الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

كورونا- بين عودة الطلاب إلى الصفوف وخسارة العام الدراسي... أيهما أهون الشرّين؟

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
قلق الاهالي على اطفالهم مشروع
قلق الاهالي على اطفالهم مشروع
A+ A-

 

تبدو عودة الطلاب إلى مدارسهم من المسائل المعقدة في هذه المرحلة بانتشار جائحة كورونا وارتفاع أعداد الإصابات بشكل مخيف. ومن الواضح أنّ ثمة تضارباً في الآراء حول هذا الموضوع بين الأطباء أنفسهم والخبراء في المجال التربوي وبين الأهل حتى. وفيما يستمر عداد كورونا بتسجيل أعداد مرتفعة من الإصابات، أصدرت وزارة التربية قراراً بعودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة لصفوف الشهادة المتوسطة وشهادة البكالوريا بقسميها الأول والثاني. قوبل هذا القرار بموجة من الانتقادات لاعتباره لا يخلو من المخاطرة بصحة الطلاب وذويهم، وأيضاً لجهة

انتشار الوباء بمعدلات كبيرة في البلاد.

في الواقع، يبدو واضحاً أن اتخاذ أي قرار بشأن العام الدراسي هو موضع جدل لاعتبار أن مكوث الطلاب في

المنازل وخسارة عام دراسي جديد، صعبٌ وقد يكون ظالماً بحق الطلاب، خصوصاً أن العديد من الدول عادت وفتحت أبوابها بشكل أو بآخر. في المقابل، إن عودة الطلاب لا تخلو من المخاطر لأن ذلك يعرّضهم لخطر الإصابة ونقل العدوى على نطاق واسع، مع صعوبة ضبط الوضع، واحتمال انتشار الفيروس على نطاق أوسع في البلاد. فأيهما أهون الشرّين؟

من اليوم الأول لدخول طلاب الصفوف التي شملها قرار وزير التربية، بدأت تسجّل إصابات كورونا في مدارس عديدة. وما لا شك فيه أن الطلاب والمعلمات لم يتلقطوا العدوى داخل حرم المدرسة، بل إنهم كانوا مصابين

بالفيروس خارجاً وحضروا إلى المدرسة وتبينت الإصابة، سواء كان قسم منهم يعلم بذلك مسبقاً أو لا.

من المدارس التي سجّلت فيها إصابة من الأيام الأولى التي فتحت فيها أبوابها وفق قرار وزير التربية، مدرسة الفرير الجميزة. ففيما حرصت المدرسة على التقيّد بكافة الإجراءات الوقائية اللازمة بناء على توصيات وزارة التربية بحسب ما يوضح مدير المدرسة رودولف عبود، من تعقيم في المدرسة واستخدام الكمامات من قبل كافة المتواجدين فيها والتزام مبدأ التباعد الاجتماعي، إضافة إلى تواجد عدد قليل من الطلاب في الصفوف، تبين في اليوم الثاني أن أحد الطلاب في صف البكالوريا في القسم الثاني وشقيقه في صف البروفيه تغيبا عن الحضور بعد أن ظهرت عليهما أعراض المرض. هذا وقد أتت نتيجة فحص كورونا إيجابية، فبلّغ الأهل المدرسة مباشرةً في يوم الاربعاء. وبالتالي يؤكد عبود أن الطالبين حضرا فقط إلى المدرسة يوماً واحداً وكان هناك التزام تام بكافة التدابير الوقائية ما يعني استبعاد فكرة انتقال العدوى إلى الآخرين. على الرغم من ذلك، ورغم أن توصيات الوزارة تدعو إلى إقفال صف الطالب المعني فقط، تم إقفال المدرسة ليومي الخميس والجمعة مع متابعة للطلاب، ولم تظهر لدى أي منهم أعراض المرض.

 

ويشير عبود أيضاً إلى أن إدارة المدرسة أجرت اجتماعاً مع مسؤولين في وزارة التربية أكدوا فيه أنه في حال عدم ظهور أعراض المرض لدى أي من الطلاب، فلا حاجة لإجراء فحص كورونا لكافة الطلاب إذ إن الظروف المرافقة لا تعتبر ضمن مفهوم المخالطة للمصاب نظراً للتباعد واستخدام الكمامات. أما الطالب المصاب فسيمكثفي منزله خلال أسبوعين.

