعرّض لها في حياتنا اليومية، وتُسبّب لنا التوتر كثيراً، وتؤثّر في الحالة النفسيّة لكثيرين، يبرز العلاج المعرفيّ السلوكيّ كأحد الحلول المثلى للمساهمة في التعامل مع القضيّة بموضوعية لا للتغاضي عن المسبّبات وبواعث التوتر أو الاكتئاب أو الأفكار السلبيّة، إنّما بما ينعكس إيجاباً على السلوك والحياة والمزاج.

في حديثها، تؤكّد الاختصاصية في العلاج النفسي العيادي للراشدين الدكتورة ناديا دندن أنه ليس ضرورياً أن يعاني من يلجأ إلى العلاج المعرفي السلوكي اضطراباً نفسيّاً بل يمكن أن يعاني من الضغوط الحياتية ومن تداعياتها على حياته المهنية أو الاجتماعية.

ما هو العلاج المعرفي السلوكي؟

صحيح أن العلاج المعرفي السلوكي ظهر أولاً في الستينيات إلا أنه أصبح أكثر انتشاراً وشعبية في مختلف الثقافات في التسعينيات، فصار استخدامه أكثر شيوعاً.

ووفق ما توضحه دندن أن هذه التقنيّة العلاجيّة تعمل على أسلوب التفكير لكلّ شخص مع ما لذلك من تأثير على مزاجه وحياته وسلوكه. انطلاقاً من ذلك، يتمّ التركيز على نمط التفكير السلبيّ ليتّجه أكثر نحو الموضوعيّة والمنطق.

 لا بدّ من التوضيح أن هذا العلاج لا يحفّز على التفكير بإيجابية خالية من المنطق بل على التفكير الواقعي والمنطقي. ونظراً إلى التأثير الواضح لنمط التفكير على السلوك والمزاج، يعمل العلاج على 5 مجالات تتفاعل مع بعضها لتؤثر في السلوك:

-الظرف

-الأفكار

-المشاعر

- السلوك

-ردّة الفعل الجسدية والأعراض الجسدية التي يمكن أن تنتج عن ذلك كالارتجاف أو غيره.

ما المسار الذي يتّخذه العلاج المعرفي السلوكي في الجلسات؟

خلال الجلسات، يسعى المعالج النفسيّ عامةً إلى مساعدة الشخص المعنيّ ليفهم كيفية تأثير نمط التفكير أو الأفكار السلبية التي لديه في سلوكه ومزاجه وحياته. انطلاقاً من هذا المبدأ العام، يتبع العلاج مساراً محدّداً ومنهجية واضحة في 4 مراحل، تسبقها مرحلة التقويم للحالة النفسيّة لمن يتلقّى العلاج؛ فهو تقويم للطرفين:

في المرحلة الأولى: التثقيف النفسيّ لفهم كلّ ما يتعلّق بالعلاج المعرفي السلوكي ومحاولة اختصار المشكلة وتحديدها بتفاصيلها وما تسبّبه من مشكلات. يحصل الشخص المعني هنا على المعلومات اللازمة فيما يُطلب إليه العمل بموازاة الجلسات على القراءة حول هذا الموضوع ليثقّف نفسه أكثر بعد.

في المرحلة الثانية: يتم العمل على المهارات، وفي الوقت نفسه يطلب المعالج إلى المريض - وفق ما توضحه دندن - أن يحضر بموازاة الجلسات عملاً إضافياً للبدء بتطبيق ما حصل عليه من معلومات عمليّاً في حياته على أساس ما اكتسبه من مهارات.

في المرحلة الثالثة: يُصبح لدى من يتلقّى العلاج المزيد من الوعي حول العلاج وما له من نتائج، ويتحوّل المريض إلى معالج لنفسه ليطبّق ما تعلّمه، وليُدرك كلّ ما يحصل معه ويشعر بارتياح واضح.

في المرحلة الأخيرة: يتمّ العمل على منع الانتكاسة فيما يحفظ المريض ما تعلّم، ويستخدمه عند الحاجة وفي أيّ ظرف من الظروف، علماً بأنّه في مرحلة ما يُمكن اتّخاذ قرار خفض عدد الجلسات عند ملاحظة تحسّن واضح في الحالة وعدم وجود حاجة إلى المزيد.

تجدر الإشارة إلى أن العلاج المعرفي السلوكي هو من العلاجات المنظّمة والممنهجة بشكل عام، وإن كان هناك تعديل في طريقة التعاطي مع الشخص بحسب ظروفه وحالته وغيرها من العوامل.

أما عدد الجلسات التي ثمة حاجة إليها فيراوح ما بين 12 و40 جلسة، مدّة كلّ منها 45 دقيقة تقريباً. لكن عددها يرتبط أيضاً بالحالة النفسيّة للشخص، كأن يعاني الاكتئاب أو الاضطرابات الغذائية أو اضطراب الوسواس القهري، كما يرتبط بالفترة التي لجأ فيها إلى العلاج. فعلى أساس التقويم الذي يجرى في المرحلة الأولى تحدّد فترة العلاج ونوعه.

كيف يختلف العلاج المعرفي السلوكي عن غيره من العلاجات؟

يختلف العلاج المعرفي السلوكي عن غيره من العلاجات المعتمدة للاضطرابات النفسية بكونه يعمل على هدف معيّن لا على الأعراض؛ ومختلف العلاجات تعود إلى الطفولة في مسار العلاج. أمّا في هذا النوع من العلاجات فيتم التعامل مع الحاضر.

ومن المهم في هذا العلاج خصوصاً أن يكون الشخص معنيّاً بالعلاج، ومتعاوناً مع المعالج. فقد يطلب المعالج مثلاً إليه - إذا كان يُصاب بالهلع من الصعود إلى الطائرة - أن يبدا تدريجاً، وبين الجلسات، بالاعتياد على الصعود إليها شيئاً فشيئاً حتى تصبح الأمور أكثر سهولة له. من الضروري أن يعمل بجدّية على ما يطلب إليه حتى يتحسّن تدريجاً.

قد يتناول المريض في فترة العلاج الأدوية التي يفترض به تناولها بسبب الاضطراب النفسي الذي يعانيه، أو يمكنه عدم تناولها بحسب حالته، خصوصاً أن الشخص الذي يلجأ إلى هذا العلاج قد لا يعاني اضطراباً نفسياً بل يمكن أن يمر بفترة من الضغوط النفسية والتوتر فيلجأ إليه.

 إن من يلجأ إلى هذا العلاج قد يكون في مرحلة عمريّة تمتدّ ما بين الطفولة حتّى الستينات. لكن التغيير يتمّ في طريقة التعامل مع المريض أثناء العلاج، وفقاً للمرحلة العمريّة. من هنا، تبرز أهمّية أن يتمتّع المعالج بالمرونة ليتأقلم مع كلّ شخص يتعامل معه.

مع الإشارة إلى أن جلسات العلاج قد تجرى بين المعالج والمريض أو ضمن مجموعة.

ما النتائج التي يُمكن توقّعها على أثر اللجوء إلى العلاج المعرفي السلوكي؟

يتطلّب العلاج التزاماً من الشخص، والحرص على القيام بما يطلب إليه، وخبرة من المعالج المتخصّص من جهة ثانية. ويتطلّب هذا العلاج الكثير من الصبر والجهد، وفق دندن التي تشدّد على أنّ ثمة مساراً طويلاً، يتطلّب جهداً، وهو ليس عبارة عن دواء يشفي المريض سريعاً. بفضل العلاج يتعلّم الشخص كيف يتمالك نفسه أمام الضغوط وكيف يعمل على تغيير سلوكه ليخفّف من تأثير التوتر عليه.

 

هل من مخاطر أو آثار سلبية لهذا النوع من العلاجات؟

ليست هناك أيّ مخاطر للعلاج المعرفي السلوكي، لكن حالة المريض قد تبدو متفاقمة في مرحلة ما، قبل أن تتحسّن، لكونه يتحدّث عن خبرات وتجارب مرّ بها، وقد تكون مزعجة وتتسبّب له بمشاعر سلبيّة. لكن هذا يشكّل جزءاً من العلاج حتى يتخطّى مخاوفه.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم