تيتا "عليا" انتصرت على "كورونا" في عمر الـ 106... إبنها لـ"النهار": "الله العاطي"

 

الجميع ينادونها تيتا عليا، إبنة ديردوريت البالغة من العمر  106 سنوات، تحب الأرض وتعيش في كنفها. هي التي عاشت واختبرت حروباً وانتصارات، وجدت نفسها اليوم في معركة جديدة مع فيروس #كورونا. لم تسمع عنه كثيراً، هي التي تقضي أوقاتها في الأرض والقرية التي تعشقها، كُتب عليها أن تختبر معركة جديدة وتنتصر! أحدثت قصتها ضجة على مواقع التواصل الإجتماعي، هي التي هزمت الفيروس بصلابتها وإيمانها ومحبتها، تستحق اليوم أن نعرف قصتها وتفاصيل حياتها التي جعلتها أيقونة الصلابة والقوة.

إحتاجت إلى الدخول يومين إلى المستشفى قبل أن تعود أدراجها إلى بلدتها الشوفية، هزمت الفيروس دون أن تعرف تفاصيله، برأيها كان عليها الخروج بأي ثمن من المستشفى لأنها لم تتحمل البقاء وحيدة بين الجدران الأربعة. لم تعتد البقاء بمفردها، فمنزلها مفتوح طيلة الوقت في وجه الأصدقاء والمحبين والأقارب. عادت اليوم إلى منزلها وقريتها، ومعها عاد الأمل للكثيرين "لا شيء مستحيل".

تحذيرات كثيرة رافقتنا طوال الأشهر الماضية، أن كبار السن هم أكثر عرضة لمضاعفات كورونا، لكن ما جرى مع تيتا عليا جعلنا ندرك أن حب الحياة يفوق كل التوقعات، وأن هناك دائماً أسئلة لن نجد لها جواباً مهما حاولنا.

 

يروي إبنها الياس في حديثه لـ"النهار" تفاصيل ما جرى بالقول: "لا تعاني والدتي من أي مشاكل صحية لا سكري ولا ضغط، وصحتها جيدة "الحمدلله". تحب الأرض كثيراً وكانت تهتم في زراعة الأرض والاهتمام بها، ولكنها اليوم عاجزة عن المشي بعد إصابتها بالفيروس وتحتاج إلى بعض الوقت لستعيد نشاطها في الحركة والمشي. ما يهم أنها انتصرت على الكورونا وأنها اليوم في صحة جيدة".

لا يُخفي ابنها ما أحدثه دخولها إلى المستشفى من آثار نفسية على صحتها "لم تتقبل وجودها في المستشفى وحيدة، كانت حزينة ولم تعد تأكل جيداً وظنت انها في مأوى وليس في المستشفى. ونتيجة حالتها النفسية، أخرجناها من المستشفى بعد يومين لتعود إلى منزلها، ولم تحتج سوى إلى بعض الأوكسجين في المستشفى ولم تكن تعاني من أعراض قوية أو حادة".

 

ويشير الياس إلى أنها "عانت من حرارة مرتفعة، ولكن لم نفكر للحظة بأنها قد تكون مصابة بالفيروس. توجهنا بها إلى مستشفى بعقلين التي رفضت استقبالها بسبب الحرارة واحتمال الإصابة بكورونا. وعليه، ذهبنا إلى مستشفى عين وزين حيث خضعت لفحص كورونا لتكون المفاجأة أن النتيجة إيجابية. لم تتقبل وجودها في المستشفى، كانت حزينة جداً وتردد "اريد أن أموت في منزلي وليس في المستشفى". تابعها طبيب متخصص الذي عالجها قبل أن تغادر المستشفى وبقي يتابعها في المنزل، والحمدلله جاءت النتيجة اليوم سلبية. لم نعرف كيفية انتقال العدوى إليها، ولكن ما نعرفه أن بابها مفتوح أمام الجميع العائلة والأقارب والأصدقاء وأهل الضيعة. الكل يحب زياردتها وقضاء وقت معها".

تتذكر كل شيء وتسرد تفاصيل الحروب وما اختبرته في سنوات عمرها الطويلة، فصول حياتها ما زالت تتذكرها وتعيد سردها لكل من يزورها. تفكر في الأرض، بينهما علاقة خاصة واستثنائية، حبها للأرض يجعلها تعيش في احضانها طوال الوقت. حتى وهي مريضة، كانت تفكر بالأرض وكيف ستقوم بقطف الزيتون. هي إبنة الأرض، كانت تربي القزّ وتهتم بالمحصول الزراعي، عاشت حياتها بين الحقول ومنها تستمد قوتها وصلابتها وعطاءها اللامتناهي.

لدى تيتا عليا 8 أولاد، 6 فتيات وشابين بالإضافة إلى أحفادها الخمسة وعشرين الذين يزينون منزلها اليوم  بضحكاتهم وأخبارهم وعجقتهم نهار الأحد. وفق ابنها الياس "ما زال حتى الساعة تقوم بالتطريز و"بعدا لهلق بتعبي الإبرة، الله العاطي". عادت بعد شفائها من الفيروس إلى حياتها التي تحب وعاداتها اليومية التي تتمسك بها ومنها التطريز. تحب منزلها والجبل، ولا تحب النزول إلى بيروت كما جرت العادة في كل سنة في مثل هذا الوقت. تريد البقاء فوق، وتشعر بالفرح في وجود الناس والأحباء بقربها، هي التي تشتهر بكرمها ومحبتها وضحكتها الدائمة".

تتذكر تيتا عليا كما يقول ابنها "على حروب كثيرة ومنها حرب 1914، وكانت حرباً قاسية وسادت المجاعة ولكنها تروي لنا أنها لم تعرف الجوع لأن والدها كان يعرف كيف يؤمن الطعام. تعبت كثيراً في حياتها وفي الأرض ولكن الحمدلله "ما زالت بصحتها" وهيدا أهم شي".