حتى اللحظة لا تزال كل حالة كورونا تسجّل في مدرسة تسبب حالة من الهلع بين المواطنين والأهالي بشكل خاص، وهذا على الرغم من تقيّد المدارس كافة بتوصيات وزارتي التربية والصحة. لكن ما لا شك فيه أن ظهور إصابات أمر متوقع وطبيعي، خصوصاً في ما يتعلق بالعدوى التي يمكن التقاطها خارج حرم المدرسة حيث إن الطلاب يتابعون حياتهم بشكل طبيعي في هذه الأثناء مع عائلاتهم. في الوقت نفسه، من المؤكد أن تواجد الطلاب في المدارس يزيد احتمالات نقل العدوى على نطاق واسع وانتشاره بمعدلات قد تخرج عن السيطرة، خصوصاً أنّه ما من تجارب سابقة مع الفيروس في هذا المجال، وهذا ما يبرر ميل بعض المدارس إلى الاستمرار بالتعليم من بعد بدلاً من خطة التعليم المدمج لأن احتمال انتقال العدوى لا يمكن أن يستبعد تماماً. هذا في مقابل مدارس أخرى فتحت أبوابها لكافة الصفوف وليس فقط لصفوف الشهادات المتوسطة والبكالوريا، في ظل انقسام الأهل بين مؤيد لهذه العودة ومعارض لها.

سجّلت أيضاً إصابة بكورونا في مدرسة الأخوة المريميين في عمشيت في الأيام الأولى التي فتحت فيها أبوابها. وفي حديثه مع النهار، أكد مدير المدرسة ناجي طوا أن أحد الطلاب وهو في صف البكالوريا القسم الأول، كان قد أجرى فحص كورونا وحضر إلى المدرسة قبل صدور نتيجة الفحص. فعلى الرغم من تشديد كافة الخبراء على ضرورة التقيد بالحجر عند إجراء الفحص بانتظار ظهور النتيجة، لا يزال البعض يتهاون في هذا المجال.

لكن أيضاً كان هناك التزام تام بالتباعد بين الطلاب في الصف الذي لم يصل عدد الطلاب فيه إلى الـ15. وكانت المدرسة حريصة منذ اليوم الأول على قياس الحرارة وفرض استخدام الكمامات على الكل إضافة إلى التباعد. لم تظهر أية أعراض على الطالب لكن أمه اتصلت في اليوم التالي مشيرةً إلى أن نتجية الفحص له ولوالده أتت إيجابية. على هذا الأساس تم إقفال الصف وأجريت عملية التعقيم والمتابعة لكافة الطلاب، لكن لم تظهر أية إصابة أو أعراض لدى أي منهم حتى اللحظة، وفق ما يوضحه طوا.

سُجّلت أيضاً إصابات أخرى في مدارس بين الطلاب أو بين المعلّمين منها مدرسة "الأفق" في صيدا حيث سُجّلت إصابتا معلّمتين فيها على أثر مخالطة معلّمة أخرى التقطت العدوى من شقيقها لم تكن تعلم بإصابتها لعدم ظهور أعراض عليها. فاتُخذت الإجراءات اللازمة بالتعقيم وبتعطيل كافة المعلمات على سبيل الوقاية. كما سُجّلت أيضاً إصابات في أوساط الهيئات التعليمية والإدارية في مدرسة الأنطونية في عجلتون وفي ثانوية رفيق الحريري في صيدا  وغيرها من المدارس، كما كان متوقعاً. لكن حتى اليوم يبدو واضحاً أن الأمور لا تزال تحت السيطرة ولا يزال عدد الإصابات محدوداً وتتخذ إدارات المدارس الإجراءات اللازمة لضبط الوضع. في المقابل يبقى السؤال مطروحاً حول ما إذا كان الوضع يمكن أن يبقى على حاله في الأشهر المقبلة في حال فتح المدارس لكافة الصفوف في موسم الانفلونزا المُتوَقَّع فيه أيضاً ارتفاع أعداد الإصابات بكورونا بشكل قد تخرج فيها الأمور عن السيطرة.

يُعتبر قلق الأهل على أطفالهم مشروعاً في ظل هذه الظروف، كما لا يمكن أن ننكر أن خسارة العام الدراسي يشكل أيضاً عبئاً لا يمكن الاستهانة به، خصوصاً في ظل التحديات الكثيرة والعوائق التي تواجه التعليم من بعد في لبنان على الرغم من كافة الجهود التي تبذل لتطويره. أي قرار يمكن ان يُتخذ في هذا الشأن قد يواجه تحديات وانتقادات مشروعة بانتظار أن تتضح الأمور بشكل أفضل حول الفيروس أو أن يصبح اللقاح متوافراً لتسهيل عملية مكافحته.

 

 

 

 

 

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم