الإصابة بالفيروس بعد الجرعة الأولى... هل يعاني الشخص أعراضاً أكثر شدّة؟
22-07-2021 | 11:23
المصدر: النهار
نتعلّم كلّ يوم أشياء جديدة مع هذا الفيروس. تُكتشَف معطيات ونراقب تبعات حملات التطعيم ونسبة تعرّض الملقَّح إلى الفيروس. كلّ الأمور ما زالت ضبابية، ولا أجوبة شافية 100%، فما زالت الدراسات تتابع الأشخاص وما زال الفيروس يواصل تحوّراته. وبين موجات الفيروس المنتشرة في أكثر من دولة ومسار التطعيم، ظهرت حالات لبعض الأشخاص الذين أُصيبوا بالفيروس بالرغم من تلقّيهم الجرعتين.
نسبة قليلة من الأشخاص الملقَّحين قد يُصابون بالفيروس، وتُسمى بـ"حالات اختراق اللقاح". أي على الرغم من أنّ هؤلاء الأشخاص المطعّمين أقلّ عرضة لخطر المرض، إلا أنه يُسجل بعض الحالات الاستثنائية التي قد تواجه أعراضاً شديدة. في المقابل، قد يُصاب الملقَّح بالفيروس من دون أيّ أعراض، وهذا ما دفع بالباحثين إلى التعمّق أكثر في مدى شيوع هذه الحالات والمقارنة بينها.
لكن ماذا عن الذين تلقّوا جرعة واحدة؟ إذ سُجّلت حالات كثيرة لأشخاص تلقّوا الجرعة الأولى من اللقاح، ولكنهم سرعان ما أُصيبوا بالفيروس وعانوا أعراضاً متوسّطة. فهل حقاً هذه الفئة عرضة لمضاعفات أو ظهور أعراض أكثر شدّة من غيرهم؟ وما الذي يحدث للجسم ليتفاعل بهذا الشكل؟
تستمرّ الدراسات العلمية للإجابة عن أسئلة كثيرة. وتوصّلت دراسة إلى أنّ هناك بعض الأدلّة التي تشير إلى أنّ التطعيم يحمي الأشخاص من الدخول إلى المستشفى، أو يقلّل من خطر الوفاة مقارنة بالأشخاص غير المطعّمين. ومع ذلك، ظهرت بعض الحالات النادرة، التي أُصيبت بأعراض شديدة، استدعت دخولها المستشفى برغم تلقّيها الجرعتين.
في البيانات الصادرة نهار الخميس، أفاد مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC "أنّ نحو 5800 شخص على الأقلّ أصيبوا بالمرض أو ثبتت إصابتهم بالفيروس بعد أسبوعين أو أكثر من حصولهم على الجرعة الثانية من لقاحَي "فايزر" أو موديرنا".
وحسب الـCDC، فإنّ "40% من الأشخاص الذين أُصيبوا بالفيروس بعد التطعيم هم فوق الـ 60 عاماً، و65% نساء. كما أنّ 29% لم تظهر عليهم أيّ أعراض، فيما احتاج 7% إلى دخول المستشفى و1% لقوا حتفهم".
نعود إلى الإصابة بالفيروس بعد الجرعة الأولى. يؤكد الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور بيار أبي حنا لـ"النهار"، أنّ "الجرعة الواحدة لا تؤمّن مناعة كافية، وهذه المناعة لا تصبح كاملة إلا بعد مرور أسبوعين على تلقّي الجرعة الثانية من اللقاح. وقد أظهرت بعض الدراسات أنّ الجرعة الواحدة من اللقاح لا تؤمّن حماية كافية ضدّ متحوّر "دلتا"، مقارنة بالحماية المؤمّنة ضد المتحوّرات الأخرى. وإذاً لا يمكن للشخص أن يكوّن الحماية الكاملة، إلا بعد حصوله على الجرعتين من اللقاح".
وعن تسجيل أعراض أقوى أو أشدّ لدى الشخص الذي تلقّى جرعة واحدة وأُصيبَ بالفيروس، يرى أبي حنا أنّ "هذه المعلومات غير دقيقة وصحيحة. ولا يتأذى أو يعاني الشخص أعراضاً شديدة أكثر من الذي أُصيب بالفيروس وهو غير ملقّح نهائياً. صحيح أنّ كلّ جسم يتفاعل مع الفيروس بطريقة، وأنّ مناعة كلّ شخص تختلف كلياً عن شخص آخر، إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ الأشخاص الذين تلقّوا جرعة من اللقاح ثم أُصيبوا بالفيروس يعانون أكثر من غيرهم. صحيح أنّ الجسم لم يكوّن أجساداً مضادّة كافية لمحاربة الفيروس، إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ المرض سيكون أكثر شدّة عليه مقارنة بالذين لم يتلقّوا اللقاح".
ويوضح أبي حنا أنّ "غير الملقح ليس محمياً وهو معرّض للإصابة بالمرض، وقد يكون شديداً أو خفيفاً حسب كلّ جسم. أما الذي تلقّى جرعة واحدة من اللقاح فلديه حماية جزئية (40% تقريباً ونسبة الحماية تنخفض مع "الدلتا") بعد مرور أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من تلقّيه الجرعة، فيما يحظى الشخص الملقّح بجرعتين بحماية كاملة. وأكثر الأشخاص الذين يدخلون اليوم المستشفى هم غير الملقّحين، ولكن لم تُسجَّل أعراض مختلفة عما كنا نراها سابقاً. وعليه، يمكن القول بأنّ اللقاح يحمي ولا يمكن إنكار هذه الحقيقة العلمية".
وبرغم ذلك، يشدّد الاختصاصي في الأمراض الجرثومية على أنّ ذلك لا يعني أنّ الملقّح محميّ ولا يحتاج إلى الالتزام بإجراءات الوقاية. بل على العكس، يجب عليه ارتداء الكمامة في الأماكن المغلقة أو المكتظّة، والإبقاء على التدابير الوقائية. لأنه، رغم التطعيم، يبقى معرّضاً لالتقاط العدوى، وقد يكون من الحالات النادرة التي قد تعاني المرض الشديد أو أعراضاً قوية. وهناك أشخاص لأسباب معيّنة قد لا يحظون بحماية كاملة، لذلك يجب عدم التعرّض للفيروس والالتزام بالوقاية والتباعد الاجتماعي وخصوصاً في هذه الأوضاع".