الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

بعد فضيحة التطعيم في مجلس النواب... مخباط لـ"النهار": "ما جرى تخبيص بمنهجية التطعيم وتعدٍّ على حقوق الناس"

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
استنسابية اللقاحات في لبنان
استنسابية اللقاحات في لبنان
A+ A-
كان يوماً حافلاً بالتبريرات والانتقادات للفضيحة الصحية التي هزّت مصداقية الدولة اللبنانية بنوابها المؤتمنين على حياتنا وأمننا، ووزارة الصحة المؤتمنة على صحتنا وكانت أول من خرق الاتفاق. لم يكن عبثاً أن يهز البنك الدولي العصا مُهدداً بتجميد تمويله لدعم اللقاحات في لبنان، وليس غريباً التبريرات غير المقنعة التي لجأ إليها بعض النواب بعد فضيحة تلقّيهم اللقاح في مجلس النواب. 
 
وفق مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية أن "أكثر من 50% ممن حصلوا على لقاح كورونا لم تسجّل أسماؤهم على المنصة، ما يعني تلقيح 0.52% فقط من المستهدفين في الأسبوع الأول. وبالتالي إن استمرار وتيرة التلقيح ببطء لن يمكّن من تلقيح 70% من المقيمين المستهدفين قبل 4 سنوات. 
الانتقادات في الأيام الأولى للتطعيم لم تدفع المسؤولين إلى تصحيح المسار، إلى أن انفجرت اليوم بإعلان رئيس اللجنة الوطنية للقاح الدكتور عبد الرحمن البزري بالاستقالة قبل أن يتراجع عنها من أجل التصدي، واعداً اللبنانيين "أننا سنكون شفّافين وسنتصدّى لكلّ خلل آخر". 
 
لم تشفع المحسوبيات في تسريع دور كبار السن والأطباء الذين ما زالوا ينتظرون أدوارهم وفق القانون، إلا أنها أفلحت في إعطاء بعض النواب اللقاح حتى ولو كانوا يستوفون الشروط والأولويات في مرحلة التطعيم. هذه الفضيحة دفعت ببعض العاملين إلى مشاركة قصصهم وتجربتهم في قصة التسجيل في المنصة، لكن لسان حال الناس تختلف عن واقع النواب والنافذين في لبنان. 
 
وبعد المعلومات التي أشارت إلى إصابة 30 نائباً و25 موظفاً في مجلس النواب بالكورونا، الأمر الذي سرّع في عملية التطعيم، إلا أن هذه الذريعة لا تخفف من وطأة الجرم، وكان يمكن لمجلس النواب الانعقاد في جلسة إلكترونية للاجتماع خصوصاً أن البعض تذرع بضرورة العمل والتشريع. علماً أن بعض النواب تحدث عن حال الإهمال تجاه الإجراءات الوقائية في بعض الأماكن داخل المجلس، ونتساءل: من يتحمل مسؤولية استهتار البعض؟ وهل هذا مبرر للحصول على اللقاح قبل غيرهم؟
 
 
أمام هذا الواقع، كتب الناشط والدكتور في الحقوق علي أحمد مراد على صحفته، قائلاً: "والدي الطبيب أحمد مراد من مواليد 1943 يقوم بواجبه الطبي والإنساني منذ بداية الجائحة. يعمل تطوعاً في الصفوف الامامية في قريتنا عيترون من خلال متابعته اليومية لإجراءات السلامة وقيامه بندوات توعوية وزيارات للمحال لتقديم المشورة وطبعاً زيارته لمرضى الكورونا ومتابعة حالتهم ٢٤/٢٤. 
 
في ٢٨ كانون الثاني ٢٠٢١، سجل والدي على منصة نقابة الأطباء ولم يصل دوره إلى الآن لأخذ اللقاح. وعند المراجعة كان الجواب أن الموضوع بات في عهدة وزارة الصحة لا عند النقابة. وهذا صحيح. ورفض والدي التواصل من أجل الإسراع في الحصول على اللقاح مع أنه من الكادر الطبي الذي يتعامل مع الجائحة بشكل مباشر". 
 
وأضاف مراد: "والدي لم يحصل على اللقاح في حين حصلت عليه حفنة من نواب يعملون في كل شيء إلا التشريع، حفنة من هياكل فاشلة من منظومة قاتلة فاسدة عفنة لا تمتلك الحد الأدنى من الأخلاق. أما القول إن المسألة قد حصرت بالنواب الكبار في السن، فهل انتظر النواب دورهم كما غيرهم من المواطنين الكبار في السن أيضاً؟ 
 
النواب سرقوا حق والدي وحق زملائه وحق كل كبار السن والمرضى في الحصول على اللقاح في هذا البلد.
تلقيح النواب قبل غيرهم هو شروع في القتل...".
 
تعدي على حقوق الآخر

من جهته، يتأسف الاختصاصي في الأمراض الجرثومية البروفسور جاك مخباط لِما جرى اليوم، هو الذي يكافح منذ سنة مع زملائه الأطباء في الصفوف الأمامية لمواجهة هذا الوباء، ويُعرّض حياته إلى الخطر نتيجة تأدية مهامه، يتفاجأ اليوم من تعاطي بعض المسؤولين مع اللقاحات، ويقول لـ"النهار": "إن الحلّ الوحيد في هذا البلد هو إحراقه وإعادة بنائه من جديد، وجرف البشر الموجودين على هذه الأرض. نحنا وللأسف لا نستحق هذا الوطن. حتى في مسألة الصحة والتطعيم "منزعبر ومنخالف". وما جرى اليوم هو سبب إضافي حتى ينتفض الشعب ويقرر تغير هذه الطبقة السياسية الفاسدة ، وطالما الشعب راضٍ بهؤلاء الحكام سنبقى نتلقى الضربات الواحدة تلو الأخرى وسيلتزم الشعب الصمت".
 
وفي رأي مخباط، "علينا كشعب أن نقف ونطالب بحقوقنا دون أي تعدٍ على حقوق الآخر وإلا سيكون مصيرنا الغرق إلى ما لا نهاية. علينا أن نعلم أن الجميع سيحصلون على اللقاح، والعمل الذي تقوم به وزارة الصحة كان لتأمين اللقاح لكل شخص. علماً أننا نتلقى يومياً آلاف الإتصالات لأشخاص يتمنون علينا التسريع في تلقيحهم والوساطة لتسريع دورهم ولكن للأسف ما لم نقبل بالقيام به، قبل به البعض ويريدون الحصول عليه قبل غيرهم".
 
ويمُيّز مخباط بين الخرق المقصود والخرق غير المقصود، شارحاً أنه "أحياناً تجد مراكز التطعيم جرعات متبقية نتيجة عدم قدوم كل المسجلين إلى موعد تلقيحهم، ما يدفع بالمسؤولين في المركز إلى الاتصال بكل الأشخاص المتوفرين للحصول على الجرعة حتى لا تذهب هدراً وتُرمى. وهذا الفعل هو خرق غير مقصود للاستفادة من الجرعات نتيجة تعذر وصول الأشخاص المعنيين (هم من الاولوية). وبذلك لا أكون قد تعديْت على حقوق الناس التي من حقها الحصول على اللقاح".
 
 
 
أما الخرق المقصود، فهو الحصول على اللقاح في ظروف غير ملائمة كما حصل اليوم في مجلس النواب، وهو المكان الخاطئ لتلقي اللقاح بغضّ النظر عن الفئة العمرية التي حصلت على اللقاح. فـ"قرار تحديد مراكز للحصول على التطعيم ليس اعتباطياً، وإنما ناتج عن متابعة صحية للمتلقي للتأكد من عدم حصول أي ردة فعل كالحساسية أو أي آثار جانبية. ماذا لو تعرّض أحد النواب الذين تلقوا اللقاح إلى ردة فعل كالحساسية القوية، من كان ليهتمّ بالعارض الصحي وكيف؟". 
 
ويستطرد مخباط، مؤكداً أنه "ليس هناك سبب كي يكون للنائب مكانة في المجتمع أكثر من غيره، فهو خادم للشعب وليس رئيساً على الشعب. حتى رئيس الجمهورية هو موظف يتقاضى راتبه من ضرائب الشعب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قائد الجيش المؤتمن على حمايتنا وليس قائداً علينا. وما قاموا به فعل غير مسؤول عرّض حياتهم للخطر (ماذا لو حصل عارض صحي بعد تلقي اللقاح؟) وأخطأوا بحق المنهجية المعتمدة للتلقيح. باختصار، ما جرى هو "تخبيص بطريقة تلقي اللقاح ومنهجية التطعيم، دون أن أدخل في أعمار النواب الذين تلقوا اللقاح".
 
وعن تحمل وزارة الصحة مسؤولية حصول النواب على اللقاح، يوافق مخباط أنها "تتحمل مسؤولية لأنها المسؤولة عن مهمة توزيع اللقاحات على المراكز وتنظيمها. لقد اقترفت خطأ وقامت بفعل غير واضح بالنسبة إلى حملات التطعيم. وكان من المفروض الالتزام بالبرتوكول المتبع في عملية التطعيم واحترام الأدوار والتواريخ كما يفعل المواطنون الذين يحضرون إلى المراكز وفق المواعيد المحددة لهم".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم